"كانت المنظومة الأمنية الإسرائيلية في أفضل حالاتها، على عكس ما حدث في 7 تشرين الأول (أكتوبر)"، بحسب تحليل السرب 201 التابع لسلاح الجو. لقد تم اعتراض وابل من الطائرات الإيرانية من دون طيار والصواريخ البالستية الشديدة الخطورة، كانت ليلة طويلة احتاجت فيها إسرائيل إلى كل حلفائها للدفاع عنها، وحاولت أن تشكل طوقاً من 10 دول يقيها أول هجوم إيراني مباشر يخرج من الأراضي الإيرانية ضدها.
نشرت مجلة "يديعوت أحرونوت" تقريراً للصحافي رعنان شاكيد الذي التقى قائد الوحدة 201 وكبار طياريها في قاعدة رامون، وتطرق إلى ما يمكن نشره حول ليلة 13 نيسان (أبريل) الماضي، رغم منع النشر الذي تفرضه الرقابة العسكرية الإسرائيلية وسياسة التعتيم على الأحداث ومحاولة خلق سردية يتكئ عليها الإعلام الإسرائيلي، في ظل التباينات في المواقف بين الإدارة الأميركية وحكومة بنيامين نتنياهو.
سيناريو يوم القيامة
يصف شاكيد ليلة الهجوم بالمسيرات والصواريخ الإيرانية بالليلة التي حملت الكثير من التوتر: "لا محالة أن لا نتذكر جلستنا أمام التلفاز تلك الليلة: القلق الهائل، والخوف العظيم. كان البث المباشر لمشاهد مئات الطائرات من دون طيار والصواريخ البالستية التي تم إطلاقها مباشرة من إيران باتجاه الأراضي الإسرائيلية بمثابة سيناريو يوم القيامة".
اعترض الأميركيون جزءاً من القصف حتى قبل أن يصل إلى إسرائيل، لكن كل ما تمكن من الوصول إلى خط الدفاع الأخير اصطدم بمنظومة الدفاع الأرضية، وبخاصة بطياري سلاح الجو.
ويلفت شاكيد إلى أن "الطيارين عامةً؛ قوة جوية مختلفة اليوم عن تلك التي واجهتها، إذا واجهتها، أثناء خدمتك العسكرية. لقد تم تقريباً محو الغطرسة والتمايز القديمين واستبدال بعض المعرفة والاحترافية والقدرة على التحدث من جميع الارتفاعات بهما".
خلال جولته في قاعدة رامون التقى شاكيد الصحافي الإسرائيلي أفيعاد دغان، قائد الوحدة السابق بين عامي 2010-و2013 وهو الآن مجرد طيار كبير، الذي قال: "كانت هذه رحلة شديدة الخطورة، ولكنها كانت أيضاً حدثاً يشمل النظام الأمني بأكمله، ولكي تتمكن طائراتنا من اعتراض كل شيء، كان يجب أن يكون النظام الأمني في أفضل حالاته، لقد كان الأمر على عكس السابع من تشرين الأول عندما كنا في الداخل".
وكان الناطق باسم الجيش دانيال هغاري قد أشار إلى أن إيران أطلقت أنواعاً مختلفة من الصواريخ والمسيرات، وأنه تم إسقاط 10 صواريخ كروز خارج الحدود، واعتراض أكثر من 200 صاروخ أي 99 في المئة، مؤكداً إصابة مطار عسكري وقاعدة للجيش في الجنوب بأضرار في البنية التحتية.
لكن إذاعة الجيش الإسرائيلي تحدثت، في اتجاه مغاير، عن فشل المنظومة الأميركية في التصدي للصواريخ البالستية الإيرانية، وعن أنه من بين 8 صواريخ أميركية أطلقت من البحر في اتجاه الصواريخ الإيرانية نجح 2 منها فقط، أي ما يقارب 25 في المئة، فيما ذكرت شبكة "بلومبرغ" الأميركية أن طهران أطلقت واحدة من أكبر الصليات البالستية في التاريخ، وأن الوابل الصاروخي أصاب هدفه الذي يبدو من بين أمور أخرى، أنه قاعدة نيتافيم ومطارها.
ويستعيد أفيعاد دغان صورة ما حصل قائلاً: "بينما نبتعد عن الأرض، من اليسار ترتفع رشقات السهام الأولى، نحاول الابتعاد عنها، ثم ترتفع رشقات أيضاً من اليمين. هذه أعمدة تشبه إطلاق سفينة فضائية في الليل، والشيء التالي الذي تراه أثناء الإقلاع- وهو أمر سوريالي-هو نوع من الموجات في الفضاء، مثل التموجات، وفي مرحلة ما تضيء بعض التموجات، لأن هذه هي الشظايا التي تعود إلى الجو، فتشعر وكأن طوفاناً من نار ينزل عليك من السماء. يبدو الأمر كأنه سيناريو هارمغدون، حيث تتعرض البلاد بأكملها لمئات الحرائق، لكنك تدرك أنها لا تصل إلى الأرض حقاً. وتبدو في الهواء كما لو أن "حرب النجوم" قد بدأت بالفعل. إنه مشهد غريب للغاية، وربما لن أواجهه مرة أخرى".
أشبه بألعاب فيديو
كاد أفيعاد و"أ" القائد الحالي للسرب 201، يفوّتا الحدث منذ لحظة إقلاع المسيرات وحتى وصولها فعلياً من إيران، "ما نقوم به عملياً هو العمل بمجوعات على شكل خلية ميدانية، تقوم بدورياتها وحراستها، كل في حقله، وهذه هي الطريقة التي نحلق بها حول البلاد"، يشرح الصحافي في تقريره.
يشرح دغان: "في مرحلة ما، يخبرنا المراقب أنها في موقع معين. نجري الحسابات، ونعلم أنها تطير ببطء نسبياً وندرك أنها ستصل إلى حقلنا خلال ساعة وربع ساعة فقط، ونحن نناقش ما يجب القيام به، لأن الوقود لدينا لن يكون كافياً، لكن كطيار، ليس لدي طريقة أخرى للقيام بذلك. سنغادر إلى محطة البنزين، وسنتزود بالوقود، وسيستغرق الأمر نصف ساعة، وسنصل في الوقت المحدد". ويضيف: "دقائق قليلة بعد عودتنا إلى هناك وصل سرب مجنون من الطائرات الإيرانية، وانتشرت على مسافة كيلومترين، حصلنا على تنبيه من طائرة F-35 التي ترى مكانها بالضبط، قمنا بضبط الرادار، وتأكدنا من أنها ليست طائرة من طراز سيسنا أو واحدة من طائراتنا. حدث هناك انفجار كبير كانت قريبة جداً".
ويوضخ "أ" أن الصواريخ "كانت تطير طوال الوقت، وأصواتها صاخبة نسبياً، وعليك أن تكون محترفاً للغاية وألّا تسقط على الأرض عن طريق الخطأ، وألّا تصطدم بإحدى الطائرات الأخرى، ربما استغرق الأمر برمّته 20 دقيقة. هذا كثير بالمناسبة. تستمر المعارك الجوية العادية من ثلاث إلى أربع دقائق ثم ينفد الوقود هنا، كانت 20 دقيقة في مقطورة من النوع الذي لم تختبره من قبل".