النهار

إسرائيل تعود لساحات القتال القديمة... وأميركا: غزة لن تعود لإدارة حماس
المصدر: النهار العربي، رويترز
بعد مرور سبعة أشهر على اندلاع الحرب، عادت القوات الإسرائيلية للقتال في مناطق بشمال قطاع غزة يفترض أنها طهرتها قبل أشهر، ما يسلط الضوء على الشكوك المتزايدة إزاء هدف القضاء على "حماس"
إسرائيل تعود لساحات القتال القديمة... وأميركا: غزة لن تعود لإدارة حماس
أطفال فلسطينيون في النصيرات وسط غزة (ا ف ب)
A+   A-

بعد مرور سبعة أشهر على اندلاع الحرب، عادت القوات الإسرائيلية للقتال في مناطق بشمال قطاع غزة يفترض أنها طهرتها قبل أشهر، ما يسلط الضوء على الشكوك المتزايدة إزاء هدف القضاء على حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) الذي تعلنه الحكومة الإسرائيلية.

 

وبينما بدأت الدبابات في التوغل داخل مدينة رفح جنوباً، حيث يقول الجيش الإسرائيلي إن آخر أربع كتائب كاملة تابعة لـ"حماس" متحصنة هناك، يدور قتال عنيف في منطقة الزيتون بمدينة غزة وفي محيط جباليا شمالي المدينة، وكلاهما سيطر عليه الجيش العام الماضي قبل أن يواصل تقدمه في القطاع.

 

ووسط ضغوط دوليّة لوقف إطلاق النار، يسلّط تجدّد القتال هناك الضوء على القلق في إسرائيل من أن عدم وجود خطة استراتيجية واضحة لغزة سيترك "حماس" مسيطرة فعلياً على الجيب الذي تحكمه منذ عام 2007.

 

وبينما تحتفل إسرائيل بأحد أيام استقلالها الأكثر كآبة اليوم الثلثاء، تبدو نهاية الحرب بعيدة المنال أكثر من أي وقت مضى.

 

ويبدو أنّ "حماس" المختبئة في شبكة الأنفاق الواسعة الممتدة تحت أنقاض غزة تحتفظ بدعم واسع النطاق وسط السكان الذين أفجعتهم الحملة العسكرية الإسرائيلية التي أودت حتى الآن بحياة أكثر من 35 ألف فلسطيني وأجبرت معظم سكان القطاع على ترك ديارهم.

 

وقال ميخائيل ميلشطاين، ضابط المخابرات العسكرية السابق وأحد أبرز الخبراء الإسرائيليين في شؤون "حماس"، إنّه "إذا اعتمدنا على استراتيجية الاستنزاف المستمر أو العمليات المحددة ضد حماس، فإنه لن يتحقق هدف انهيار حكومة أو مقاتلي الحركة".

 

"حماس لن تعود لإدارة غزة"
 

وقال نائب وزير الخارجية الأميركي كيرت كامبل، أمس، إنّ واشنطن تشك في قدرة إسرائيل على تحقيق "نصر كاسح في ساحة المعركة".

 
ومساء اليوم، قالت وزارة الخارجية الأميركية، إنه "لا يمكن أن يعود قطاع غزة لإدارة حركة حماس ولا أن يصير منطلقا لشن هجمات ضد إسرائيل"، مشيرة إلى أنه "إذا لم يكن لدى إسرائيل خطة سياسية لمستقبل غزة فسيستمر التهديد وستجد نفسها غارقة في العنف". 
 
وأضافت أن "واشنطن لا تريد أن ترى عملية كبيرة في رفح ولم نر ذلك حتى الآن... ما زلنا نعتقد أن إنجاز الصفقة هو أفضل طريقة لإنقاذ الرهائن وتجنب عملية عسكرية واسعة النطاق".
 
 

 

حلفاء متشددون

قال مسؤولون أمنيون إنّه خلال الأسابيع القليلة الماضية دعا مسؤولون حكوميون رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى صياغة سياسة واضحة للتعامل مع غزة في "اليوم التالي" لانتهاء الحرب.

 

غير أنّ نتنياهو يصرّ حتى الآن على تحقيق النصر الكامل استجابة لضغوط حلفائه من اليمين المتشدد مثل وزير الأمن الوطني إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش اللذين يحتاج إلى دعمهما للحفاظ على تماسك ائتلافه الحاكم.

 

وعلى الرغم من الدعوات الدولية لإحياء جهود إيجاد حلّ للصراع المستمر منذ عقود، رفضت الحكومة الإسرائيلية مراراً الحديث عن تسوية سياسية كما ترفض النظر في أي خطوات نحو إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

 

وجعل ذلك الحكومة الإسرائيلية مضطرة إلى البحث عن حل عسكري بحت، وهو ما أدى إلى تعقيد مهمة القوات على الأرض.

 

وذكرت "القناة 13" التلفزيونية الإسرائيلية هذا الأسبوع أنّ هرتسي هاليفي، رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، أخبر نتنياهو أنّه بدون سعي جدي لبناء حكومة فلسطينية بديلة في غزة، سيظل الجيش يبذل جهداً لا ينتهي حتى يلحق الهزيمة بـ"حماس".

 

وتحدث مسؤولون إسرائيليون في السابق عن توفير بديل في غزة من خلال الاعتماد على زعماء مدنيين، أو من العشائر المحلية، غير مرتبطين بـ"حماس" أو السلطة الفلسطينية التي تمارس شكلاً محدوداً من السيادة في الضفة الغربية.

 

وقال ميلشطاين إنّ هذه الجهود أثبتت عدم جدواها. وأضاف أنّ "حماس لا تزال القوة المهيمنة في غزة، بما في ذلك في الأجزاء الشمالية من القطاع".

 

 

"ماذا بعد رفح؟"

على النقيض تبدو الأهداف الإستراتيجية ليحيى السنوار، زعيم "حماس" في غزة، واضحة، وهي الخروج من الحرب بالقدر الكافي من القوة اللازمة لإعادة البناء، وهو ما ينعكس في إصراره على الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية كشرط للتوصّل إلى أي اتفاق لوقف إطلاق النار.

 

وقال مسؤول فلسطيني غير متحالف مع "حماس" قريب من المحادثات المتوقفة بوساطة مصرية وقطرية: "هذه كلها تكتيكات للنجاة من قبل حماس، وإسرائيل ستجد نفسها عاجلا أمام السؤال: ماذا بعد رفح؟".

 

ولا يزال من غير الواضح عدد المسلحين من "حماس" والجماعات المسلحة الأخرى في غزة الذين قتلوا. ولا تُفرّق الأرقام التي تنشرها وزارة الصحة في غزة بين المدنيين والمسلحين.

 

وقال نتنياهو نفسه هذا الأسبوع إنّ عدد المسلحين الذين قتلوا يبلغ نحو 14 ألف، وهو ما يمثّل تقريباً نصف العدد الإجمالي لمسلحي "حماس" الذي قدره الجيش الإسرائيلي في بداية الحرب.

 

وتقول "حماس" إنّ التقديرات الإسرائيلية تبالغ في أعداد القتلى، وعلى أي حال فقد قام المسلحون بتعديل تكتيكاتهم مع انهيار وحداتهم المنظّمة.

 

وعلى الرغم من الضغوط الأميركية الشديدة لعدم شن هجوم على رفح، التي تضخّم عدد سكانها بمئات الآلاف من النازحين الفلسطينيين، فقد بدأت الدبابات الإسرائيلية في التوغّل داخل المدينة. ولا يزال من غير الواضح ما الذي سيواجهونه في شوارعها الضيّقة إذا شنوا هجوماً واسع النطاق.

 

وقال مسلّح من أحد الفصائل: "مقاتلونا يختارون معاركهم، ولا يسمحون للاحتلال بفرض زمان ومكان المعركة عليهم، لأننا لسنا فئتين متكافئتين من الناحية العسكرية".

 

وأضاف: "ليس من الضروري أنه نتواجه وجهاً لوجه دائماً، لكن المحتلين والغزاة سيخسرون جنودا وآليات كل يوم، في كل الأماكن في قطاع غزة".

 

ومن غير الواضح إلى أي مدى ستتوغل إسرائيل. ولا تزال الاستطلاعات تظهر تأييداً واسع النطاق للحرب بين السكان الذين ما زالوا يعانون من الصدمة بسبب الهجوم الذي قادته "حماس" في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) والذي أدى إلى مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 آخرين في غزة أسرى.

 

ولكن الاحتجاجات الأسبوعية التي تقوم بها عائلات الأسرى بسبب الفشل في إعادة من ما زالوا في الأسر إلى وطنهم، أظهرت أنّ هذا الدعم يقابله غضب تجاه الحكومة التي يلقي معظم الإسرائيليين عليها اللوم في الإخفاقات الأمنية التي سبقت الهجوم.

 

وقال يوسي ميكيلبيرغ، الزميل المشارك في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مركز "تشاتام هاوس" البحثي في لندن، إنّ مضايقة نتنياهو وبعض وزرائه في احتفالات يوم الذكرى لقتلى الحروب الإسرائيليين تُظهر مدى عدم رضا الرأي العام في البلاد.

 

وأوضح: "ترى بعض ممثلي الحكومة يأتون إلى المقابر، ويواجه بعضهم، عدد غير قليل منهم، عائلات غاضبة للغاية وآخرون يلومونهم على ما حدث في الأشهر السبعة الماضية".

الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium