باهتمام كبير، تناولت الصحف والمواقع الإخبارية الإسرائيلية خبر مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين أمير عبد اللهيان. وكان القاسم المشترك بين الصحافيين والسياسيين أن الخبر ليس سيئاً بالنسبة إلى إسرائيل، فقد يكون النظام في طهران الآن أكثر انشغالاً بنفسه وقد يضغط بشكل أقل على "حزب الله" لإبقاء الجبهة العسكرية نشطة ضد الجيش الإسرائيلي، لكن ذلك يبدو تقديراً مفرطاً في التفاؤل.
صحيفة "هآرتس" كتبت في صفحتها الأولى أن "مقتل رئيسي قد يجعل من الصعب إلى حد ما، على أذرع إيران شن الحرب، وقد تقود وفاته الجمهورية الإسلامية إلى أزمة خلافة وتضر بالثقة الداخلية في النظام، والتي تعتبر منخفضة بالفعل".
وكتب المحلل العسكري للصحيفة عاموس هاريئيل أن "النجاح الاستراتيجي الذي تتمتع به إيران وأذرعها في الحرب الحالية يخلق إحباطاً كبيراً في إسرائيل، وليس من المستغرب في ظل هذه الظروف أن نميل إلى نسيان الوجه الحقيقي للنظام في طهران، تلك المجموعة القاسية والفاسدة من رجال الدين وضباط الحرس الثوري، التي يكرهها قسم كبير من الإيرانيين، فإن لهذا أيضاً عواقب واضحة على طبيعة السلوك اليومي للنظام".
وأضاف هاريئيل: "لقد كلف الدعم الإيراني لحركتي حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله اللبناني حياة الآلاف من الإسرائيليين، وأحياناً حياة اليهود في الخارج. كما أن لطهران صلة مباشرة بكل ما حدث هنا منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، حتى لو كانت قيادة حماس في قطاع غزة توجهت إليه من دون تنسيق مسبق".
ورأى أن "اختفاء المروحية جاء في وقت شعر فيه النظام الإيراني بأن له اليد العليا. إن استراتيجية "حزام النار" التي صاغها الجنرال قاسم سليماني، والتي يتمثل هدفها الأساسي في تطويق إسرائيل بميليشيات مسلحة بعشرات الآلاف من الصواريخ والقذائف، بدأت تؤتي ثمارها بعد نحو أربع سنوات من اغتياله. ومستوى التنسيق بين التنظيمات في مختلف المجالات يزداد صرامة بتشجيع إيراني. إسرائيل لم تُهزم، بل تلقت ضربة قوية في 7 تشرين الأول، ومنذ ذلك الحين لم تتعاف حقاً، وما زالت في فخ استراتيجي، على جبهات عدة".
واعتبر أن وفاة رئيسي في مثل هذا الوقت "ستوجه ضربة قوية للنظام. ويمكن الافتراض أن قوى الأمن الداخلي تستعد لقمع موجة من مظاهر الفرح بالقوة. وكان رئيسي، وفقاً لتقارير نشرت أخيراً في الصحافة البريطانية والأميركية، أحد المرشحين الرئيسيين ليحل محل خامنئي البالغ من العمر 85 عاماً، والمرشح الآخر هو نجل الزعيم الروحي مجتبى".
وأقر هاريئيل بأن الإيرانيين يتمتعون بإنجازات علمية وتكنولوجية وعسكرية، لكنه قال إن مستوى بنيتها التحتية ليس مرتفعاً ولها في الماضي تاريخ طويل من الحوادث الجوية، بسبب نظام العقوبات الذي فرض عليها ويتم تطبيقه ضدها منذ سنوات ويتطلب استخدام بقايا الطائرات والمروحيات المصنوعة في الولايات المتحدة، والتي تم شراؤها في أيام الشاه.
احتمال تورط إسرائيل في الحادث مستبعد، وقد نفاه مسؤول أمني، بحسب ما نشرت القناة 12 الإسرائيلية، على الرغم من عدم صدور أي نفي رسمي، فمن الصعب جداً تصور الحكومة حتى في الظروف الصعبة الحالية، تخاطر بالقيام بمثل هذه الخطوة.
ونشرت صحيفة "معاريف" لقاءً للبروفسور في مركز التحالف للأبحاث الإيرانية ديفيد منشاري مع المحلل السياسي بن كاسبيت، الذي قال إن من السابق لأوانه معرفة رد الفعل الشعبي، لكن مقتل وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان على وجه التحديد هو الذي سيؤثر على السياسة الخارجية لطهران، فعبد اللهيان يشبه كثيراً قاسم سليماني، وهو المسؤول عن العلاقات الإيرانية مع الأذرع، وقد تم نقل المنصب إليه بعد مقتل قائد فيلق القدس، وتمكن ملاحظة ذلك من عدد المرات التي زار خلالها لبنان منذ تشرين الأول الماضي.
كما أن هناك محاولة للتفاوض بين واشنطن وطهران بشأن الملف النووي وليس من الواضح الآن ما الذي سيحدث لها، "إيران تعرف كيف تخرج من هذه المواقف، لذلك دعونا نضع الأمور في نصابها"، ختم بن كاسبيت.