وجد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نفسه في مواجهة طلب من المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لإصدار مذكرة اعتقال بحقه فيما يتعلق بحرب غزة، كما واجه توبيخات علنية من شركائه في الحكومة وتهديدا من أحد الوزراء بالاستقالة.
ولا يرجح أن يلحق قرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ضررا كبيرا بنتنياهو بين الناخبين، حيث يحتشد كثيرون من الإسرائيليين خلفه حتى الآن.
لكن المشكلات تتراكم أمامه على جبهات متعددة، وهناك اعتقاد على نطاق واسع بأن الآفاق السياسية لحكومته الائتلافية تنحسر على المدى الطويل.
لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأطول بقاء في السلطة وزعيم حزب الليكود اليميني يتأهب للقتال.
وقال لشبكة "سي.إن.بي.سي" يوم الأربعاء الماضي: "لست قلقاً على مستقبلي، أنا قلق على مستقبل إسرائيل... سأفعل ما يتعين فعله لإنهاء هذه الحرب".
ورفض نتنياهو زعم المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان أمس الاثنين بأنه يتحمل بصفته رئيس وزراء إسرائيل المسؤولية عن جرائم حرب مزعومة وجرائم ضد الإنسانية في غزة، ووصف المزاعم بأنها "تشويه كامل للواقع".
وتجاهل انتقادات وزير الدفاع يوآف غالانت الذي حثه الأسبوع الماضي على نبذ فكرة العودة للاحتلال العسكري لغزة، كما تجاهل مكتبه تهديد الوزير بحكومة الحرب بيني غانتس بالاستقالة إذا لم يلتزم نتنياهو برؤية متفق عليها لغزة بعد الصراع.
وأدى إعلان خان إلى احتشاد الإسرائيليين مؤقتا للدفاع عن رئيس الوزراء ضد ما وصفه الرئيس إسحق هرتسوغ بأنه "تحرك من جانب واحد" اتُخذ بسوء نية.
لكن التضامن قد لا يمتد كثيرا. صحيح أن رئيس المعارضة يائير لابيد أدان بيان المحكمة الجنائية الدولية، لكنه أوضح أيضا أنه سيواصل العمل لإسقاط حكومة نتنياهو.
ودافع غانتس أيضا عن نتنياهو أمام إعلان خان، وقال اثنان من مساعدي غانتس إن تهديد الجنرال المتقاعد بالانسحاب من الحكومة إذا لم يلتزم نتنياهو بخطة من ست نقاط تتعلق بغزة وإسرائيل بحلول الثامن يونيو ما زال قائما.
تهديد للائتلاف
إذا استقال غانتس، يخسر نتنياهو دعم أقوى منافسيه السياسيين وكتلته الوسطية التي ساعدت في توسيع الدعم للحكومة في إسرائيل والخارج.
وسيظل رئيس الوزراء يحظى بأغلبية في البرلمان بدعم من الأحزاب القومية المتطرفة التي أغضبت واشنطن حتى قبل الحرب وتدعو إلى العودة إلى الاحتلال الإسرائيلي الكامل لغزة.
وهذا قد يفاقم الضغوط على نتنياهو، ويفاقم التوترات الواضحة بالفعل في العلاقات مع الولايات المتحدة، وسيثير على الأرجح أسئلة جديدة حول المدة التي قد تظل فيها مثل هذه الحكومة قائمة.
وقال المحلل السياسي أموتز آسا إيل: "فيما يتعلق بالبرلمان، قد يستمر لبعض الوقت، وسيستمر. لكنه لن يدوم... الحروب في أي مكان في الديمقراطيات تتطلب توافق آراء، وتتطلب حكومة يتبعها التيار الاجتماعي الرئيسي، وأغلبية واضحة في النظام السياسي".
وأضاف آسا إيل، الزميل الباحث في معهد شالوم هارتمان في القدس: "لن يحقق ذلك حكومة ضيقة، مثل تلك التي ستبقى لإسرائيل بعد رحيل غانتس".
وتواجه الحكومة أيضا صعوبات في خلافها في مشروع قانون جديد للتجنيد في الجيش.
ويصر شركاء نتنياهو المتشددون في الائتلاف على استمرار استثناء طلاب المعاهد الدينية من التجنيد الإجباري، في حين يريد غالانت وغانتس خدمة عسكرية وطنية أكثر إنصافا لكل الإسرائيليين.
ويقول محللون سياسيون إن عدم التوصل إلى اتفاق قد يؤدي إلى إسقاط الحكومة في قضية لطالما كانت حساسة للإسرائيليين وأصبحت أكثر حساسية أثناء حرب غزة. وقال أحد الوزراء مشترطا عدم الكشف عن هويته، إنه لا يتوقع صمود الحكومة.
وتضررت شعبية نتنياهو أيضا بسبب الإخفاقات الأمنية التي سمحت بالهجوم الذي قادته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) الذي أدى إلى شن هجوم عسكري إسرائيلي على الحركة في غزة ردا على ذلك.
ويرى بعض المحللين أن طوق النجاة السياسي لنتنياهو هو احتمال التوصل إلى اتفاق لتطبيع العلاقات مع السعودية.
وقال البيت الأبيض أمس الاثنين إن الولايات المتحدة والسعودية تقتربان من اتفاق نهائي في اتفاقية دفاعية ستكون بمجرد استكمالها جزءا من اتفاق واسع يُقَدم لنتنياهو ليقرر إذا ما كان سيقدم تنازلات للفلسطينيين لضمان تطبيع العلاقات مع الرياض.
ولم يرد متحدث باسم نتنياهو على الفور على طلب للتعليق.