النهار

نتنياهو يعتمد "اللاموقف" في انتظار غانتس ويشتري الوقت لتهدئة بن غفير وسموتريتش
سميح صعب
المصدر: النهار العربي
اللاموقف، هو موقف نتنياهو الآن. لا يزال يأمل في أن تنقذه صيغة مبهمة حول وقف الحرب، من ذهاب الوزيرين المتطرفين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش إلى تنفيذ تهديداتهما وتقديم استقالتهما وفرط الإئتلاف الحكومي ومواجهة انتخابات مبكرة.
نتنياهو يعتمد "اللاموقف" في انتظار غانتس 
ويشتري الوقت لتهدئة بن غفير وسموتريتش
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ ف ب)
A+   A-
 
 
في اللحظة التي يعلن فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبوله بوقف "دائم" أو "مستدام" للحرب في غزة، يعرض ائتلافه الحكومي للسقوط. وفي حال قال "لا" صريحة لما أعلنه الرئيس الأميركي جو بايدن باسمه، من خطة ثلاثية لوضع حد نهائي للأعمال العدائية واستعادة ما تبقى من أسرى، فإنه سيخسر دعم الوزير في مجلس الحرب بيني غانتس الذي (ربما) ينفذ وعيده بالاستقالة بسبب غياب استراتيجية لـ"اليوم التالي" للحرب بحلول 8 حزيران  (يونيو) الجاري.   
 
اللاموقف، هو موقف نتنياهو الآن. لا يزال يأمل في أن تنقذه صيغة مبهمة حول وقف الحرب، من ذهاب الوزيرين المتطرفين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش إلى تنفيذ تهديداتهما وتقديم استقالتهما وفرط الإئتلاف الحكومي ومواجهة انتخابات مبكرة. وهو لا يثق بعرض زعيم المعارضة يائير لابيد المتكرر تقديم دعم للحكومة في الكنيست كي لا تسقط، شرط القبول بصفقة لوقف النار وتبادل الأسرى.   
 
عدم حسم الجواب الإسرائيلي على اقتراح، هو إسرائيلي في الأصل وفق ما قال الرئيس الأميركي، حمل على ما يبدو نتنياهو على نفي اعتزامه القاء كلمة مشتركة أمام مجلس الكونغرس في 13 حزيران، بدعوى مصادفة هذا التاريخ مع عطلة يهودية. الأمر يتعدى ذلك، إلى حال التخبط داخل الحكومة الإسرائيلية، بين مجلس الحرب الذي يقف وراء "خريطة الطريق" لوقف الحرب والائتلاف الحكومي الموسع الذي يتوقف استمراره على بن غفير وسموتريتش.   
 
وعندما يستلحق نتنياهو نفسه بالقول إن ما أعلنه بايدن لم يكن عرضاً كاملاً، وأنه يكتمل فقط عندما يضاف إليه بند "تدمير حماس" سلطوياً وعسكرياً، هو يدرك تمام الإدراك أن "حماس" لن توافق على بند ينص على تدميرها! يبقى أن كلامه موجه لشراء رضا بن غفير وسموتريتش وجعلهما يتريثان في الخروج من الائتلاف، ريثما ينجلي الموقف الذي سيتخذه بيني غانتس في 8 حزيران الجاري، هل يمنح نتنياهو فرصة أخرى للخروج باستراتيجية "اليوم التالي"، أم يفقد الأمل ويعلن استقالته؟ 
 
وهناك أيضاً موقف وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، الذي أبلغه إلى وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن، وهو ضرورة البحث عن "بديل فلسطيني" لحركة "حماس". أما نتنياهو فيرفض الخوض في أي اقتراح من شأنه اشراك السلطة الفلسطينية في ادارة غزة، وهو أخفق حتى الآن في اقناع مصر بفتح معبر رفح والتعامل مع الجيش الإسرائيلي الذي يحتل الجزء الفلسطيني من المعبر. وآخر اجتماع مصري-أميركي-إسرائيلي عقد في هذا الصدد الأحد.
 
لن يحسم نتنياهو موقفه إزاء بن غفير وسموتريتش قبل الحصول على ضمانات أميركية ببقائه السياسي. ودعوة زعيمي الكونغرس مايك جونسون وتشاك شومر له للتحدث أمام المشرعين الأميركيين، عززت موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي في الداخل إلى حد ما، من دون أن تزيل التباينات والخلافات على طريقة إدارة الحرب بين البيت الأبيض والحكومة الإسرائيلية. 
 
وفي انتظار جلاء الموقف الإسرائيلي، يضع الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي، الكرة في ملعب "حماس" ويقول إن نجاح صفقة وقف النار وتبادل الأسرى، تتوقف على قبول "حماس" بها.    
 
وكشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، أن  "حماس" أبلغت الوسيطين المصري والقطري أنها لن تقبل إلا بضمانات مكتوبة بوقف نار دائم وبأن لا تستأنف إسرائيل الحرب بعد تسلمها الأسرى.    
وفي الوقت نفسه، تحذر إدارة نتنياهو من أن البديل من القبول باقتراح وقف النار، هو "الغرق" في غزة. ويدعم وجهة النظر هذه، ما نقلته صحيفة "الغارديان" البريطانية عن "خبراء عسكريين"، من أن "قدرة حماس على العودة إلى شمال غزة، تنذر بحرب لا نهاية لها، وأن مقاتلي الحركة في الشمال هم أكثر عدداً من أولئك الموجودين في مدينة رفح" التي تصفها الحكومة الإسرائيلية بأنها "المعقل الأخير" للحركة.   
 
وإذا أضيف الانقسام الداخلي وضغط عائلات الأسرى الذين يعترف الجيش الإسرائيلي بمقتل المزيد منهم، وتصاعد العزلة الدولية، وتهديد فرص بايدن بولاية ثانية في حال استمرت الحرب، فإن عملية شراء الوقت التي ينتهجها نتنياهو، لا تصب بالضرورة في مصلحته في نهاية المطاف، وسيكون مجبراً عند نقطة معينة على الخروج من اللاموقف، إلى الاختيار بوضوح بين وقف الحرب وبقائه سياسياً.     



  
 
 

اقرأ في النهار Premium