تناولت وسائل إعلام إسرائيلية اليوم الأحد حادث مقتل 8 جنود إسرائيليين السبت في غزة، مسلّطة الضوء على العملية في رفح ومدرّعة "النمر" التي كانوا يستقلّونها وتكرار الحوادث المرتبطة بها منذ بدء العملية العسكرية في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) ضد حركة "حماس".
"أسوأ هجوم"
كشفت تقارير إسرائيلية عن تفاصيل استهداف الموكب العسكري للجيش في رفح، وهو الهجوم الأسوأ ضد القوّات الإسرائيلية في غزة منذ 6 أشهر.
وأعلن الجيش الإسرائيلي مقتل 8 عسكريين "خلال نشاط عملاني في جنوب قطاع غزة"، في هجوم علّق عليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، معتبراً أن "الأمّة الإسرائيلية بكاملها تحتضن العائلات العزيزة في هذه اللحظة الصعبة".
وأضاف أنّه "رغم الكلفة الباهظة، يجب التمسّك بأهداف الحرب"، مشيراً خصوصا إلى تدمير قدرات "حماس" العسكرية والحكومية وإعادة الأسرى.
وأوضحت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أن الهجوم الذي وقع في مدينة رفح هو الأسوأ الذي تتعرّض له القوات الإسرائيلية منذ كانون الثاني (يناير) الماضي في القطاع.
وذكرت الصحيفة أن تحقيقاص أوّلياً للجيش، كشف عن مقتل جميع الجنود داخل مركبة مدرّعة تابعة للكتيبة "601"، التابعة لفيلق الهندسة القتالية.
ولفت التحقيق إلى أن الجنود كانوا ضمن قافلة في حوالي الساعة الخامسة من صباح السبت، "عائدين بعد عملية عسكرية ليلية ضد حركة حماس في منطقة حي السلطان برفح، حيث قتلت نحو 50 مسلحاً من حماس".
وأضافت الصحيفة أن القوّة كانت تتّجه نحو المباني التي سيطر عليها الجيش للحصول على فترة راحة بعد العملية العسكرية.
وكانت المركبة المدرّعة من طراز "نمر" التي تعرّضت للاستهداف، الخامسة أو السادسة في القافلة، قبل أن تتعرّض لانفجار كبير.
لم يتضح على الفور ما إذا كان الاستهداف تم عبر قنبلة زرعت في وقت مبكر أو ما إذا كان عناصر "حماس" اقتربوا من المركبة ومعهم عبوة ناسفة ووضعوها مباشرة، وفق التحقيق.
من جانبه، ذكر المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري أن "الانفجار كان بشكل واضح نتيجة عبوة ناسفة زرعت في المنطقة أو نتيجة إطلاق صاروخ مضاد للدبّابات".
وتابع: "الانفجار الكبير جعل من الصعب التعرّف على جثث الجنود وتحديد أماكن وجودها".
بدورها، لفتت "كتائب القسّام"، الجناح المسلح لـ"حماس"، إلى أن المدرّعة علقت داخل حقل ألغام مُعد سلفاً ما أدّى إلى الانفجار.
وبدأ الجيش الإسرائيلي عملياته العسكرية في مدينة رفح في السابع من أيار (مايو) الماضي، رغم تحذيرات المجتمع الدولي كون المدينة مكتظّة بالنازحين الفلسطينيين.
لماذا تتكرّر حوادث "النمر"؟
إلى ذلك، تناول تقرير لصحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية نقاط الضعف في مدرعة "النمر" والتي شهدت 3 حوادث انفجار في الحرب الدائرة في غزة.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن المدرعة التي تعرّضت لانفجار من نوع "النمر"، بينما أرجع الجيش الإسرائيلي سبب الحادث إلى انفجار مواد كانوا يحملونها معهم.
ووفق "يديعوت أحرونوت" فإن كل مركبة تحمل متفجّرات أصبحت "فخّاً للموت".
وأشارت الصحيفة إلى أن حادثتين قبل انفجار يوم السبت، وقعتا بالمدرّعة نفسها، الأولى عندما أصيبت بصاروخ مضاد للدبّابات ما أسفر عن مقتل 11 جندياً. أمّا الحادث الثاني فوقع في كانون الأول (ديسمبر) الماضي بخان يونس، وأسفر عن سقوط 4 جنود من سلاح الهندسة.
وفي جميع هذه الحوادث، قتل جنود كانوا يستقلّون المدرعة جرّاء انفجار كميّات من المواد المتفجّرة المحمولة فيها.
وتساءلت الصحيفة الإسرائيلية عن أنظمة السلامة الخاصة بالمتفجّرات وتلك المتوفّرة في "النمر"، وضرورة استفادة الجيش من الحوادث السابقة لنقل المتفجرات عبر وسائل لا تحتاج لأشخاص مثل المركبات التي يتم التحكّم بها عن بعد، وتبنّي استراتيجيات مثل تقليص عدد الجنود في المركبات المدرّعة التي تحمل مواد خطيرة على خطوط الجبهة الأمامية.
في السياق، تساءل موقع "والا" الإسرائيلي أيضاً عن سبب عجز الجيش عن الحيلولة دون تكرار مثل هذه الحوادث المرتبطة بالمدرّعة "النمر".
وطرح الموقع 3 أسئلة مرتبطة بحادث يوم السبت، الأول يتعلّق بكثافة الانفجار الكبيرة، ولماذا كان حجم الضرر كبيراً في "النمر" التي تعد من أكثر المدرّعات حماية وتحصيناً؟
والسؤال الثاني الذي طرحه هو: هل تم حفظ المتفّجرات في المكان الخطأ خلافاً للتعليمات وبروتوكولات السلامة، الأمر الذي ساهم في الانفجار الكبير؟
والسؤال الأخير حمّل بشكل غير مباشر الجيش الإسرائيلي مسؤولية عدم الاستفادة من "كوارث ناقلات الجند المدّرعة" السابقة، إذ قال: لماذا لا يجد الجيش طريقة لحماية المقاتلين بشكل أفضل ومنع تكرار مثل هذه الحوادث؟
انتقادات...
في الموازاة، كشف تقرير لموقع "والا" السبت عن أن عدداً كبيراً من ضباط الاحتياط في الجيش وجهوا انتقادات لاذعة للقيادة السياسية بعد الحادث.
وحسبما نقل الموقع عن أحد الضباط، فإن "نمط القتال في رفح معيب، وكان ينبغي أن تسير العمليات العسكرية بطريقة أسرع وأكثر حسماً".
ورأى ضابط آخر للموقع الإسرائيلي أن هناك "شعوراً بين كبار ضباط الاحتياط في الجيش بأنه لا يوجد هدف واضح للعديد من المهام في قطاع غزة".
وشدّد على أن مثل هذه الأمور تؤثّر بشكل سلبي و"تؤذي معنويات القادة العسكريين والمقاتلين على الأرض".
ووفق أحد الضباط، فإنه "كان من الضروري أن تسير عملية رفح بشكل أسرع، وأن تنفّذ بطريقة مختلفة، إلا أن مسؤولين ارتأوا أن يقوموا بها على غرار ما تم في مناطق أخر مثل خان يونس وغيرها".