النهار

كتاب جديد يكشف أسرار عمليّات "الموساد" بحثاً عن رون آراد ...في إيران
فلسطين- مرال قطينة
المصدر: النهار العربي
في عام 1995، بعد تسعة أعوام على بداية لغز الطيار الاسرائيلي رون آراد الذي أسقطت طائرته في جنوب لبنان عام 1986، ألقى رئيس الوزراء الاسرائيلي اسحاق رابين خطاباً أعلن فيه "أن إسرائيل لديها أساس متين لافتراض أن آراد في أيدي مسؤولين إيرانيين، وبالتالي فإننا نرى الحكومة الإيرانية باعتبارها العنوان الرئيسي لمصير أراد وعودته إلى منزله حيا وبصحة جيدة".
كتاب جديد يكشف أسرار عمليّات "الموساد" بحثاً عن رون آراد ...في إيران
صورة أرشيفية لرون آراد
A+   A-
  بعد تسعة أعوام على اختفاء الطيار الإسرائيلي رون آراد الذي أسقطت طائرته في جنوب لبنان عام 1986، ألقى رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين خطاباً أعلن فيه "أن إسرائيل لديها أساس متين لافتراض أن آراد في أيدي مسؤولين إيرانيين، وبالتالي فإننا نرى الحكومة الإيرانية باعتبارها العنوان الرئيسي لمصير آراد وعودته إلى منزله حياً وبصحة جيدة". 
 
خلال حديث أجراه المتخصص بمجتمع الاستخبارات الإسرائيلية رونين بيرغمان لمجلة "يديعوت أحرونوت" مع يسرائيل بيرلوف، ضابط الموساد الذي ترأس الهيئة المختصة للتعامل مع قضية الأسرى والمفقودين وعرفت باسم "ليبرتي"، حول كتابه الجديد "عمليات الموساد للعثور على رون آراد"، يصور بيرلوف ضباط الجهاز وعملياتهم الخاصة ومهمات تجنيد العملاء حول العالم على أنها "مغامرات 007" (جيمس بوند الإسرائيلي).
 
الحرب السرية بين إسرائيل وإيران
يذكر بيرغمان أن بيرلوف خلق سلسلة عمليات تؤسس للربط بين مصير آراد وإيران، وتحديداً الحرس الثوري و"فيلق القدس"، وأن العمليات التي نفذها ذهبت إلى ما هو أبعد من البحث عن الطيار الأسير، بل إنها أصبحت جزءاً من حرب إسرائيل السرية مع إيران. 
 
ما يكشفه بيرلوف في كتابه هو لمحة عن عمليات الموساد لمعرفة مصير آراد، كما أنه يطرح تساؤلات عن حقيقة ما جرى خلف الكواليس.
 
ويعتقد بيرغمان أن السؤال المركزي هو: هل المعلومات التي حصل عليها بيرلوف حقيقية؟ وهل كان آراد محتجزاً فعلاً لدى الإيرانيين؟ وهل العمليات الدموية التي لا تعد ولا تحصى ونفذت بناءً على هذه المعلومات كانت في الاتجاه الخاطئ؟                                            
يعترف بيرلوف بأن هذا النقد هو الذي دفعه إلى تأليف الكتاب، وبأنه انزعج خاصة من تصريح رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت قال فيه: "لسنوات عديدة لم يعرفوا أي شيء، في رأيي لم يفعلوا ما يكفي، والطريقة التي نعتذر بها عن عدم القيام بما يكفي هي أن نقول إنه في إيران، هل يمكننا الآن أن نصل إلى أعماق السراديب في إيران؟".
 
ويؤكد بيرلوف أن ليس لديه أدنى شك بأن إيران هي العنوان، وتمنى "لو كانوا يعرفون بالضبط في أي قبو في طهران سُجن آراد، أما في الموساد فهناك من هو مقتنع بأن إسرائيل طرقت الباب الخطأ والدليل ليس لدينا أي فكرة عن مكانه أو مصيره".

الأطباء الإيرانيون
 يوضح بيرلوف أن من المحتمل أن الإيرانيين اختطفوه، ويقول: "بحثت في كل صوره، ورأيت في معظمها أن كتفه كانت ملفوفة بالضمادات، توقعت أنه كان يعاني مشكلة طبية، ونظراً إلى أهميته فإنهم بالتأكيد سيحضرون له طبيباً يثقون به ليعالجه، لذلك نشرت عبر الجهاز أننا نبحث عن أطباء إيرانيين وتحديداً جراحي عظام، بعد حوالي شهر التقيت ضابط الموساد "د" من القسم الدولي فأخبرني: لدي بعض الأوراق التي قد تهمك".     
 
"كان مكتوباً أن يهودياً إيرانياً منفياً يدعى"فرهاد" تقدم بطلب إلى إحدى السفارات الإسرائيلية في أوروبا لمقابلة رجل أمن، فاستقبله أحد عناصر الموساد. أخبره "فرهاد" أن صديقاً إيرانياً - طبيب عظام يدعى الدكتور علي - وصل على رأس وفد اقتصادي ليبحث شراء قطع غيار لطائرات القوات الجوية الإيرانية وشركة الطيران الحكومية، التي عانت بسبب العقوبات الاقتصادية الصارمة على نظام الخميني، فطلبت منه أن يحضره إلى قبرص، لأن الإيرانيين يمكنهم الدخول إلى هناك من دون تأشيرة، كان الطبيب متأكداً من أنه سيلتقي رجال أعمال، بينما كنا نأمل أن يعرف جراح العظام بعض التفاصيل عن آراد"، يشرح الضابط.
 
في الوقت نفسه نجح بيرلوف في ترتيب لقاء في جنيف مع أحد كبار أطباء العظام الإيرانيين الذي كان وزيراً للصحة قبل الثورة الإيرانية.  
                                                                    وصل بيرلوف إلى جنيف على أنه رجل أعمال إيطالي، وأخبر الطبيب أن لديه علاقات مع إسرائيل. تحمس الطبيب الإيراني، وقال: "كنت وزيراً للصحة في إيران، وأعرف آلاف الإسرائيليين، لكنني كنت سجيناً لخمس سنوات، يجب أن أكون حذراً".
 
سأله الضابط عن آراد، وكان الجواب المفاجئ: "إذا كان هناك طبيب عظام واحد في إيران يعرف شيئاً عن الأسير الإسرائيلي فهو الدكتور علي الطبيب الذي تمت دعوته إلى قبرص".
 
في عام 1993، وصل إلى قبرص الدكتور علي الذي كان مقتنعاً بأنه سيقوم بصفقة قطع غيار للطائرات، وعقد الاجتماع الأول في جناح فندق في ليماسول، كان ودوداً قدر الإمكان "حاول التظاهر بأنه منفتح، رغم أن هذا ليس سلوكه الطبيعي".
تحدث الطبيب الإيراني عن علاقاته الطيبة مع الحكومة والخدمات الطبية التي يقدمها للجيش عبر دولة ثالثة. 
 
في اليوم التالي تلقى بيرلوف طلباً مفاجئاً. باعتباره مسلماً متديناً، أبدى رغبته بزيارة الحرم القدسي الشريف، وكان ذلك علامة جيدة، لأن الزيارة الدينية تبدد معظم الشبهات عنه، ولم تكن الاستخبارات الإيرانية لتعرضه للخطر في مثل هذه الرحلة بمفرده.   
 
رافق بيرلوف الدكتور علي. وخلال الرحلة طلب الضابط من بيرلوف أن يدعو الضيف للانضمام إليه في اجتماع حول مسألة حساسة. وخلال الاجتماع الذي عُقد في فندق شيراتون، عرض بيرلوف الحالة الإنسانية لآراد. 
 
"كطبيب طلب مني الذهاب إلى لبنان مرات عدة، في بيروت كانوا يغطون عيني ويأخذونني إلى مكان مجهول، وطلب مني أن أفحص المساجين الذين يحتاجون إلى علاج طبي، كانوا من جنسيات مختلفة وقيل لي إن أحدهم إسرائيلي. بلا شك سأتذكر وجهه. وفي أمر تحديد الهوية ظهرت ست صور، تعرف إلى صورة آراد، قائلاً: "أعتقد أنه الشخص الذي التقيت به في لبنان".
 
لكن الدكتور علي بدأ يخشى أنه يفشي معلومات حساسة، فطلب العودة سريعاً إلى قبرص، كان مقتنعاً بأنه سيُعتقل في أي لحظة.
 ثم ظهرت معلومات دراماتيكية: لم يلتقِ الدكتور علي آراد فقط في لبنان، قبل وقت قصير من لقاء قبرص، التقى به في أحد مستشفيات طهران.
 
وبحسب روايته، فقد أخبره الحرس الثوري بوصول "معتقل إسرائيلي" إلى المستشفى، حيث كان يقوم بإجراء العمليات، وقال إنه ممنوع منعاً باتاً الدخول إلى منطقة الغرفة، لا يُسمح إلا للحارس والممرضة بالدخول، قال إن المعتقل كان يعاني آلاماً شديدة في الظهر وإصابة في منطقة الكتف. بعد الفحص البدني والأشعة قرر عدم إجراء العملية.                                                                       
 نُقل المعتقل إلى لبنان بعد انتهاء إقامته التي استمرت أشهراً عدة في إيران، ويختم بيرلوف: «ربما احتجز حتى عودته إلى لبنان في سجن إيفين (الشهير في إيران)». 

اقرأ في النهار Premium