النهار

مستوطنون بإسرائيل يتقربون من اليمين الديني الجمهوري الأميركي
المصدر: رويترز
تعقد روث ليبرمان، المستوطنة اليهودية التي تعيش في الضفة الغربية المحتلة، العزم على مجابهة الضغوط الدولية الرامية لإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة وتقول إن أصدقاءها من الجمهوريين الأميركيين البارزين من اليمين الديني للحزب يساعدونها على ذلك.
مستوطنون بإسرائيل يتقربون من اليمين الديني الجمهوري الأميركي
مستوطنة اسرائيلية
A+   A-
 تعقد روث ليبرمان، المستوطنة اليهودية التي تعيش في الضفة الغربية المحتلة، العزم على مجابهة الضغوط الدولية الرامية لإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة وتقول إن أصدقاءها من الجمهوريين الأميركيين البارزين من اليمين الديني للحزب يساعدونها على ذلك.

وتظهر سجلات مجلس الشيوخ أنه بعد مرور أسابيع على هجوم السابع من تشرين الأول (أكتوبر) الذي نفذته حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، استضافت ليبرمان السناتور المحافظ المؤيد لإسرائيل مايك لي، وهو من طائفة المورمون، على وجبة السبت في منزل عائلتها.

وقالت ليبرمان في مقابلة بمنزلها في مستوطنة ألون شفوت إن الحديث مع السناتور لي عرج إلى إقامة الدولة الفلسطينية وإنها أخبرته بأن الهجوم أدى إلى زيادة المعارضة الإسرائيلية لهذه الفكرة. ولم يرد لي على طلبات للتعليق. وتقع المستوطنة بالقرب من بيت لحم داخل جوش عتصيون، وهي واحدة من أكبر الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية.

وأضافت ليبرمان، وهي مستشارة سياسية كثيرا ما تستضيف وفودا أميركية تزور المستوطنات، إن هذه الزيارات تساعد في التوفيق بين آراء كبار مسؤولي الحزب الجمهوري والمستوطنين وحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أعقاب هجوم السابع من تشرين الأول.

وفي حديثها عن لي ورئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون، وهو مسيحي إنجيلي زار عائلتها في شباط (فبراير) 2020 خلال رئاسة دونالد ترامب، وقبل وقت طويل من توليه منصب رئيس مجلس النواب، "وجود أصدقاء وأصوات كهذه في مناصب رفيعة جدا في الولايات المتحدة يساعدنا". ولم يرد جونسون على طلبات للتعليق.

وتكثف ليبرمان وآخرون جهودهم منذ السابع من تشرين الأول على أمل التأثير على موقف الحزب الجمهوري قبل الانتخابات الأميركية المقررة في تشرين الثاني (نوفمبر) والتي ربما تعيد ترامب إلى السلطة.

وذكر بيان صدر عن وفد من مسؤولي المستوطنين زار واشنطن الشهر الماضي أن ليبرمان وأعضاء الوفد ناقشوا هذه القضية في اجتماعات مع جونسون ولي وآخرين خلال الزيارة.

وزارت رويترز مستوطنتين في جوش عتصيون وتحدثت مع نحو 24 إسرائيليا وفلسطينيا في الضفة الغربية وإسرائيل وثلاثة مساعدين حاليين وسابقين لترامب وثلاثة زعماء إنجيليين في الفترة بين آذار (مارس) وتموز (يوليو).

وقال المتحدثون إلي رويترز إن مجموعات من المستوطنين وأعضاء اليمين الديني في إسرائيل والمسيحيين المحافظين يعملون على إقناع ترامب والحزب الجمهوري بالتخلي عن الدعم الأميركي لإقامة الدولة الفلسطينية والمستمر منذ فترة طويلة. ويقولون إن ذلك سيكون بمثابة مكافأة على أعمال العنف التي وقعت في السابع من تشرين الأول.

وبينما أشار ترامب إلى احتمال تغير السياسة الأميركية، فإنه لم يوضح وكذلك الحزب ما سيكون عليه موقفهما تجاه إقامة الدولة الفلسطينية إذا حققا الفوز في الانتخابات.

ولم ترد المتحدثة باسم الحملة كارولين ليفيت على أسئلة حول آراء ترامب إزاء المستوطنات ومستقبل الفلسطينيين. وقالت إن إسرائيل لم تحظ بصديق أفضل من ترامب في البيت الأبيض.

ودعمت الولايات المتحدة اتفاقات أوسلو التي رسمت الطريق نحو إقامة الدولة الفلسطينية قبل 30 عاما، كما تساند ما يعرف بحل الدولتين.

ويقول الفلسطينيون ومعظم الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة، إن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية تنتهك القانون الدولي بشأن الأراضي المحتلة وتمثل تعديا مستمرا يعوق طموحات إقامة الدولة.

وقضت محكمة العدل الدولية أمس الجمعة بأن احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية والمستوطنات المقامة عليها غير قانونيين وأنه يتعين على إسرائيل إنهاء وجودها في تلك الأراضي في أسرع وقت ممكن. وفي رد سريع وصفت إسرائيل الحكم بأنه "خاطئ جوهريا" ومنحاز وأكدت موقفها بأن التسوية السياسية في المنطقة لا يمكن التوصل إليها إلا من خلال المفاوضات.

وأحيت حرب غزة الضغوط، ومنها ضغوط مارسها الرئيس الأميركي جو بايدن علنا، من أجل إقامة دولة فلسطينية مجاورة لإسرائيل عبر مفاوضات. ويريد الفلسطينيون أن تشمل دولتهم الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية.

وأظهر استطلاع للرأي أجرته جامعة تل أبيب في أيار أنه داخل إسرائيل نفسها يظل حل الدولتين هو الأكثر تأييدا في سبيل تحقيق السلام، على الرغم من انخفاض التأييد لهذا الحل إلى 33 بالمئة فقط من المشاركين في الاستطلاع مقارنة بنسبة 43 بالمئة قبل السابع من تشرين الأول.

غير أن ضم إسرائيل للضفة الغربية والحد من حقوق الفلسطينيين الذين يعيشون هناك، وهو الخيار الذي يفضله بعض المستوطنين، حظي بتأييد 32 بالمئة من الإسرائيليين مقارنة بنسبة 27 بالمئة منهم قبل السابع من تشرين الأول. وأظهر الاستطلاع أن المشاركين رأوا أن هذا الخيار يزداد ترجيحا.

وقال أوهاد طال، النائب عن حزب الصهيونية الدينية الذي يعيش في جوش عتصيون، إن قادة المستوطنين الذين يسعون إلى ضم أراضي الضفة الغربية بشكل دائم يتطلعون بشكل متزايد إلى ترامب ومؤيديه من المسيحيين الإنجيليين للحصول على الدعم.

وأضاف، متحدثا عن المسيحيين الإنجيليين: "أحد أهدافنا الرئيسية الآن هو تعزيز العلاقات مع هذه المجموعات... نخوض المعركة ذاتها".

"حافظوا على أرض الرب"
لطالما دعا الحاخام الإسرائيلي بيساش ووليكي إلى التعاون بين التيار اليميني الديني في إسرائيل ومن يصفهم بالصهاينة المسيحيين في أميركا، وهم مسيحيون إنجيليون يرون أن نبوءة تتحقق بعودة اليهود إلى يهودا والسامرة المذكورة في الكتاب المقدس، والتي يقع معظمها في الضفة الغربية واحتلتها إسرائيل في حرب عام 1967.

وقال ووليكي إنه ابتداء من مساء السابع من تشرين الأول، بدأ في جمع الزعماء من أصحاب الفكر المماثل معا في حملة أطلقوا عليها اسم "كيب غادز لاند" أو "حافظوا على أرض الرب" تهدف إلى التأثير على ترامب والحزب الجمهوري ليرفضا حل الدولتين واستخدام وسائل الإعلام الأميركية ذات التوجهات الدينية والمؤتمرات لحشد الدعم ضد دعوة بايدن لإقامة دولة فلسطينية.

وتقول منظمة "حافظوا على أرض الرب" إنها نمت لتصبح تحالفا يضم أكثر من 1000 من الزعماء الدينيين اليهود والمسيحيين.

وقالت ريتشيل مور، التي استقبلت أيضا وفودا من أعضاء الكونغرس وتعيش بمستوطنة النبي دانيال في جوش عتصيون، إن النزعة المحافظة وحجم المجتمع الإنجيلي الأميركي الذي يضم عشرات الملايين يجعله حليفا مهما لليمين الإسرائيلي.

وأضافت: "هناك تصور بأن المجتمع المسيحي فقط هو من يفهم ذلك"، في إشارة إلى المسافة السياسية التي يشعر بعض الإسرائيليين اليمينيين بأنها تفصلهم عن الموقف الليبرالي للعديد من اليهود الأميركيين، وخاصة بشأن الاستيطان المستمر في الضفة الغربية.

وتجعل المخاوف من مساعي المسيحيين لتحول اليهود إلى اعتناق المسيحية مثل هذا التقارب مثيرا للجدل في إسرائيل.

ويعد القس المعمداني الجنوبي توني بيركنز، رئيس مجموعة "مجلس أبحاث الأسرة" الإنجيلية الحقوقية، من الشخصيات المهمة أيضا في التوفيق بين المسيحيين والإسرائيليين المحافظين، وظهر في فعاليات منظمة حافظوا على أرض الرب. وباعتباره مندوبا في المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، يسعى بيركنز إلى إبقاء إسرائيل أولوية في الحملة الانتخابية.

وقال إن تأييد الإنجيليين للمستوطنين ارتفع بعد هجوم حماس، الذي تقول الإحصاءات الإسرائيلية إنه أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص معظمهم من المدنيين واحتجاز نحو 250 رهينة. وتقول وزارة الصحة في غزة إن الحرب التي شنتها إسرائيل على القطاع ردا على الهجوم أسفرت عن مقتل ما يقرب من 39 ألف فلسطيني.

وخلص استطلاع أجراه مركز بيو في شباط إلى أن 33 بالمئة من البروتستانت الإنجيليين ذوي البشرة البيضاء في الولايات المتحدة يؤيدون فكرة دولة واحدة تحت السيطرة الإسرائيلية، بزيادة أربع نقاط مئوية عن عام 2022 مع وصول متوسط من يدلون بإجابة في الاستطلاع إلى المثلين.

وقالت هيذر جونستون، المتخصصة في مسألة إسرائيل في نبوءات الكتاب المقدس والرئيسة التنفيذية لجمعية التعليم الإسرائيلية الأميركية، إن بيركنز الذي زار جوش عتصيون في آذار والتقى أيضا بنتنياهو، كان من أوائل المدافعين عن زيارة أعضاء من الكونغرس إلى مستوطنات الضفة الغربية.

وفي السنوات القليلة الماضية نظمت مجموعات من بينها تلك التي تقودها ليبرمان وجمعية التعليم الإسرائيلية الأميركية رحلات ممولة تمويلا خاصا لعشرات من أعضاء الكونغرس، معظمهم من الجمهوريين، إلى المستوطنات، التي كان نادرا ما يزورها المسؤولون الأميركيون في السابق.

"يهودا والسامرة"
اجتمعت حركة "حافظوا على أرض الرب" في 15 نيسان في المقر الرئيسي لمؤسسة التراث، وهي مؤسسة فكرية محافظة في مبنى الكابيتول هيل بواشنطن.

كان من بين المتحدثين السناتور وحاكم فلوريدا السابق ريك سكوت والنائب الإسرائيلي طال وعضو الكونغرس كلوديا تيني، التي قدمت في آذار مشروع قانون إلى مجلس النواب لاستخدام الاسم التوراتي يهودا والسامرة في الوثائق الأميركية الرسمية بدلا من الضفة الغربية.

وأحيل مشروع القانون إلى لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب. و"يهودا والسامرة" هو المصطلح المفضل لدى الإسرائيليين اليمينيين.

ولم يستجب مكتب سكوت لطلبات التعليق. وأحجم متحدث باسم تيني عن التعليق.

ومنذ السابع من تشرين الأول، تمضي حكومة نتنياهو بأسرع وتيرة منذ 30 عاما في خطط البناء على أراضي الضفة الغربية بما يشمل جوش عتصيون، وفقا لمنظمة السلام الآن غير الحكومية، وهي منظمة إسرائيلية تتعقب وتعارض مستوطنات الضفة الغربية.

وقالت جولييت بنورة إحدى سكان بيت لحم والباحثة في شؤون المستوطنات إن هذا التوسع له "هدف واحد وهو تهجير الفلسطينيين من أراضيهم".

وتقول الأمم المتحدة إن عدد الإسرائيليين في الضفة الغربية ارتفع بنحو الثلث ليصل إلى 700 ألف في العقد الماضي، أي حوالي 10 بالمئة من السكان اليهود في إسرائيل.

وتفجر عنف المستوطنين خلال العام الماضي مما دفع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات على أشخاص وكيانات يتهمانهم بالتصعيد. وندد جميع الأشخاص الذين تحدثت إليهم رويترز بهذا العنف.

ديفيد فريدمان، الذي طور خطة ترامب لإقامة دولة فلسطينية محدودة بصفته سفيرا لدى إسرائيل في عام 2020، يدعو الآن إلى دولة إسرائيلية واحدة موسعة دون منح حقوق المواطنة الكاملة للفلسطينيين. وهو ترتيب شبهه في مقابلة بوضع بويرتوريكو. وقال إنه لم يناقش الخطة مع ترامب.

ويعد سكان بويرتوريكو، وهي منطقة أميركية فقيرة، مواطنين أميركيين لكن ليس لهم حق التصويت في الانتخابات الرئاسية.

وقال نبيل أبو ردينة المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن حرمان الفلسطينيين من دولة لهم سيشعل مزيدا من الصراعات.

كما قال: "لا سلام ولا أمن لأحد دون قيام دولة فلسطينية وفق الشرعية الدولية".
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium