غادر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم الإثنين إسرائيل متوجهاً إلى الولايات المتحدة حيث من المقرر أن يلقي خطابا تاريخياً أمام الكونغرس الأميركي هذا الأسبوع، في ما يشوب توتر العلاقة بين الحليفين بسبب الحرب في غزة.
ووصف نتنياهو زيارته بأنها "مهمة للغاية" في مرحلة "تشهد حالة من عدم اليقين السياسي الكبير"، في إشارة إلى إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن عدم الترشح لولاية رئاسية جديدة.
وتواجه إسرائيل ضغوطاً أميركية بشأن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في حربها المستمرة في قطاع غزة.
وأكد نتنياهو أن إسرائيل ستكون أقوى حليف للولايات المتحدة في الشرق الأوسط بغض النظر عمن سيفوز بالرئاسة في تشرين الثاني (نوفمبر).
وأضاف متحدثاً للصحافيين قبل توجهه إلى واشنطن، أنه سيشكر جو بايدن على كل ما فعله من أجل إسرائيل، وذلك بعد يوم من انسحاب الرئيس الأميركي من سباق الرئاسة.
وتابع نتنياهو أنه سيناقش قضايا مثل إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة وهزيمة "حماس".
زيارة تحت ضغط
ويزور نتنياهو واشنطن هذا الأسبوع تحت ضغط لإنهاء حرب غزة من كل من الإسرائيليين الذين يطالبون بإعادة الرهائن ومن الإدارة الأميركية التي تركز بشكل متزايد على الانتخابات الرئاسية.
الزيارة هي الأولى التي يقوم بها نتنياهو لأهم حليف دولي له منذ توليه ولاية سادسة كرئيس للوزراء في نهاية عام 2022، وهو أمر لم يحدث من قبل. لكن زيارته يطغى عليها قرار بايدن عدم الترشح لإعادة انتخابه.
ومن المقرر مبدئياً أن يعقد اجتماعاً مع بايدن غداً الثلاثاء إذا تعافى الرئيس من كوفيد-19، ومن المقرر أن يلقي نتنياهو كلمة أمام الكونغرس يوم الأربعاء.
وبعد أشهر شهدت فتور العلاقات مع واشنطن بشأن طريقة إدارة الحرب الإسرائيلية على غزة، توفر الزيارة لنتنياهو منصة لمحاولة إعادة ضبط العلاقات مع الولايات المتحدة.
ومن المتوقع أن يركز خطابه أمام الكونغرس على تنسيق الردين الإسرائيلي والأميركي على الوضع المضطرب في الشرق الأوسط حيث يتزايد خطر امتداد نطاق حرب غزة لتتحول إلى صراع إقليمي أوسع.
ومن المرجح أن يكون الخطاب بنبرة أقل حدة من الخطاب الذي ألقاه نتنياهو أمام الكونغرس في عام 2015، عندما انتقد حملة الرئيس آنذاك باراك أوباما للتوصل إلى اتفاق نووي مع إيران.
وسلطت الضغوط الأميركية على إسرائيل لاستئناف المحادثات بشأن التوصل إلى اتفاق سياسي مع الفلسطينيين وتهديد الولايات المتحدة بوقف إرسال أسلحة الضوء على التصورات في إسرائيل بأن العلاقات مع واشنطن ضعفت في عهد نتنياهو الذي يواجه كذلك احتجاجات في إسرائيل للمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة.
وقال يوناتان فريمان المتخصص في العلاقات الدولية في الجامعة العبرية في القدس: "جزء من الهدف هو محاولة إظهار أنه مع كل ما يقال ومع كل الاحتجاجات، لا يزال نتنياهو هو الزعيم ولا يزال يحظى بالدعم ولا تزال لديه علاقات قوية مع الولايات المتحدة".
جاءت دعوة نتنياهو لإلقاء كلمة أمام جلسة مشتركة لمجلسي الكونغرس- وهو شرف نادر يحظى به بشكل عام أقرب حلفاء الولايات المتحدة- بتنسيق من الجمهوريين في مجلس النواب بعدما اتهموا بايدن بعدم إظهار الدعم الكافي لإسرائيل.
ولم يتضح بعد ما إذا كان نتنياهو سيلتقي بالمرشح الجمهوري للرئاسة دونالد ترامب. وشكل الاثنان علاقة وثيقة خلال رئاسة ترامب، لكنه انتقد أيضا نتنياهو وقال إنَّ حرب غزة يجب أن تنتهي بسرعة.
عزلة
رغم الترحيب الحميم المتوقع بشكل عام به في الكونغرس فإن الاحتجاجات التي تجتاح الجامعات الأميركية تشير إلى أن الاستقبال الذي سيلقاه نتنياهو خارج الدوائر الرسمية في واشنطن قد يكون عدائياً.
ويعتزم النشطاء المناهضون للهجوم الإسرائيلي على غزة ولدعم واشنطن لإسرائيل تنظيم احتجاجات في مبنى الكابيتول يوم الأربعاء. وتتوقع الشرطة مشاركة "عدد كبير من المتظاهرين" وتتخذ تدابير أمنية إضافية لكنها قالت إنَّه لا توجد تهديدات معلومة.
وتشهد إسرائيل عزلة دولية بسبب حملتها في غزة التي تقول السلطات الصحية في القطاع إنَّها أسفرت عن مقتل نحو 39 ألف فلسطيني، والتوسع في بناء المستوطنات بالضفة الغربية، وهجمات المستوطنين اليهود على الفلسطينيين.
وانتقدت واشنطن الرأي الذي أصدرته محكمة العدل الدولية يوم الجمعة الذي اعتبر أن احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية غير قانوني، لكنه جاء في أعقاب تطورات مماثلة منها قرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بطلب إصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو.
وفي إسرائيل، يواجه نتنياهو دعوات متزايدة للتوصل إلى اتفاق يوقف القتال في غزة ويسمح بعودة 120 رهينة- أحياء أو أمواتاً- ما زالوا محتجزين في القطاع الذي تديره حركة "حماس".
وقاوم نتنياهو الضغوط لإجراء تحقيق في الإخفاقات الأمنية قبل هجوم السابع من تشرين الأول (أكتوبر) على إسرائيل والذي تشير الإحصاءات الإسرائيلية إلى تسببه في مقتل 1200 شخص وخطف أكثر من 250 آخرين.
وتظهر استطلاعات الرأي أن معظم الإسرائيليين يحملونه المسؤولية وسيصوتون لإقصائه إذا أجريت انتخابات.
وسيرافق نتنياهو نوعا أرغماني، الرهينة التي أنقذتها قوات كوماندوز إسرائيلية الشهر الماضي. وتعرض وجودها لانتقادات من قبل عائلات الرهائن الآخرين إذ تقول إنَّ نتنياهو لم يبذل ما يكفي لضمان إطلاق سراح أحبائهم.