يزور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هذا الأسبوع الولايات المتحدة حيث يلقي خطاباً أمام الكونغرس، في ظل توتر في العلاقات بين الحليفين التاريخيين على خلفية الحرب في غزة.
وتتزامن الزيارة ومرحلة سياسية حرجة في الولايات المتحدة، بعد إعلان الرئيس جو بايدن انسحابه من الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني (نوفمبر).
وكانت الولايات المتحدة أبرز داعم سياسي وعسكري لإسرائيل منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة في السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، الا أن مسؤولين في إدارة الديموقراطي بايدن لم يخفوا خلال الأشهر الماضية، انتقاداتهم لطريقة خوض الدولة العبرية الحرب، خصوصاً لجهة الحصيلة الباهظة للقتلى بين المدنيين الفلسطينيين.
الا أن محللين يؤكدون أن الدعم الأميركي يبقى راسخاً، لاسيما وأن الدعوة وجهت الى نتنياهو بهدف "إظهار تضامن أميركا مع إسرائيل".
دعوة على رغم الحرب؟
بلغت الدعوات لانهاء الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة، مستويات غير مسبوقة في الولايات المتحدة في الأشهر الماضية، خصوصاً من الطلاب المحتجين في الجامعات الأميركية، وسياسيين من الجناح اليساري للحزب الديموقراطي.
لكن ذلك لم يؤدِ الى تغيير في دائرة القرار في الحزب الديموقراطي أو يقنعها بممارسة ضغوط كافية لإنهاء الحرب، وفق ما قال محللون لوكالة فرانس برس.
ووجّه زعيما الديموقراطيين والجمهوريين في الكونغرس الدعوة الى نتنياهو لإلقاء خطاب أمام المجلس.
وقال نائب مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق تشاك فرايليك لوكالة فرانس برس إن الجمهوريين يقفون خلف الفكرة، وإن "بايدن والديموقراطيين اضطروا للسير بها".
ورأى الباحث في شركة "لو بيك" الأمنية الاستشارية مايكل هوروفيتز أن الزيارة سترغم الديموقراطيين على "إيجاد توازن معقد" بين معارضتهم للكلفة البشرية الباهظة للحرب في غزة، وبين الدعم التاريخي لإسرائيل.
من جهتها، اعتبرت ميراف زونزين الباحثة في مجموعة الأزمات الدولية، أن دعوة نتنياهو على رغم الاحتجاجات الشعبية "تظهر وجود الكثير من الثغرات والتناقضات في الموقف الأميركي حيال الحرب في غزة حالباً".
طبيعة العلاقات بين البلدين
ورأت أن الأشهر الماضية شهدت "الكثير من الحديث، والكثير من المواقف السلبية بشأن المسألة الانسانية على امتداد الحرب"، مشيرة على سبيل المثال الى خطوات تؤكد أنها غير مسبوقة، مثل تعليق شحنات أسلحة لإسرائيل وفرض عقوبات على مستوطنين.
لكنها شددت على أن هذه الخطوات غير كافية لتغيير واقع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وتابعت: "لا أعتقد أنه يمكن الحديث عن أزمة في العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، لأنها (العلاقة) متجذرة بعمق في السياسات الأميركية والإسرائيلية".
بدوره، أشار فرايليك الى "عدم وجود أزمة في الوقت الراهن، لكن ثمة الكثير من التوتر، وللأشهر القليلة المقبلة تأثير مهم على مسار الأمور".
وقف الأسلحة الى إسرائيل؟
أفرجت الولايات المتحدة مؤخراً عن شحنة أسلحة لإسرائيل تشمل قنابل زنتها 500 رطل (226 كيلوغراماً) بعد تعليقها لأسابيع، الا أن إدارة بايدن لا تزال تمتنع عن إرسال قنابل زنة ألفي رطل في ظل المخاوف من ارتفاع حصيلة القتلى المدنيين الفلسطينيين.
ويعدّ المسّ بتدفق الأسلحة الأميركية الى الدولة العبرية أمراً غير مسبوق في تاريخ العلاقات بين البلدين.
وقال فرايليك: "لم يسبق لأحد أن أثار مسألة الامداد بالأسلحة. العلاقة التسليحية كانت أمراً جلياً، وشبه مقدّسة اذا أمكن القول".
وأضاف أنه في حين كان رفع الحظر على إرسال قنابل زنة ألفي رطل أمراً محتملاً خلال زيارة نتنياهو، بات ذلك "أصعب بالنسبة الى الولايات المتحدة بعد الهجوم على (محمد) الضيف، والذي استخدِمَت فيه على ما اعتقد، أربع قنابل زنة كل منها ألفي رطل".
وأعلنت إسرائيل أنها استهدفت في 13 تموز (يوليو)، محمد الضيف قائد كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحماس، بضربة في مواصي خان يونس بجنوب القطاع. وأودت الضربة بأكثر من 90 شخصا، وفق وزارة الصحة التابعة للحركة.
واستبعد هوروفيتز أن "تبدّل إدارة بايدن موقفها خلال زيارة نتنياهو" بشأن القنابل الثقيلة.
أي تأثير لانسحاب بايدن؟
أعلن بايدن (81 عاماً) الأحد انسحابه من السباق الرئاسي ودعم نائبته كاميلا هاريس لمواجهة الجمهوري دونالد ترامب في الخامس من تشرين الثاني (نوفمبر). وأشار المحللون الى أن هذا الإعلان سيكون له انعكاس على زيارة نتنياهو، لكن ليس على العلاقات بين البلدين.
وفي حين اعتبر فرايليك أن الزيارة كانت "غير ضرورية" حتى قبل إعلان بايدن، رأت زونزين أن انسحاب الرئيس الأميركي من الانتخابات يعزّز الانطباع بأن "هذه الزيارة كانت في العديد من الأوجه، غير ذي معنى للجمهورين الإسرائيلي والأميركي على السواء".
لكن تخلي بايدن عن السعي لولاية ثانية يعزّز من الطابع الطارئ لمسعى نتنياهو للقاء ترامب، من دون أن يكون نجاحه في ذلك مضمونا، وفق المحللين.