النهار

مجدل شمس صاعق يبحث عنه نتنياهو لتفجير المنطقة؟
سميح صعب
المصدر: النهار العربي
كأن الصاروخ الذي سقط على مجدل شمس هو ما يبحث عنه نتنياهو للتخلص مما بدا إلحاحاً أميركياً أكبر من ذي قبل على التوصل إلى وقف الحرب في غزة.
مجدل شمس صاعق يبحث عنه نتنياهو لتفجير المنطقة؟
مكان سقوط الصاروخ في مجدل شمس في الجولان المحتل
A+   A-
قبل زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لواشنطن، كان الشرق الأوسط يتأرجح بين الحرب في غزة والقتال "المضبوط" على جبهتي لبنان واليمن. بعد الزيارة و"واقعة الجولان"، بحسب وصف قوات "اليونيفيل"، تشرف المنطقة على تصعيد واسع يقضي على أي فرصة بالتوصل إلى وقف للنار في غزة، وربما أفضى إلى الحرب الشاملة التي لم يكن أي طرف يريدها، لكن الواقع يؤشر إلى عكس ذلك.    
 
كأن الصاروخ الذي سقط على مجدل شمس هو ما يبحث عنه نتنياهو للتخلص مما بدا إلحاحاً أميركياً أكبر من ذي قبل على التوصل إلى وقف الحرب في غزة، بينما لم تكد تمضي ساعات على خطاب الكونغرس الذي تعهد فيه أن "ما من قوة ستجبر إسرائيل على وقف الحرب" قبل أن تستسلم "حماس" وتفرج عن الرهائن.   
 
الميل الأميركي من ديموقراطيين، وحتى جمهوريين لوقف الحرب، أرغم نتنياهو على القبول بإرسال رئيس "الموساد" ديفيد برنياع إلى روما للقاء رئيس وكالة الاستخبارات الأميركية "سي آي إي" وليم بيرنز ورئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ورئيس المخابرات المصرية عباس كامل، لوضع "استراتيجية" للتفاوض، ونقل الشروط الإسرائيلية الجديدة القائمة على بقاء دائم في "محور فيلادلفيا" على الحدود بين غزة ومصر وعلى محور نتساريم من شرق القطاع إلى غربه، وحق إسرائيل باستئناف الحرب بعد المرحلة الأولى من صفقة التبادل التي تمتد 42 يوماً، والتمتع بالفيتو على أسماء الأسرى الفلسطينيين من المحكومين بالمؤبدات ممن تطالب الحركة بإطلاقهم. 
 
هذه الشروط الجديدة كافية لإغراق المفاوضات ودفع "حماس" إلى رفضها. وأتت مسألة مجدل شمس لتجعل نتنياهو أكثر تصلباً، وربما دفع الشرق الأوسط إلى الانفجار الكبير. ويريد أن يمنح صدقية لنفسه عندما تحدث عن أن إيران هي التي تقف خلف ما يجري على "سبع جبهات" تقاتل عليها إسرائيل ليس فقط دفاعاً عن نفسها بل دفاعاً عن الولايات المتحدة وحتى لا تتساقط "القنابل النووية الإيرانية" على أميركا.   
 
أخذ نتنياهو الحرب إلى أقصاها، وعلى أنها لا تحتمل هدنات، وأنه يعلم أن الولايات المتحدة تكون خلف إسرائيل في أي معركة تخوضها.   
 
وكمن يجمع عناصر قضية لتبرير رد واسع، قال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري إن هجوم مجدل شمس هو الأفظع منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر) عندما اخترقت "حماس" غلاف غزة لتنفجر بعدها الحرب المستمرة حتى الآن، وأعلن أن الصاروخ هو من طراز "فلق-1" الإيراني الصنع، على نحو يعيد إلى الأذهان التشديد على أن المسيّرة الحوثية "يافا" التي سقطت في تل أبيب قبل أيام هي نموذج لمسيّرة "صماد-3" الإيرانية الصنع. وعليه، انصبت كل التصريحات الإسرائيلية على اعتبار ما حدث قد تجاوز "كل الخطوط الحمر"، وأن الأمر يستوجب رداً مختلفاً على "حزب الله" يتخطى كل الهجمات الإسرائيلية على لبنان منذ 8 تشرين الأول.
 
وفي موقف أميركي متعاطف مع إسرائيل من دون أن يصل إلى حد منحها الضوء الأخضر لحرب مفتوحة على لبنان، قال ناطق باسم مجلس الأمن القومي الأميركي إنّ "دعمنا لأمن إسرائيل راسخ ولا يتزعزع ضدّ كلّ الجماعات الإرهابية المدعومة من إيران، بمن في ذلك حزب الله اللبناني (...) الولايات المتّحدة ستواصل دعم الجهود الرامية لوضع حدّ لهذه الهجمات الرهيبة".
 
والتقطت إيران التي نصّبت رئيسها الجديد مسعود بزشكيان أمس، التلميحات الإسرائيلية، ليسارع الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، إلى التحذير من أن "أي خطوة تنمّ عن جهل من النظام الصهيوني قد تؤدي إلى توسيع عدم الاستقرار وعدم الأمن والحرب في المنطقة".     
 
أكبر خدمة يسديها نتنياهو للمرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأميركية دونالد ترامب في هذه اللحظة، هي توريط إدارة الرئيس جو بايدن في حرب جديدة بالشرق الأوسط. ولم يفت الرئيس الأميركي السابق التغريد بأنه لو كان في البيت الأبيض لما سقط الصاروخ على مجدل شمس، كما كان يقول من قبل أنه لو بقي رئيساً في 2020 لما نشبت حربا أوكرانيا وغزة.   
 
في ظل هذه المناخات الساخنة، ما يجدر التوقف عنده هو ما قاله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للرئيس السوري بشار الأسد خلال زيارته لروسيا الأسبوع الماضي، من أنه يخشى من أن تكون المنطقة ذاهبة نحو "تصعيد خطير".  
 

اقرأ في النهار Premium