النهار

"الجبهة الثامنة"... هجوم ساديه تيمان يهزّ "الدولة العميقة" في إسرائيل
فلسطين- مرال قطينة
المصدر: النهار العربي
هذا الشرخ المتسع يوماً بعد يوم بات يطبع الحياة السياسية في إسرائيل ويؤثّر على الحياة اليومية في ما باتت تُسمّى "إسرائيل الجديدة" التي يقودها وزيرا المالية بتسالئيل سموتريتش والأمن القومي ايتمار بن غفير. والتهديد الأكبر، بحسب محللين ومختصين بتاريخ إسرائيل هو تعميق هذا الشرخ ليصبح خطرا استراتيجيا على المنظومة بأكملها، ويؤدي إلى التفكك الداخلي والصراع بين "دولة يهودا" و"دولة إسرائيل".
"الجبهة الثامنة"... هجوم ساديه تيمان يهزّ "الدولة العميقة" في إسرائيل
عراك بين الجنود والمستوطنين المتطرفين في قاعدة بيت ليد (أ ف ب)
A+   A-
يتفق خبراء ومحللون إسرائيليون على أنّ الأحداث غير المسبوقة التي شهدتها قاعدة "ساديه تيمان" خلال اليومين الماضيين، دليل على شرخ حقيقي وأساسي بين الدولة العميقة التي تُشرعن كل الممارسات ضد الفلسطينيين بطرق يتم تصويرها على أنها "تتوافق والقانون الدولي"، وبين مجموعات من ميليشيات المستوطنين المتطرفين من "فتيان التلال" و"الكهانيستيم" من أتباع الحاخام المتطرف الراحل مئير كهانا، الذين يريدون تطبيق القانون على طريقتهم ويحللون قتل الفلسطينيين واغتصابهم بشتى الطرق.
 
هذا الشرخ المتسع يوماً بعد يوم، بات يطبع الحياة السياسية في إسرائيل ويؤثّر على الحياة اليومية في ما باتت يُسمّى "إسرائيل الجديدة" التي يقودها وزيرا المالية بتسالئيل سموتريتش والأمن القومي ايتمار بن غفير. والتهديد الأكبر، بحسب محللين ومختصين بتاريخ إسرائيل هو تعميق هذا الشرخ ليصبح خطراً استراتيجياً على المنظومة بأكملها، ويؤدي إلى التفكك الداخلي والصراع بين "دولة يهودا" و"دولة إسرائيل".
 
انقسام وعصيان
بدأت أحداث الأثنين والاقتحامات المتتالية للقاعدة، وهي مقر الشرطة ومجمع المحاكم العسكرية في بيت ليد بالنقب، بمجرّد التلويح باعتقال 10 جنود إسرائيليين نكّلوا بالأسرى الفلسطينيين وعذبوهم. ومن ضمن الضحايا ضابط في "كتائب القسام" مسؤول عن جباليا في غزة، كان نُقل بشكل استثنائي من معتقل "عوفر" إلى "ساديه تيمان"، وبالتالي نُقلت مسؤولية اعتقاله من مصلحة السجون الإسرائيلية إلى الجيش مباشرة، لكنه نقل إلى أحد المستشفيات بحالة صحية مزرية وعليه علامات تعذيب واضحة. ووفقاً للتشخيص الأولي كان يعاني من إصابة حادة في فتحة الشرج بعدما قام الجنود بوضع عصا في مؤخرته.
 
وبهدف حماية المؤسسة العسكرية من أي ملاحقات قانونية دولية في المستقبل، حضر محققو الشرطة العسكرية إلى القاعدة العسكرية لاعتقال الجنود المشتبه بهم بالتنكيل وتعذيب الأسرى، لكن نشطاء اليمين المتطرف لم يفهموا ذلك واعترضوا المحققين، واقتحموا القاعدة العسكرية التي استدعى الجيش تعزيزات لحمايتها.

الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية "أمان"، ورئيس معهد "مايند اوف اسرائيل" عاموس يادلين اعتبر اقتحام المستوطنين من نشطاء الصهيونية الدينية والقوة اليهودية وأعضاء كنيست ووزراء بمثابة "الجبهة الثامنة" التي تواجهها إسرائيل.
 
وتتمثل هذه الجبهة بالهجوم على الجهاز القضائي الإسرائيلي بدءا  بالمحكمة العليا والمستشارة القضائية والنيابة العسكرية، وصولاً إلى رفض قيام شرطة إنفاذ القانون بتفريق المتظاهرين من أمام المعسكرات التابعة للجيش.
 
"خارج السيطرة"
صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية كتبت: "سيبقى لاقتحام قاعدة ساديه تيمان ذكرى خاصة، لكن هذا ليس سوى جزءاً من التدهور الذي نعيشه". 
 
وأضافت: "رأينا ممثلي الحكومة الموجودين حالياً في السلطة، من وزراء وأعضاء الكنيست الذين يرتدون البدلات والقمصان، يندمجون في غوغاء المتوحشين ويقودون الطريق لهجوم إسرائيلي - إسرائيلي، بينما انتظر رئيس الوزراء ساعتين حتى أصدر رسالة قصيرة دعا فيها إلى تهدئة النفوس، مديناً بشدة اقتحام القاعدة. ووفقاً لمعايير (رئيس الوزراء الإيرائيلي بنيامين) نتنياهو الملتوية يُعتبر هذا رقماً قياسياً أولمبياً في الرد المسؤول والمطلوب".
 
ويؤكّد الباحث في مركز "تقدم للدراسات" أمير مخول "فرض بن غفير سلطته المطلقة على الشرطة ومصلحة السجون خدمة لعقيدته العنصرية الدموية، وفرض سموتريتش صاحب الصلاحيات الأوسع في كل ما يتعلق بالضفة الغربية والضم والتطهير العرقي سياسته، بعدما سيطر على الإدارة المدنية وفرض تغييراً في الجيش، ما أدى إلى اطلاق الوزيرين حملة متناسقة مع نتنياهو لتقويض أركان الجيش".
 
واعتبر أنّ الصراع بين المنظومات والمستوى السياسي بات خارج السيطرة، وأنّه أشدّ خطورة من كل الجبهات الخارجية.
 

اقرأ في النهار Premium