في عام 2016 طرح وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك أفيغدور ليبرمان القيام بضربة استباقية ضد لبنان، وبحسب ما قال، كاد الوزراء في الكابينيت الأمني السياسي، بمن فيهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يصابون بنوبة قلبية من مجرد طرح الفكرة التي رُفضت على الفور.
وعلى رغم التهديد باندلاع حرب في المنطقة والتدهور إلى حرب شاملة، إلا أن ليبرمان قال إن إسرائيل يجب أن تشن الآن هجوماً ضد البرنامج النووي الإيراني "وستكون هناك أثمان باهظة، ولكن كلما تأخرنا سيكون الثمن أعلى".
وعلى خلفية الانتظار منذ أسبوعين ونصف أسبوع الرد الإيراني ورد "حزب الله" على اغتيال القيادي في "حماس" إسماعيل هنية ورئيس هيئة أركان "حزب الله" فؤاد شكر، قال زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" ليبرمان في مقابلة مع برنامج "لقاء مع الصحافة" في القناة 12 الإسرائيلية: "لا شك في أننا عالقون عند 6 تشرين الأول/ أكتوبر في التصور نفسه، التسرع والانتظار والاحتواء، يجب أن نكون في المقدمة ونأخذ زمام المبادرة ونوجه ضربة استباقية".
من يجب أن تهاجم إسرائيل؟
"لقد نجح الإيرانيون في توحيد كل الساحات. لا يمكن بناء استراتيجية منفصلة للبنان أو لغزة أو للحوثيين أو لإيران. يجب أن تكون لدينا استراتيجية عامة واحدة والتصرف على أساسها. الهدف هو إيران. لدينا ما يكفي من الأهداف والخيارات، السؤال الواضح هو ما إذا كنا قادرين على مهاجمة إيران بمفردنا، من دون هزيمة الإيرانيين وتدمير برنامجهم النووي، لا يمكن الحديث عن النصر"، أضاف المتطرف الإسرائيلي.
ورأى ليبرمان أنه "لا يمكن أن تكون على أهبة الاستعداد طوال الوقت ويداك على رأسك وتنتظر سقوط الصواريخ هنا"، وعلى رغم التهديد باندلاع حرب إقليمية وتدهورها إلى حرب شاملة، أكد ليبرمان أنه "ستكون هناك أثمان صعبة، ولكن كلما قمنا بتأجيلها ارتفع الثمن".
مواجهة غير تقليدية
وبينما تعيش المنطقة حالة انتظار وترقب لشكل الرد المتوقع ونوعه، ما يثير مخاوف دولية من اندلاع حرب إقليمية شاملة، قال اللواء غادي شامني الرئيس السابق للقيادة المركزية وفرقة غزة خلال مقابلة مع صحيفة "معاريف" إن "القتال في الجبهتين الشمالية والجنوبية وتهديدات إيران و"حزب الله" بالرد على عمليتي الاغتيال في طهران وبيروت جعلتنا في مواجهة مباشرة مع إيران، لم يكن هناك شيء كهذا من قبل، ولن ينتهي بسرعة".
وأضاف: "حتى الآن بيانات الطرفين تظهر أنهما غير معنيين بالذهاب إلى حرب شاملة وتوسعها، لكن ليس لدي أدنى شك في أنه لولا الدور الأميركي الكبير والردع الأميركي لحزب الله وإيران، فسنكون بالفعل في مرحلة أكثر تدهوراً وأكثر خطورة بكثير، لأننا ندرك أنه عندما تكون هناك مثل هذه الكثافة من تبادل إطلاق النار والهجمات المتبادلة، فإن احتمال الانزلاق إلى تصعيد خارج عن السيطرة يكون مرتفعاً".
ووفقاً لشامني، فإن "ما يحدث هو أن حزب الله والإيرانيين يفهمون أن هناك شيئاً آخر هنا، وأن الأميركيين يهتمون فعلاً ويحمون مصالحهم الخاصة أولاً، وهم لا يريدون صراعاً مع إيران وحرباً إقليمية، كما أن هناك التصميم على الدفاع عن إسرائيل وعن قدراتها العسكرية. القصة بأكملها أن أميركا حالياً نجحت في إبقاء الغطاء على طنجرة الضغط، لكن هذا لا يعني أن الأوضاع لا يمكن أن تتدهور بسرعة كبيرة وتنفجر وتؤدي إلى حرب واسعة النطاق".
وتابع شامني: "أعتقد أنه كان ينبغي علينا أن نكون في وضع مختلف منذ وقت طويل. منذ أكثر من 10 أشهر ونحن نقاتل في الجنوب ويتم تعريف غزة على أنها الجهد الرئيسي وعلى أنها واقع إشكالي للغاية لا يتغير".
وأشار شامني إلى أنه "لسوء الحظ انخفض مستوى أداء الجيش الإسرائيلي كثيراً في السنوات الأخيرة، ولا يعرف كيفية الرد الهجومي في ساحتين معقدتين في الوقت نفسه، لذلك كان من الصواب أن نتوجه بأسرع ما يمكن نحو التهدئة في الجنوب ووقف الأعمال القتالية ومحاولة التوصل إلى تسوية في قضية الأسرى الإسرائيليين، وجعل غزة جهداً ثانوياً لتركيز الجهد في الشمال".
ورأى أن هناك "أشياء يتعين علينا القيام بها لم نعتقد يوماً أنها ستكون ضرورية، نحتاج إلى البدء في تغيير توجهاتنا الاستراتيجية، للأسف أن كل الحديث الذي سمعناه من القيادة الإسرائيلية عن أن إسرائيل ستدافع عن نفسها بنفسها غير صحيحة على الإطلاق، لذلك نحن بحاجة إلى دعم من التحالف...".
وخلص شامني إلى أن "الحلم الإيراني لا يقتصر على قصة الأسلحة النووية فحسب، بل إنهم يدركون أنه يمكن أن يصل إلى حد تدمير إسرائيل تقليدياً".
ويبدو أن طهران تمنح الوسطاء الوقت لمواصلة محادثات وقف إطلاق النار، وبحسب المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين، من المتوقع أن تؤجل إيران عملياتها المقررة ضد إسرائيل والسماح للوسطاء بالوقت الكافي للقيام بدفعة عالية المخاطر من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار لإنهاء الحرب في غزة، ولم يتضح ما إذا كان هذا الجدول الزمني سيغير تقييمات إيران.
وتشير التقديرات الاستخبارية الإسرائيلية إلى أن "حزب الله" وإيران خفضا مستوى التأهب في وحدات الصواريخ والقذائف التابعة لهما، ووفقاً لمسؤولين إسرائيليين، فإن الرد الذي تقوده إيران، والذي تأخر مرات عدة، سيحدث في وقت لاحق.
وحذر المسؤولون من أن تقييماتهم تتغير بسرعة نظراً إلى تسارع وتيرة الأحداث، كما أن المعلومات الاستخبارية نادرة وتتغير تكراراً، إضافة إلى أن إيران و"حزب الله" يقيّمان الوضع باستمرار.