يتصدر بنيامين نتنياهو استطلاعات الرأي باعتباره رئيس الوزراء الإسرائيلي المفضل، في تحول كان يعتقد الكثيرون أنه مستحيل الحدوث بعد أن شهد عهده أسوأ مأساة في تاريخ البلاد في 7 تشرين الأول (أكتوبر)، وفق صحيفة "التلغراف" البريطانية التي أشارت إلى أن "الامر ليس جديداً على نتنياهو الذي فاز في الانتخابات خمس مرات على الرغم من أنه بدا في كثير من الأحيان على حافة النسيان السياسي".
وقالت الصحيفة إن "المحللين توقعوا بأنه سيحاول انتظار رد الفعل العكسي على طريقة تعامله مع هجوم حماس الذي أودى بحياة 1200 إسرائيلي، معتقداً أنه مع مرور الوقت يمكن أن يستعيد الدعم خلال الحرب. وبالفعل تظهر استطلاعات الرأي الآن أن هذه المناورة قد تؤتي ثمارها".
ففي آب (أغسطس)، منح استطلاع للرأي أجرته صحيفة معاريف حزب الليكود بزعامة نتنياهو 22 مقعدا، ليصبح مرة أخرى أكبر حزب في الكنيست الإسرائيلي، مع تراجع حزب الوحدة الوطنية، الحزب الذي يقوده منافسه الرئيسي بيني غانتس، إلى 20 مقعدا. وقال 48% من الناخبين إنهم يريدون نتنياهو رئيسا للوزراء، مقابل 42% اختاروا غانتس.
وتصف الصحيفة ذلم بأنه "تحول غير عادي حيث اتسمت فترة ولاية نتنياهو منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر) باحتجاجات من عائلات الرهائن الذين احتجزتهم حماس، ولوم من حلفاء إسرائيل الرئيسيين، واقتحام مثيري الشغب لقواعد الجيش الإسرائيلي وانتقادات من كبار ضباطه".
وقال بنحاس عمار، البالغ من العمر 67 عاماً من مدينة الخضيرة وسط البلاد، للصحيفة إنه يؤيد نتنياهو بسبب "مقاومة الضغط" من الولايات المتحدة و"الابتزاز العاطفي" في قضية الرهائن داخل إسرائيل، حيث تتهم العائلات نتنياهو بعدم القيام بما يكفي لإعادة الرهائن.
وقالت شولاميت بيريز من مدينة أور عقيفا: "لولاه لكانت البلاد في وضع أسوأ"، معبّرة عن اعتقادها بأنه السياسي الأذكى في إسرائيل.
"القيادة والثبات والقوة"
أما أفيف بوشنسكي، المستشار السابق نتنياهو ورئيس الأركان السابق، فقال إن رسائل رئيس الوزراء المستمرة حول ضرورة القضاء التام على حماس كان لها صدى لدى الإسرائيليين حتى بعد مرور 10 أشهر على الحرب، مضيفا: "يريد الإسرائيليون رؤية القيادة والقوة. وقد أظهر نتنياهو كليهما".
ويتفق بعض الإسرائيليين مع وجهة نظره بأن إسرائيل بحاجة إلى تدمير "حماس" حتى لو أدى ذلك إلى التضحية بحياة بعض الرهائن، بحسب بوشنسكي.
وتابع: "نتنياهو ثابت في رسالته حول حماس، على عكس خصومه"، مضيفا أن مقاومته ضد ضغوط العالم بأسره، بما في ذلك الولايات المتحدة، أمر يكافأ عليه.
وبحسب الصحيفة: "في حين انتقده خصومه لتعريضه علاقة إسرائيل بالولايات المتحدة للخطر، خاصة خلال سنوات أوباما، إلا أن قاعدته الانتخابية كافأته على ذلك".
وقال ميكي زوهار، وزير الثقافة وأحد المقربين من نتنياهو، لـ"التلغراف" إنه يعتقد أن العديد من الإسرائيليين بدأوا "يدركون" أن استراتيجيته طويلة الأمد في مواجهة إيران و"حزب الله" و"حماس" ذكية.
وقال نداف شتراشلر، وهو خبير استراتيجي سياسي عمل عن كثب مع نتنياهو، إن رئيس الوزراء دخل الآن "الفصل الثاني" من بقائه السياسي بعد السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، والذي سينتهي في أواخر ذلك الشهر من العام الحالي أو أوائل تشرين الثاني (نوفمبر) حيث سيحدث أمران: عودة الكنيست من العطلة وإجراء الانتخابات الأميركية.
وبحسب الصحيفة: "رغم أن رئيس الوزراء البالغ من العمر 74 عاما يستعيد ببطء بعضا من الدعم، إلا أن معارضيه غاضبون منه أكثر من أي وقت مضى. وقد تظاهرت عائلات الرهائن في غزة ضده محملينه المسؤولية المباشرة عن الفشل في إعادة الرهائن المتبقين".
وختمت "التلغراف": "تمكن نتنياهو من النجاة من أكبر كارثة في تاريخ إسرائيل من خلال القيام بما يجيده، أي المماطلة لكسب الوقت وإدارة اللعبة السياسية لصالحه. ولكن الفشل في إعادة الرهائن سيكون بالنسبة للعديد من الناخبين أمرا لا يغتفر".