النهار

أين السنوار؟... إسرائيل تطارد قائد حماس بتعاون أميركي
المصدر: النهار العربي
منذ بداية الحرب، خرج السنوار أكثر من مرة من الأنفاق بسرية تامة ودون الكشف عنه ولم يرصد إلا بعد عودته للأنفاق.
أين السنوار؟... إسرائيل تطارد قائد حماس بتعاون أميركي
يحيى السنوار.
A+   A-
كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية عن أن إسرائيل تمكّنت من رصد مكالمات لقائد حركة "حماس" يحيى السنوار من داخل الأنفاق بمساعدة أجهزة تنصّت أميركية ولكنّها لم تنجح بتحديد موقعه.

تفعّل الاستخبارات الأميركية طواقم خاصّة لجيشها في غزة لزرع رادارات تخترق الأرض لكشف موقع السنوار ولكنها لم تنجح حالياً، إذ نشر الأميركيون راداراً مخترقاً للأرض للمساعدة في رسم خريطة لمئات الأميال من الأنفاق التي يعتقدون أنها موجودة تحت غزة، مع صور جديدة مدمجة مع معلومات استخباراتية إسرائيلية تم جمعها من مقاتلي "حماس" الأسرى ومجموعة من الوثائق لبناء صورة أكثر اكتمالاً لشبكة الأنفاق.
 
منذ هجمات 7 تشرين الأول (أكتوبر) التي خطط لها وأدارها، كان السنوار أشبه بالشبح: لم يظهر أبداً في العلن، ونادراً ما كان يصدر رسائل لأتباعه ولم يقدّم سوى القليل من الأدلة عن مكان وجوده. ويتواصل منذ أشهر مع العالم الخارجي فقط عن طريق وسائل بشرية ولا يستخدم أيّ جهاز إلكتروني.
 
منذ بداية الحرب، خرج السنوار أكثر من مرة من الأنفاق بسرية تامة ودون الكشف عنه ولم يرصد إلا بعد عودته للأنفاق.
 
وفق الصحيفة، إن وضع السنوار أكثر تعقيداً وأكثر إحباطاً للمسؤولين الأميركيين والإسرائيليين. وتكشف المقابلات التي أجريت مع أكثر من عشرين مسؤولاً في إسرائيل والولايات المتحدة أن كلا البلدين قد ضخّتا موارد هائلة في محاولة العثور عليه. وقد أنشأ المسؤولون وحدة خاصة داخل مقر جهاز المخابرات الداخلية الإسرائيلي "شين بيت"، وتم تكليف وكالات التجسس الأميركية باعتراض اتصالات السنوار.
 
وأنشأت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (C.I.A.) أيضاً فرقة عمل، وأرسلت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) قوات عمليات خاصة إلى إسرائيل لتقديم المشورة للجيش الإسرائيلي بشأن الحرب التي تلوح في الأفق في غزة.
 
ويقول دبلوماسيون مشاركون في مفاوضات وقف إطلاق النار في العاصمة القطرية الدوحة إن ممثلّي "حماس" يصرّون على أنّهم بحاجة إلى رأيالسنوار قبل أن يتّخذوا قرارات رئيسية في المحادثات. وبصفته القيادي الأكثر احتراماً في "حماس"، فهو الشخص الوحيد القادر على ضمان تنفيذ كل ما يتقرّر في الدوحة في غزة.
 
ويشير مسؤولون إسرائيليون وقطريون ومصريون وأميركيون إلى أن التواصل مع السنوار أصبح أكثر صعوبة. فقد اعتاد على الرد على الرسائل في غضون أيام، لكن المسؤولين قالوا إن الأمر استغرق وقتاً أطول بكثير للحصول على رد منه في الأشهر الأخيرة، وأن بعض نوابه في بعض الأحيان كانوا وكلاء عنه في تلك المناقشات.
 
الحياة تحت الأرض
قبل الحرب، كان للسنوار حضور بارز في غزة.

فقد أجرى مقابلات، وترأس تدريبات عسكرية، وحتى أنه ظهر على شاشات التلفزيون لتقديم جائزة لمسلسل يصوّر هجوم "حماس" على إسرائيل - في مقدمة مخيفة لحرب 7 تشرين الأول (أكتوبر).

خلال الأسابيع الأولى من الحرب، يعتقد مسؤولون استخباراتيون وعسكريون إسرائيليون أن السنوار كان يعيش في مجموعة من الأنفاق تحت مدينة غزة، أكبر مدن القطاع وإحدى أولى المدن التي استهدفتها القوات العسكرية الإسرائيلية.
 
خلال إحدى الغارات المبكرة على نفق في مدينة غزة، عثر الجنود الإسرائيليون على شريط فيديو - تم تصويره قبل أيام - للسنوار في خضم نقل عائلته إلى مكان اختباء مختلف تحت المدينة. ويعتقد مسؤولو الاستخبارات الإسرائيلية أنّه احتفظ بعائلته معه خلال الأشهر الستة الأولى من الحرب على الأقل.

في ذلك الوقت، كان السنوار لا يزال يستخدم الهواتف الخلوية وهواتف الأقمار الصناعية - التي أصبحت ممكنة بفضل شبكات الهواتف الخلوية في الأنفاق - وكان يتحدّث من وقت لآخر مع مسؤولي حماس في الدوحة. وتمكّنت وكالات التجسّس الأميركية والإسرائيلية من رصد بعض تلك المكالمات لكنها لم تتمكن من تحديد موقعه.

ومع نفاد الوقود في غزة، ضغط وزير دفاع إسرائيل يوآف غالانت من أجل إدخال شحنات جديدة إلى غزة لتشغيل المولدات اللازمة لتشغيل شبكات الهواتف الخلوية حتى يتسنى استمرار التنصت الإسرائيلي - رغم اعتراضات أعضاء اليمين المتطرف في الحكومة الإسرائيلية الذين أرادوا قطع شحنات الوقود لمعاقبة سكان غزة، بحسب الصحيفة.

خلال هذه الفترة، حصلت وكالات التجسّس على لمحات من حياته في الخفاء، بما في ذلك استهلاكه الشره لوسائل الإعلام الإسرائيلية وإصراره على مشاهدة نشرة أخبار الثامنة مساءً على التلفزيون الإسرائيلي.

وفي تشرين الثاني (نوفمبر)، وصف أحد الأسرى الإسرائيليين المحررين كيف خاطب السنوار عدداً كبيراً من الأسرى الإسرائيليين بعد فترة قصيرة من هجمات 7 تشرين الأول. وفي حديثه باللغة العبرية، التي تعلّمها خلال السنوات التي قضاها في السجن الإسرائيلي، أخبرهم السنوار أنهم آمنون حيث هم، وأنه لن يصيبهم أي أذى، وفقاً لرواية الأسير.
 
وقال مسؤولون إسرائيليون إن جميع عناصر "حماس" المختبئين تحت الأرض، حت السنوار، يجب أن يخرجوا من حين لآخر من الأنفاق لأسباب صحية. لكن شبكة الأنفاق واسعة ومعقّدة للغاية - ولدى مقاتلي "حماس" معلومات استخباراتية جيّدة عن أماكن وجود القوات الإسرائيلية - لدرجة أن السنوار يمكن أن يخرج أحياناً فوق الأرض دون أن يتم اكتشافه.

وفي نهاية المطاف انتقل السنوار جنوباً إلى خان يونس، المدينة التي ولد فيها، كما يعتقد المسؤولون الإسرائيليون والأمريكيون، وربّما سافر من هناك إلى مدينة رفح عبر امتداد النفق.
 
"لا يقدّر بثمن"
وقال مسؤول إسرائيلي كبير إن الدعم الاستخباراتي الأميركي "لا يقدّر بثمن".

وللإسرائيليين والأميركيين مصلحة مشتركة في تحديد مكان قادة "حماس" وعشرات الأسرى، بمن فيهم الأميركيون، الذين لا يزالون في غزة.

لكن أحد الأشخاص المطلعين على ترتيبات تبادل المعلومات الاستخباراتية، والذي ناقش الأمر شريطة عدم الكشف عن هويته، يصفها بأنها غالباً ما تكون "غير متوازنة للغاية" - إذ يشارك الأميركيون أكثر مما يقدّمه الإسرائيليون في المقابل.
 
في بعض الأحيان، كما قال هذا الشخص، يقدّم الأميركيون معلومات عن قادة "حماس" على أمل أن يوجّه الإسرائيليون بعضاً من مواردهم الاستخباراتية الخاصة بهم نحو العثور على الأسرى الأميركيين.

اقرأ في النهار Premium