النهار

بين مؤيد ومعارض لتوسيع الحرب... الخلافات تتصاعد بين ‏القيادات في إسرائيل ‏
المصدر: النهار العربي
حذّر عدد من المسؤولين في الجيش الإسرائيلي من أن ‏الحرب مع حزب الله قد تشعل المنطقة بأكملها.
بين مؤيد ومعارض لتوسيع الحرب... الخلافات تتصاعد بين ‏القيادات في إسرائيل ‏
حرب استنزاف في جبهة جنوب لبنان
A+   A-

 
حذّر مسؤولون بارزون في الجيش الإسرائيلي والأجهزة ‏الأمنية من خطوات متسارعة تخطط لها الحكومة على الجبهة ‏الشمالية، تشمل عملية برية داخل لبنان، والتي قد تؤدي إلى ‏اندلاع حرب شاملة، بحسب ما نقلت صحيفة "يديعوت ‏أحرونوت".‏

تأتي هذه التحذيرات في ظل خلافات متصاعدة بين القيادات ‏العسكرية والسياسية حول الإستراتيجية الأمنية المناسبة، فيما ‏يعتقد عسكريون مؤيدون لتوسيع الحرب أن الظروف الحالية ‏تمثل "نافذة أو فرصة" لتغيير الوضع الأمني في الشمال، بينما ‏يدعو آخرون إلى البحث عن حلول سياسية لتجنب تصعيد ‏أكبر.‏

وحذّر عدد من المسؤولين في الجيش الإسرائيلي من أن ‏الحرب مع حزب الله قد تشعل المنطقة بأكملها، ومن ناحية ‏أخرى، فإنهم لا يعِدون على الإطلاق بحل يسمح لسكان ‏الشمال بالعودة إلى منازلهم.‏

وتطرّق محلل الشؤون الاستخباراتية في صحيفة "يديعوت ‏أحرونوت" رونين بيرغمان الى تصاعد الخلافات داخل ‏المؤسسة الإسرائيلية بين القيادات العسكرية والسياسية حول ‏كيفية التعامل مع التصعيد على الحدود الشمالية مع لبنان، ‏وسط تحذيرات من حرب شاملة وأصوات تطالب بحلول ‏سياسية لتجنب تصعيد سينتهي بتسوية سياسية.‏

ووفقًا لأحد المسؤولين، "من جهة، هذه الخطوات تنطوي على ‏خطر ملموس للغاية لتفجير حرب شاملة - ليس فقط على ‏الحدود مع لبنان، بل في المنطقة بأكملها. ومن جهة أخرى، لا ‏تضمن إطلاقًا حلاً يسمح لسكان الشمال بالعودة إلى منازلهم".‏

وتتضمن هذه "الخطوات المتسرعة" تصعيدًا كبيرًا ومتعمدًا، ‏بما في ذلك القيام بعملية برية داخل لبنان، وفقًا لهؤلاء ‏المسؤولين. يأتي ذلك، نتيجة للضغوط المستمرة على حكومة ‏بنيامين نتنياهو في ظل القصف المتواصل على الشمال ومن ‏قبل السكان الذين تم إجلاؤهم من المنطقة الحدودية مع لبنان، ‏وفقا لما نقلت الصحيفة.‏

وأضاف المسؤول: "الحكومة تحتاج إلى إظهار أنها تفعل ‏شيئًا، لكن هذا الشيء هو الأكثر خطورة، والأكثر خطأ. إنه ‏تمامًا ما تم تجنبه طوال العام الماضي. وبدلاً من حل المشكلة، ‏قد يؤدي إلى تعقيدها بشكل أكبر".‏

وتابع: "حكومة إسرائيل تريد الآن دفع الجيش الإسرائيلي إلى ‏مواجهة مع حزب الله، والتي من المحتمل أن تتحول إلى ‏حرب شاملة، وكل ذلك للوصول إلى نفس النقطة التي كان من ‏الممكن الوصول إليها دون استخدام الوسائل العنيفة: موافقة ‏الأمين العام لحوب الله حسن نصر الله على اتفاق سياسي ‏يسمح بعودة سكان الشمال إلى منازلهم. لو تم التوصل إلى ‏صفقة أسرى، وتم تعليق الحرب في غزة مؤقتًا، لكان من ‏المرجح جدًا التوصل إلى اتفاق أيضًا في الشمال".‏

‏"العسكريون في مواجهة السياسيين"‏
وبحسب بيرغمان، "تصاعدت الخلافات بين الجيش ‏الإسرائيلي والحكومة حول إستراتيجية الأمن القومي لإسرائيل ‏بشكل كبير خلال الأيام الماضية، على الرغم من تغيّر ‏الاصطفافات في المعسكرين المختلفين بعض الشيء"، إذ أنه ‏وخلافا لما يحاول مقربون من نتنياهو تصويره فإن الأخير ‏يدعم التصعيد فيما يعارضه وزير الدفاع يوآف غالانت، وليس ‏كما يحاول مكتب نتنياهو تصويره بأنه صراع بين رئيس ‏الحكومة ووزير الدفاع".‏

ونقل بيرغمان عن مسؤول رفيع قوله إن "القصة الحقيقية هي ‏الصراع خلف الكواليس بين العسكريين والسياسيين".‏

ولفت التقرير إلى أنه "خلال الأشهر الأخيرة، دعم الجيش ‏الإسرائيلي وغالانت التوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى تشمل ‏وقف إطلاق النار وانسحاب من غزة، مما يسمح للجيش ‏بالتركيز على الشمال. أطلق وزير الدفاع على ذلك تقاطع ‏التسوية أو المواجهة". ‏

ويعتقد معظم ضباط هيئة الأركان العامة أن "الانتهاء من ‏جبهة غزة، ولو مؤقتًا، سيتيح فرصة مناسبة للعملية السياسية ‏التي يقودها الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين، والتي لم ‏يكن من الممكن التقدم فيها بسبب شرط نصر الله الصارم بعدم ‏مناقشة وقف إطلاق النار إلا بعد إنهاء الحرب على غزة".‏

واعتبر بيرغمان أن "إنهاء الحرب في الجنوب باتفاق مع ‏حماس سيدفع نصر الله للدخول في مفاوضات عبر الوساطة ‏الأميركية (وربما بمشاركة دول أخرى)، والتي ستلتزم بتقديم ‏ضمانات ترضي إسرائيل وتسمح بعودة السكان إلى منازلهم"، ‏معتبرا أن "الحرب مع حزب الله لن تنتهي، لكن لو تم التوصل ‏إلى اتفاق بشأن غزة، كان الجيش الإسرائيلي سيحصل على ‏الوقت اللازم للتخطيط الدقيق (بما في ذلك استكمال النواقص، ‏الراحة، وإعادة التنظيم)، لعملية عسكرية واسعة ضد حزب ‏الله، ولكن في الوقت المناسب وبشروط ملائمة لإسرائيل - ‏وليس وهي متفرقة بين جبهتين، تحت تهديد جبهة أخرى في ‏الضفة، وربما جبهات أخرى قد تفتح النار ضد الهجوم ‏الإسرائيلي في لبنان".‏

هاليفي: الحل يكمن في صفقة تبادل أسرى
واعتبر بيرغمان أن هذه المواجهة بين السياسيين والعسكريين ‏تحصل لأول مرة خلال الحرب التي تشنها إسرائيل منذ 7 ‏تشرين الأول (أكتوبر) الماضي على قطاع غزة، مشيرا إلى ‏أصوات في الجيش تؤيد شن عملية عسكرية واسعة النطاق ‏ضد حزب الله - جوا وبرا، وهذه الأصوات تشمل قائد سلاح ‏الجو وقائد القيادة الشمالية إلى جانب قادة كبار على الجبهة ‏الشمالية. ولكن الآخرين، وهم الأغلبية، بما فيهم رئيس ‏الأركان هرتسي هاليفي، "يعتقدون أن هذا التحرك سيكون ‏خاطئًا في الوقت الحالي، ولن يؤدي بالضرورة إلى عودة ‏السكان إلى منازلهم، ويتضمن خطرًا كبيرًا جدًا بالتصعيد".‏

ويرى هاليفي أنه "يمكن تحقيق ذلك بإحدى طريقتين: إما ‏صفقة لاستعادة الأسرى وبدء مفاوضات لاتفاق سياسي مع ‏حزب الله، أو في حال عدم التوصل إلى اتفاق، القيام بعملية ‏عسكرية يتبعها اتفاق سياسي". ‏

وفي كلتا الحالتين، وفقًا لهاليفي، "سنصل في النهاية إلى نفس ‏النقطة: الحاجة إلى تسوية سياسية، حيث يبتعد حزب الله عن ‏المنطقة الحدودية مع وضع آليات مراقبة وإنفاذ لضمان ذلك. ‏ولكن الخيار الثاني يخلق أيضًا حالة من عدم اليقين حول ما ‏إذا كانت العملية العسكرية ستؤدي بالفعل إلى اتفاق أو ستؤدي ‏إلى تصعيد".‏

وبحسب بيرغمان، فإن كبار المسؤولين العسكريين يعتقدون ‏أن الخطة العملياتية الإسرائيلية الحالية التي تهدف إلى فرض ‏اتفاق سياسي على حزب الله، "مليئة بالثغرات وخطيرة جدًا، ‏وتنطوي على احتمال كبير لتدهور خطير".‏

في المقابل، قال المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت ‏أحرونوت" الإسرائيلية يوسي يهوشواع، إن مسؤولين كبار في ‏الجيش الإسرائيلي يرصدون "فرصة لتغيير الواقع الأمني في ‏الشمال"، وإن العسكريين الداعمين لتوسيع الحرب، يحذرون ‏من أن "إعادة سكان الشمال إلى منازلهم لن تتم عبر اتفاق ‏سياسي فقط".‏

واعتبروا أن "هناك متغيرات تحتم تصعيد المواجهة مع حزب ‏الله بما في ذلك طول أمد الحرب الذي تجاوز السنة، وهو أمر ‏لم يكن متوقعًا. وحالة نفاد الصبر التي تشكلت لدى القادة ‏العسكريين الذين يرون أنه لا يمكن السماح بفقدان السيطرة ‏على مناطق داخل إسرائيل، كما يحدث الآن حيث تم تشكيل ‏حزام أمني فعلي داخل إسرائيل".‏

ويرى هؤلاء القادة الداعمين لتوسيع الحرب على لبنان أن ‏الجيش الإسرائيلي درس تحركات "قوة الرضوان" التابعة ‏لحزب الله على خط التماس مع إسرائيل بشكل أوسع، ‏ويعتقدون أنه "على الرغم من إبعاد مقاتلي القوة عن الحدود، ‏إلا أنهم تركوا وراءهم بنى تحتية عديدة. ‏

وبحسب مصادر عسكرية، فإن تفكيك هذه البنى التحتية يتطلب ‏تدخلا بريا. ولا يمكن لسكان المناطق الحدودية الإسرائيلية ‏العودة إلى منازلهم وهم يعلمون أن حزب الله يمكنه العودة ‏بسهولة إلى القرى القريبة من الحدود مثل كفر كلا، التي تقع ‏بجوار السياج الفاصل مع المطلة".‏

وأشار هؤلاء المسؤولين إلى أن "الظروف الحالية هي الأنسب ‏لتصعيد عسكري، حيث أن جنوب لبنان خالٍ من السكان، ‏وكذلك البلدات الإسرائيلية على الحدود، والولايات المتحدة ‏مقبلة على انتخابات رئاسية، مما يجعل الدعم الأميركي ‏مضمونًا في الوقت الحالي". ‏

ومع اقتراب فصل الشتاء، أضاف المسؤولون أن الجيش ‏الإسرائيلي "لا يرغب في الانخراط في حرب برية في ‏ظروف الطقس الشتوي الصعبة".‏

ونقل يهوشواع عن أحد كبار الضباط في الجيش الإسرائيلي ‏قوله إن "هناك نافذة فرصة حالية – قبل الانتخابات الأميركية ‏وقبل قدوم الشتاء. إن لم ننتهز الفرصة الآن، فلن نتمكن من ‏إعادة السكان في المستقبل المنظور". واعتبر أن "تأجيل ذلك ‏لمدة سنة أو سنتين، للاستعداد بشكل أفضل، سيتيح لإيران ‏استغلال هذه الفترة لبناء قوة حزب الله بشكل أسرع وبكلفة ‏أقل، باستخدام طائرات مسيرة وصواريخ رخيصة".‏

وأضاف أنه "بينما يحتاج الجيش الإسرائيلي إلى ستة أشهر ‏لإنتاج صاروخ دقيق واحد، وهو باهظ الثمن، تستطيع إيران ‏بناء آلاف الطائرات المسيرة والصواريخ بسرعة وكلفة أقل".‏

كذلك اعتبر الداعمون لتوسيع الحرب داخل المؤسسة ‏العسكرية الإسرائيلية أن "من يتجنب الحرب الآن مع حزب ‏الله سيواجه في المستقبل عدوًا أقوى وأكثر تأثيرًا، بما في ذلك ‏النفوذ الإيراني المتزايد على الحدود. لذلك يجب اتخاذ ‏المبادرة ووقف التصعيد قبل أن تتفاقم الأمور"، لافتين الى أن ‏‏"إيران تسعى لإطالة أمد الصراع عبر جبهات متعددة، بما في ‏ذلك لبنان وسوريا والعراق واليمن، بهدف إنهاك إسرائيل، ‏والوصول في النهاية إلى السلاح النووي".‏

اقرأ في النهار Premium