أعلن زعيم المعارضة في تركيا، الذي تعزّز موقفه بفعل المكاسب الكاسحة التي حقّقها حزبه في الانتخابات المحلية، أنّه "بعيد كل البعد" عن بدء محادثات مع حزب "العدالة والتنمية" الحاكم بزعامة رجب طيب إردوغان حول كتابة دستور جديد لأن رئيس البلاد لم يلتزم بالدستور الحالي.
وفي مقابلة مع "رويترز"، دعا أوزغور أوزيل، الذي انتخب رئيساً لحزب الشعب الجمهوري في تشرين الثاني (نوفمبر)، الحكومة أيضاً إلى رفع الحد الأدنى للأجور مرّة أخرى لمواكبة معدّل التضخّم المرتفع.
وقد تهيمن مسألة ما إذا كان يجب إعادة كتابة الدستور التركي وكيفية القيام بذلك على السياسة الداخلية هذا العام بعد أن قال إردوغان وحزب "العدالة والتنمية" إن هذه المسألة تمثل أولوية. ويشير محلّلون إلى أن كتابة دستور جديد قد تمدّد حكم إردوغان إلى ما بعد عام 2028 موعد انتهاء فترة ولايته الحالية.
وقال أوزيل (49 عاماً) بمقر حزب "الشعب الجمهوري" في أنقرة هذا الأسبوع "مناقشة (كتابة) دستور جديد مضيعة للوقت في ظل انتهاكات كثيرة للدستور يقوم بها الحزب الحاكم".
وأضاف "إذا التزم الحزب الحاكم بالدستور الحالي، سنقترب من مناقشة (كتابة) دستور جديد. نحن بعيدون كل البعد حالياً عن هذه النقطة".
وتأتي تصريحات أوزيل بعد فوز حزب "الشعب الجمهوري" العلماني، الذي ينتمي لتيار الوسط، في الانتخابات المحلّية بمعظم المدن الكبرى وتحقيقه مكاسب كبيرة في المناطق الريفية وهي معقل لحزب "العدالة والتنمية" المحافظ، متقدّماً في الانتخابات على الحزب الحاكم للمرّة الأولى في أكثر من 20 عاماً. وجرت الانتخابات في 31 آذار (مارس).
وردّاً على نتيجة الانتخابات، تعهّد إردوغان بتصحيح الأخطاء ودعا إلى انتهاج سياسة "أكثر مرونة".
وأجرى أوزيل محادثات مع إردوغان هذا الشهر، وهي الأولى التي يجريها الرئيس التركي مع زعيم حزب "الشعب الجمهوري" منذ ما يقرب من ثماني سنوات.
"معتقلون سياسيون"
لفت أوزيل بعد الانتخابات المحلية إلى أنّه يرغب في لقاء إردوغان للمساعدة في إنهاء حالة الاستقطاب السياسي.
وقال "إذا كانت تركيا تريد الاستقرار فإنها بحاجة إلى حل قضية المعتقلين السياسيين في قانونها المحلّي"، في إشارة إلى حالات مثل حبس رجل الأعمال المعروف بنشاطه في العمل الخيري عثمان كافالا.
وفي حكم يقول منتقدون ومدافعون عن حقوق الإنسان إنّه يظهر كيف تقوم المحاكم التركية بإسكات المعارضة السياسية، أُدين كافالا وسبعة آخرون بمحاولة الإطاحة بحكومة إردوغان بعد تنظيم احتجاجات جيزي بارك عام 2013. وينفي كافالا تلك الاتّهامات.
وأنهى انتخاب أوزيل لرئاسة حزب "الشعب الجمهوري" زعامة كمال كليتشدار أوغلو للحزب التي استمرت 13 عاماً، والذي خسر أمام إردوغان في الانتخابات الرئاسية عام 2023.
وتجاوز حزب "الشعب الجمهوري" في انتخابات آذار (مارس) مستوى التأييد التاريخي للحزب الذي كان يبلغ 25 بالمئة.
وقال أوزيل ردّاً على سؤال بشأن جهود الحكومة لمواجهة التضخّم إن الوفورات المتوقّعة في خطّة الحكومة الجديدة لخفض النفقات ستكون "شكلية" و"غير فعّالة".
وأضاف "تهدف الخطة إلى توفير 100 مليار ليرة (3.1 مليار دولار)، لكن خسائر البنك المركزي العام الماضي وحده تصل إلى 800 مليار ليرة".
وذكر نائب الرئيس التركي جودت يلماز لـ"رويترز" في مقابلة هذا الأسبوع أن حجم التوفير سيتجاوز 100 مليار ليرة بكثير.
وبلغ معدّل التضخّم في تركيا 70 بالمئة الشهر الماضي، وهو الأعلى بين الأسواق الناشئة باستثناء الأرجنتين، ومن المتوقّع أن يصل إلى ذروته عند نحو 75 بالمئة في أيار (مايو) قبل أن ينخفض إلى نحو 40 بالمئة بحلول نهاية العام.
وانتقد أوزيل تعهّد الحكومة بالحفاظ على استقرار الحد الأدنى للأجور واعتبره غير كافٍ في ظل ارتفاع معدّلات التضخّم، وقال "يجب رفعه".
وردّاً على سؤال عن قرار تركيا هذا الشهر وقف التجارة مع إسرائيل بسبب قصفها لغزة، اعتبر أوزيل أن الحكومة تصرّفت ببطء شديد.
وأضاف "أؤيّد دائماً العلاقات الجيّدة بين إسرائيل وتركيا، لكن على أصدقاء إسرائيل اتخاذ موقف قوي ضد المجازر التي ترتكبها في غزة".
(الدولار = 32.2743 ليرة)