النهار

أردوغان – باهتشيلي: شريكان لدودان يتبادلان التهديد والورد الأحمر
سركيس قصارجيان
المصدر: النهار العربي
واصل دولت باهتشيلي، زعيم حزب "الحركة القومية" اليميني المتطرّف في تركيا، تهديداته غير المباشرة ضدّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بطريقة غير مباشرة.
أردوغان – باهتشيلي: شريكان لدودان يتبادلان التهديد والورد الأحمر
أردوغان و باهتشيلي خلال تجمع انتخابي في أنقرة عام 2019 (ا ف ب)
A+   A-

واصل دولت باهتشيلي، زعيم حزب "الحركة القومية" اليميني المتطرف في تركيا، تهديداته غير المباشرة ضد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بطريقة غير مباشرة.

 

وبحفاوة زائدة، استقبل باهتشيلي علي كوتش، رئيس نادي فينارباختشيه التركي لكرة القدم، المعروف بمعارضته أردوغان، ورافقه عند خروجه حتى الباب الخارجي، في بروتوكول لا يتّبعه السياسي اليميني إلا مع الرئيس التركي.

 

وتضمنت المشاهد التي نشرها المكتب الإعلامي لحزب "الحركة القومية" صورة لساعة يشير توقيتها إلى 17:25، في إشارة إلى حملة أمنية لمكافحة الفساد استهدفت أردوغان وعائلته والمقرّبين منه بين 17 و25 كانون الأول (ديسمبر) 2013.

 

ما قصة الحملة؟

في صباح 17 كانون الأول (ديسمبر) 2013، اعتقل الأمن التركي 89 شخصاً بتهم "الرشوة وإساءة استخدام السلطة والتلاعب بالمناقصات الحكومية والتهريب"، بناءً على تعليمات من المدعي العام آنذاك، بينهم نجل وزير الداخلية ووزير الاقتصاد ووزير البيئة والمدير العام لبنك "هالك" الحكومي، ورئيس بلدية فاتح والعديد من رجال الأعمال المقرّبين من أردوغان الذي كان رئيساً للوزراء، والذي وصف الحملة بأنها "عملية سياسية تستهدف الحكومة والاقتصاد".

 

وتداولت حسابات التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة لعناصر الأمن أثناء ضبطهم مبالغ كبيرة بالدولار واليورو مخبأة في صناديق أحذية في منزل أحد الوزراءـ وأخرى في صناديق كرتونية في منازل مسؤولين آخرين، إضافة إلى ماكينات لعد النقود.

 

وسرّبت تسجيلات صوتية لمكالمة هاتفية يسأل فيها بلال أردوغان أباه رئيس الوزراء كيف يخفي الأموال المكدّسة "في قبو الفيلا"، فيهدئ أردوغان من روعه. وقد اتّهم أردوغان جماعة الداعية فتح الله غولن بالوقوف وراء تلك الحملة الأمنية، وقاد حملة اعتقالات شملت كل المسؤولين العدليين والأمنيين المنخرطين في المداهمات.

 

باهتشيلي يتوعّد أردوغان

وفي لقاء صحافي في العام 2015، أكد باهتشيلي، وكان آنذاك شريك حزب "الشعب الجمهوري" المعارض، مواصلة العمل حتى الكشف عن ملفّات الفساد التي تخص أردوغان، وقال إنّه أوقف عقارب ساعته عند 17:25 كي يتذكّر دائماً هذا الوعد، كما قال.

 

لكن، بعد انضمامه إلى تحالف السلطة في العام 2018، أزال باهتشيلي "الساعة - الوعد" من مكتبه، ولم تظهر إلا في الفيديو الذي تم نشره بعد 6 سنوات، في إشارة إلى توتر العلاقة بين شريكي الحكم.

 

يقول علي كمال إرديم، الصحافي التركي المتخصص بالسياسة الداخلية، لـ"النهار "، إنّ طرفي تحالف الشعب "ليسا على وفاق، لكنّ مصلحة مشتركة تدفعهما للحفاظ على شراكتهما".

 

وهذه ليست المرة الأولى التي يهدد فيها باهتشيلي شريكه، فقد نشر سابقاً صورة تظهر يده على ملف وفي إصبعه خاتم كتب عليه "(دعم) الله يكفيني"، ردّاً على لقاءات أردوغان المتتالية مع زعيم المعارضة أوزغور أوزيل.

 

جس نبض

تطالب أصوات داخل حزب "العدالة والتنمية" بتغيير النظام الانتخابي الذي يشترط حصول الفائز في الجولة الأولى على نسبة 50%+1 للظفر بالرئاسة، وهذه باتت صعبة المنال بالنسبة لأردوغان في ضوء الخسارة الأخيرة التي تعرّض لها في الانتخابات البلدية.

 

وفي حين أجبر النظام الانتخابي الحالي أردوغان على نسج تحالفات مع مختلف الأحزاب، فإن العودة إلى نظام النسبية العددية يحرره من عبء هذا التحالف، وسط تقارير تتحدّث عن إمكانية التوصّل إلى اتّفاق مع المعارضة تتضمن العودة إلى نظام الحكم البرلماني مقابل موافقة حزب "الشعب الجمهوري" على ترشّح أردوغان لفترة رئاسية ثالثة.

 

وبحسب إرديم، يحاول أردوغان جس نبض المعارضة بما يخص تخفيض العتبة الانتخابية، وهذا يعتبره باهتشلي خطراً على مستقبل تحالفه. ويضيف إرديم: "هناك مجموعة صغيرة داخل حزب العدالة والتنمية، تفضّل نهجاً أكثر ليونة، وتدعم اتخاذ قرارات أكثر مرونة في قضايا مثل احتجاز رجل الأعمال عثمان كافالا والنائب جان أتالاي، فيما لا ينظر حزب الحركة القومية إلى هذه المسائل بإيجابية، ويخشى من أن فتح هذا الباب قد يؤدي إلى انتفاء حاجة أردوغان للتحالف معه، لذا يلجأ إلى التهديد بإعادة فتح ملفات قديمة".

 

لكن الرئيس التركي حاول إنهاء هذا الجدل الثلاثاء بتقديم باقة من 76 وردة حمراء لشريكه، قيل إنها تشير إلى عمره. ويقول إرديم: "يستفيد أردوغان من شراكته مع حزب الحركة القومية، إذ يصوّره عائقاً أمام رغباته بالليونة السياسية ويحمّله بشكل مبطّن مسؤولية إعاقة برامج الانفتاح على المعارضة. في النهاية، يحتاج كلّ من الحزبين إلى الآخر، لكن الثقة مفقودة بينهما".

اقرأ في النهار Premium