اتفقت الولايات المتحدة والصين على إجراء "مباحثات مكثفة حول نمو متوازن"، وفق ما أعلنت وزارة الخزانة الأميركية في بيان السبت في ختام محادثات أجرتها الوزيرة جانيت يلين على مدى يومين مع نظيرها الصيني هي ليفنغ في قوانغتشو.
وتمثل المباحثات المقررة خطوة جديدة في الجهود المشتركة لإرساء الاستقرار في العلاقات بين أكبر اقتصادين في العالم، منذ قمة الرئيسين جو بايدن وشي جينبينغ في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.
وقالت يلين في بيان منفصل إن "هذه المباحثات ستسهل نقاشا حول الخلل في توازن الاقتصاد الكلي، وارتباط ذلك بالقدرة الفائضة، وأعتزم اغتنام هذه الفرصة للدعوة إلى شروط عادلة للعمال والشركات الأميركية".
وتعتبر الولايات المتحدة أن "القدرة الفائضة" للانتاج الصناعي في قطاعات مثل السيارات الكهربائية والبطاريات، قد تسبب فائضا في المنتجات وبالتالي تغرق الأسواق العالمية وتضعف هذه القطاعات في بلدان أخرى.
وبعدما حذرت يلين الجمعة من أن القدرة الفائضة يمكن أن تشكل خطرا على اقتصادات دول في أنحاء العالم، قالت لوسائل إعلام إنها ناقشت المسألة "لأكثر من ساعتين" خلال محادثاتها صباح السبت مع هي.
الا أن الصين ترفض الانتقادات الغربية لسياسة الدعم الحكومي للصناعة. واعتبرت الشهر الماضي أن التحقيق الذي فتحه الاتحاد الأوروبي بشأن دعم صناعة السيارات الكهربائية يأتي في إطار "الحمائية" ويندرج ضمن المساعي الغربية لتسييس التجارة العالمية.
غير أن يلين ألمحت السبت إلى إحراز بعض التقدم لتقريب وجهات النظر بين الجانبين.
وقالت "أعتقد أن الصينيين يدركون مدى قلقنا بشأن تداعيات استراتيجيتهم الصناعية على الولايات المتحدة، واحتمال إغراق أسواقنا بصادرات تجعل من الصعب على الشركات الأميركية المنافَسة، وأن الدول الأخرى لديها المخاوف ذاتها".
وأضافت "لن تُحل المشكلة خلال يوم أو شهر"، مشيدة بالاتفاق على إجراء محادثات جديدة من أجل التوصل إلى "طريقة منظمة يمكننا من خلالها الاستمرار في الاستماع إلى بعضنا ومعرفة ما إذا كان بإمكاننا إيجاد وسيلة للمضي قدما تمكّن من تفادي نزاع".
إلى بكين
وتتوجه يلين الآن شمالا إلى بكين في زيارة تستمر يومين وتشمل مزيدا من المباحثات الرفيعة المستوى مع القادة الصينيين.
تأتي زيارة يلين إلى الصين، وهي الثانية خلال أقل من عام، في وقت تظهر خلافات بين واشنطن وبكين حول قضايا عديدة من التكنولوجيا والتجارة إلى حقوق الإنسان، مرورا بجزيرة تايوان ذات الحكم ذاتي وتيك توك.
وحذرت يلين أيضا السبت من "عواقب بالغة" في حال تبيّن أن شركات صينية تساعد روسيا في حربها على أوكرانيا، في وقت امتنعت بكين عن إدانة الغزو الروسي لهذا البلد.
وأوردت وزارة الخزانة في البيان أن يلين "شددت على أن الشركات بما فيها الشركات في الصين، يجب ألا تقدم دعما لحرب روسيا على أوكرانيا، بما في ذلك دعما لقطاع الصناعة الدفاعية الروسية" محذرة من "عواقب بالغة في حال فعلت ذلك".
وقالت يلين للصحافيين في قوانغتشو "كنا واضحين مع الصين بأننا نرى روسيا تحصل على الدعم من سلع تزودها بها الصين وشركات صينية".
وأضافت "لا أحد منا يريد أن يطرح ذلك مشكلة في العلاقات الثنائية. لذا نعمل معا".
تحديات مشتركة
وذكر بيان الخزانة الأميركية أن الجانبين "تعهدا العمل معا لمواجهة التحديات المشتركة بما فيها تمويل قضايا المناخ ومسائل الديون في الاقتصادات الناشئة والمنخفضة العائدات".
واتفقا على استكشاف سبل تعزيز حملة مشتركة على غسل الأموال من خلال التواصل في إطار "مجموعة العمل المالية" الأميركية الصينية، على أن يعقد الاجتماع الأول "في الأسابيع المقبلة"، وفق البيان.
يأتي التواصل بعد دعوات متكررة من واشنطن لبكين لوقف تدفق مادة الفنتانيل المخدرة والمواد الكيميائية ذات الصلة من مصانع في الصين، والتي غالبا ما يتم بيعها عبر تحويلات مالية غير مشروعة لمشترين في أميركا الشمالية.
وكان بايدن وشي اتفقا على التعاون في مسألة تهريب المخدرات خلال قمتهما في تشرين الثاني (نوفمبر)، وأجرت الحكومتان مذّاك العديد من اجتماعات العمل ذات الصلة.
واستقرت العلاقات بعض الشيء منذ لقاء الرئيسين في سان فرانسيسكو في تشرين الثاني (نوفمبر) لإجراء محادثات وصفها الجانبان بأنها شكّلت نجاحا حقيقيا.
ساهمت زيارة يلين في تموز (يوليو) 2023 في إعادة إطلاق الحوار بعد فترة من التوتر، لا سيما بشأن تايوان، وبلغ التقارب ذروته من خلال إطلاق مجموعات عمل ثنائية بشأن السياسة الاقتصادية والمالية.
يتوقع أيضا أن يجري وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن زيارة أخرى إلى الصين في الأسابيع المقبلة، في مؤشر على أن الجانبين يستأنفان التواصل بشكل اعتيادي.