يقوم فوميو كيشيدا خلال الأسبوع الجاري بأول زيارة دولة لرئيس وزراء ياباني إلى الولايات المتحدة منذ 2015. في ما يلي عرض للعلاقة بين واشنطن وطوكيو اللتين انتقلتا من العداء خلال الحرب العالمية الثانية إلى التحالف الوثيق.
هزيمة اليابان واحتلالها
أجبرت الولايات المتحدة اليابان على الخروج من عزلتها في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. في وقت لاحق، تنافس البلدان على السيادة في المحيط الهادئ وتواجها عسكريا في كانون الأول (ديسمبر) 1941 بعد الهجوم الياباني المباغت على بيرل هاربور (هاواي).
استسلمت اليابان في 1945 بعد أن دمرتها عمليات القصف الأميركية بما في ذلك إلقاء قنبلتين ذريتين على هيروشيما وناغازاكي أسفرتا عن سقوط 214 ألف قتيل.
احتل الأميركيون الأرخبيل حتى 1952 (لم تتم إعادة أوكيناوا حتى 1972). وينص الدستور الياباني السلمي الذي كتبه الأميركيون في 1947 على تخلي طوكيو عن الحرب "إلى الأبد".
في 2016، قام باراك أوباما بأول زيارة لرئيس أميركي إلى هيروشيما. في السنة نفسها زار أوباما وشينزو آبي رئيس الوزراء الياباني حينذاك، معًا بيرل هاربور.
معاهدة أمنية
لضمان دفاعها في فترة ما بعد الحرب، تعتمد اليابان بشكل وثيق على الولايات المتحدة التي تمتلك قواعد عسكرية على أراضيها.
هذا الوضع تعزز خلال معاهدة للتعاون المتبادل والأمن بين البلدين تمت المصادقة عليها في 1960 على الرغم من احتجاجات شعبية شديدة في اليابان في ذلك الوقت. ولا تزال هذه المعاهدة سارية المفعول.
ويتمركز حاليا نحو 54 ألف جندي أميركي في اليابان معظمهم في أوكيناوا، في الطرف الجنوبي للأرخبيل.
ومساهمة اليابان المالية في القواعد الأميركية على أراضيها كبيرة إذ تتجاوز مليار دولار سنويا.
وفي مواجهة الضغوط المتزايدة التي تمارسها الصين في منطقة آسيا والمحيط الهادئ بشكل خاص، قامت اليابان بمراجعة عميقة لمبادئها للأمن القومي نهاية 2022، وقررت التزود بقدرات خاصة بها "لهجوم مضاد".
وتنوي اليابان التي تمتلك قوات للدفاع عن النفس، أيضا مضاعفة ميزانيتها الدفاعية لتبلغ 2% من إجمالي الناتج المحلي بحلول 2027.
ويتخذ التحالف الأميركي الياباني أكثر فأكثر أشكالا موسعة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مثل اتفاقية "كواد" (التعاون الأمني غير الرسمي الذي يجمع الولايات المتحدة واليابان وأستراليا والهند).
ويمكن أن تتعاون اليابان أيضاً في المستقبل مع تحالف "أوكوس" الدفاعي الذي يضم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا، وتتفاوض حالياً على اتفاقية عسكرية ثنائية مع الفيليبين.
علاقات اقتصادية قوية
في 2022، شكلت كل من الولايات المتحدة واليابان المصدر الرئيسي للاستثمارات الأجنبية المباشرة.
ويشكل عدد كبير من الشركات اليابانية جزءًا من المشهد الصناعي في الولايات المتحدة منذ ثمانينيات القرن العشرين، ولاسيما في قطاع صناعة السيارات (تويوتا وهوندا ونيسان).
مع ذلك، تعاني الولايات المتحدة من عجز تجاري كبير مع اليابان (-71,2 مليار دولار في 2023)، وهذا ما شكل مسألة خلافية في عهد الرئيس دونالد ترامب (2017-2021).
ويعمل البلدان أيضًا على تعزيز تعاونهما في المجالات التكنولوجية الحساسة مثل الطاقة النووية المدنية والفضاء وأشباه الموصلات.
لكن الشراكة الاقتصادية بينهما تنطوي على خطوط حمراء. فالرئيس الأميركي جو بايدن المرشح لولاية ثانية في انتخابات تشرين الثاني (نوفمبر)، يعارض مشروع استحواذ الشركة اليابانية "نيبون ستيل" على شركة صناعة الصلب الأميركية "يو إس ستيل" التي تعد رمزا.