أقرّ الكونغرس الأميركي الثلثاء في ختام أشهر طويلة من المفاوضات الشاقّة حزمة مساعدات عسكرية واقتصادية ضخمة لأوكرانيا تبلغ قيمتها 61 مليار دولار.
وبعيد أيام من إقرار مجلس النواب الأميركي هذه الحزمة من المساعدات، وهي جزء من حزمة أكبر تبلغ قيمتها 95 مليار دولار وتتضمنّ دعماً لكلّ من إسرائيل وتايوان، حذا مجلس الشيوخ الثاثاء حذو مجلس النواب وأقرّ النصّ بدعم واسع من الحزبين.
وما أن صدرت نتيجة التصويت في مجلس الشيوخ حتى تنفّس زعيم الغالبية الجمهورية السناتور تشاك شومر الصعداء، قائلاً "وأخيراً، وأخيراً، وأخيراً! هذا المساء، بعد أكثر من ستّة أشهر من العمل الشاقّ والعديد من التقلّبات والمنعطفات، ترسل أميركا رسالة إلى العالم أجمع مفادها أننّا لن ندير ظهورنا لكم".
وأضاف أن "مشروع قانون الأمن القومي هذا هو أحد أهم الإجراءات التي أقرّها الكونغرس منذ وقت طويل للغاية لحماية الأمن الأميركي وأمن الديموقراطية الغربية".
وفور إقرار النصّ في الكونغرس، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أنّ الولايات المتّحدة "ستبدأ بإرسال أسلحة ومعدّات إلى أوكرانيا هذا الأسبوع".
وقال في بيان "سأوقّع على مشروع القانون هذا وأخاطب الشعب الأميركي حالما يصل (النصّ) إلى مكتبي غداً".
وأضاف أنّ الكونغرس الأميركي استجاب لـ"نداء التاريخ" بإقراره هذا القانون الذي يهدف إلى "تعزيز أمننا القومي وإرسال رسالة إلى العالم بشأن قوّة القيادة الأميركية".
وفي كييف، سارع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى شكر مجلس الشيوخ الأميركي على إقرار الحزمة.
وكتب زيلينسكي في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي "أنا ممتنّ لمجلس الشيوخ الأميركي على موافقته اليوم على المساعدات الحيوية لأوكرانيا".
4 مشاريع
وافق مجلس الشيوخ بأغلبية 79 صوتاً مقابل 18 على أربعة مشاريع قوانين أقرّها مجلس النواب يوم السبت.
ودُمجت مشاريع القوانين الأربعة في حزمة واحدة بمجلس الشيوخ.
كما ذُكر، يوفّر مشروع القانون الأول 61 مليار دولار لأوكرانيا، ويقدّم الثاني 26 مليار دولار لإسرائيل والمساعدات الإنسانية للمدنييّن في مناطق الصراع في أنحاء العالم، والثالث يخصّص 8.12 مليار دولار "لمواجهة الصين الشيوعية" في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
ويشمل الرابع الذي أضافه مجلس النواب إلى الحزمة الأسبوع الماضي إجراء يتيح للحكومة حظر "تيك توك" في الولايات المتحدة إذا لم يقطع التطبيق بسرعة صلاته بشركته الأم الصينية "بايت دانس"، واتّخاذ إجراءات لنقل الأصول الروسية المصادرة إلى أوكرانيا وفرض عقوبات جديدة على إيران.
ولفت مسؤولان أميركيان لـ"رويترز" إلى أن الإدارة تعد بالفعل حزمة مساعدات عسكرية بقيمة مليار دولار لأوكرانيا، وهي الدفعة الأولى من مشروع القانون المتعلّق بكييف.
وتشمل الحزمة مركبات ومنظومة صواريخ الدفاع الجوي "ستينجر" وذخيرة إضافية لأنظمة صواريخ المدفعية العالية الحركة وذخيرة مدفعية عيار 155 ميلليمتراً وصواريخ تاو وجافلين المضادة للدبابات وأسلحة أخرى يمكن استخدامها على الفور في ساحة المعركة.
وأوضح محلّلون أن تدفّق الأسلحة من شأنه أن يحسّن فرص كييف في تجنّب تحقيق الروس تقدّماً كبيراً في الشرق، على الرغم من أنّه كان من الممكن أن يكون أكثر فائدة لو قٌدمت المساعدة في الوقت الذي طلبها فيه بايدن العام الماضي.
مخاوف إنسانية
لم يتضح بعد كيف ستؤثّر الأموال المخصّصة لإسرائيل على الصراع في غزة. وتلقّت إسرائيل بالفعل مساعدات أمنية بمليارات الدولارات من الولايات المتحدة. وتشمل الحزمة مساعدات إنسانية يأمل المؤيدون لها أن تساعد الفلسطينيّين في غزة.
أقرّ مجلس النواب مشروع القانون المتعلّق بإسرائيل بأغلبية تأييد ساحقة بلغت 366 صوتاً مقابل 58 صوتاً رافضاً. وعارض مشروع القانون 21 جمهورياً و37 ديموقراطياً. وجاءت أصوات الجمهوريين الرافضة من المتمسّكين بمعارضة المساعدات الخارجية بشكل عام.
وطالب المعترضون الديموقراطيون بالعمل على تخفيف الخسائر الإنسانية المدمّرة الناجمة عن الحملة الإسرائيلية في غزة ردّاً على هجوم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) والذي أسفر بحسب الإحصاءات الإسرائيلية عن مقتل 1200 شخص واحتجاز نحو 250 أسيراً.
من جهّته، شكر وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس مجلس الشيوخ الأميركي، معتبراً أن ذلك يوجّه "رسالة قوية" إلى "أعداء" الدولة العبرية.
وقال عبر منصّة "إكس": "أشكر مجلس الشيوخ الأميركي على تبنيه بأغلبية كبيرة من الحزبين هذه المساعدة لإسرائيل (...) التي تعتبر ضمانة واضحة لقوة تحالفنا وتوجّه رسالة قوية إلى جميع أعدائنا".
وشكر زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر والزعيم الجمهوري ميتش ماكونيل "على التزامهما الثابت أمن إسرائيل"، مؤكّداً أن "الشراكة الاستراتيجية بين إسرائيل والولايات المتحدة لا يمكن أن تُكسر".
وتقول السلطات الصحّية في غزة إن الهجوم العسكري الإسرائيلي الذي أعقب تلك الهجمات أدى حتى الآن إلى مقتل أكثر من 34 ألف فلسطيني.
وهذه هي المرّة الثانية هذا العام التي يقرّ فيها مجلس الشيوخ الذي يقوده الديموقراطيون مساعدات أمنية لأوكرانيا وإسرائيل ومنطقة المحيطين الهادئ والهندي.
وحصل مشروع القانون الأخير، الذي صدر قبل أكثر من شهرين، على دعم 70 بالمئة في المجلس المؤلف من 100 عضو من الجمهوريين والديموقراطيين. لكن زعماء مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون لم يسمحوا بالتصويت على المساعدات الخارجية حتى الأسبوع الماضي.