أعلن رئيس بلدية نيويورك إريك آدامز اليوم الأربعاء أن شرطة مدينة نيويورك ألقت القبض على نحو 300 شخص في وقت متأخر من مساء أمس الثلثاء خلال احتجاجات في جامعتي كولومبيا وسيتي كوليدج أوف نيويورك.
واقتحمت شرطة مدينة نيويورك الأميركية حرم جامعة كولومبيا مساء الثلثاء لاعتقال وتفريق متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين استولوا على مبنى دراسي قبل 24 ساعة تقريبا بعدما نصبوا مخيما احتجاجيا لمدة أسبوعين.
وأظهرت لقطات تلفزيونية مباشرة أفراد شرطة يرتدون خوذات وهم يدخلون الحرم الكائن بمنطقة مانهاتن الذي كان النقطة المحورية لاحتجاجات طلابية امتدت إلى عشرات الجامعات بأنحاء الولايات المتحدة في الأيام الأخيرة للتعبير عن معارضة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وصرخ ضباط الشرطة "نحن نقوم بإزالتها"، وهم يسيرون نحو المدخل المحصن لمبنى هاملتون هول الذي اقتحمه المتظاهرون وسيطروا عليه في الساعات الأولى من صباح يوم الثلثاء.
وشوهد صف طويل من ضباط الشرطة وهم يتسلقون المبنى عبر نافذة مستخدمين سيارة مجهزة بسلم للوصول إلى الطابق العلوي.
واحتشد عشرات من ضباط الشرطة الآخرين عند مخيم الاحتجاج القريب، بينما وقف طلاب خارج الحرم الجامعي مرددين "عار، عار!".
وأظهرت مقاطع فيديو عناصر الشرطة وهم يقومون بدفع المعتصمين ليسقطوا على سلالم الجامعة.
ولم يمض وقت طويل حتى شوهد الضباط وهم يقودون المتظاهرين المكبلين إلى سيارات الشرطة خارج بوابات الحرم الجامعي.
ونقلت قناة "أن بي سي" عن مصادر في شرطة نيويورك قولها إنّه تمّ اعتقال 100 شخص وفضّ الاحتجاج.
وهتف المتظاهرون خارج المبنى "فلسطين حرة حرة حرة". وصرخ آخرون "دع الطلاب يذهبون".
وعلى حسابهم في تطبيق إنستغرام، ندّد المتظاهرون بـ"اقتحام" الشرطة للحرم الجامعي لإخراجهم من "قاعة هاميلتون" التي أطلقوا عليها اسم "قاعة هند" تكريماً لطفلة فلسطينية قضت في الحرب في غزة وهي لم تزل في السادسة من عمرها.
وهدّد مسؤولو الجامعة في وقت سابق من يوم الثلثاء بفصل الطلاب الذين استولوا على مبنى هاميلتون هول.
رسالة من رئيسة الجامعة
وطلبت رئيسة جامعة كولومبيا نعمت مينوش شفيق من شرطة نيويورك، في رسالة نُشرت ليل الثلثاء، فضّ الاعتصام الذي نفّذه طلاب مؤيّدون للفلسطينيين واحتلّوا خلاله أحد مباني الجامعة، والإبقاء على انتشار أمني داخل الحرم الجامعي "حتى 17 أيار (مايو) على الأقلّ".
وقالت رئيسة الجامعة النيويوركية المرموقة في رسالتها إنّها تطلب من الشرطة "المساعدة في تطهير" مواقع الاحتجاج داخل الجامعة و"الاحتفاظ بوجود أمني في الحرم الجامعي حتى 17 أيار (مايو) 2024 على الأقلّ للحفاظ على النظام وضمان عدم إعادة إنشاء أيّ مخيّم" احتجاجي.
وبدأ احتلال المبنى ليلا حين حطّم المحتجون النوافذ ودخلوا مبنى هاملتون هول وعلّقوا لافتة من الطابق العلوي كُتب عليها "قاعة هند"، في إشارة إلى طفلة فلسطينية (ست سنوات) قتلتها القوات الإسرائيلية في غزة.
وخارج المبنى، وهو موقع اعتصامات طلابية مختلفة تعود إلى ستينيات القرن الماضي، أغلق المحتجون المدخل بالطاولات وشبَكوا أذرعهم لتشكيل حاجز وهتفوا بشعارات مؤيدة للفلسطينيين.
في مؤتمر صحافي خلال المساء، قال رئيس بلدية نيويورك إريك آدامز ومسؤولو شرطة المدينة إن "مثيري شغب من خارج الجامعة" حرضوا على الاستيلاء على هاميلتون هول، مضيفا أنهم مسجلون لدى سلطات إنفاذ القانون بإثارة الفوضى.
وقالت الشرطة إنها استندت في استنتاجاتها جزئيا إلى تكتيكات تصعيدية في الاستيلاء على المبنى، بما في ذلك التخريب واستخدام الحواجز لإغلاق المداخل وتدمير الكاميرات الأمنية.
وأشار آدامز إلى أن بعض الطلاب المتظاهرين لم يكونوا على دراية تامة بوجود "جهات خارجية" وسطهم.
وقال رئيس البلدية "لا يمكننا ولن نسمح بأن يتحول تجمع سلمي إلى مشهد عنيف لا يخدم أي غرض. لا يمكننا الانتظار حتى يصبح هذا الوضع أكثر خطورة. يجب أن ينتهي هذا الآن".
وشكّك الطالب محمود خليل، أحد زعماء الاحتجاج وهو باحث فلسطيني يدرس بالجامعة بتأشيرة طالب، في تأكيدات بأن دخلاء هم من شرعوا في احتلال المبنى.
وقال خليل لرويترز "إنهم طلاب".
وفي اليوم السابق، قالت الجامعة إنها بدأت في وقف الطلاب الذين تحدوا الموعد النهائي لإخلاء مخيم الاحتجاج بعدما أعلنت إدارة الجامعة أن المحادثات مع قادة الاحتجاج التي استمرت أياما لتفكيك المخيم وصلت إلى طريق مسدود.
جامعة براون
الى ذلك، أعلنت جامعة "براون" أنّها توصّلت إلى اتّفاق مع مجموعة من طلابّها مناهضة للحرب في غزة ينصّ على أن يزيل الطلاب المحتجّون مخيّمهم من الحرم الجامعي مقابل وعد بأن تعيد الجامعة النظر بعلاقاتها مع شركات مرتبطة بإسرائيل، في أول اتفاق من نوعه بين جامعة أميركية مرموقة والحراك الطالبي الداعم للفلسطينيين.
وقالت رئيسة الجامعة الواقعة في مدينة بروفيدنس بولاية رود آيلاند (شمال شرق الولايات المتّحدة) كريستينا باكسون، إنّ الطلاب المحتجّين وافقوا على إنهاء احتجاجهم وتفكيك مخيّمهم بحلول الساعة 17,00 بالتوقيت المحلّي من عصر الثلثاء.
وأوضحت في بيان أنّ الطلاب وافقوا أيضاً على "أن يمتنعوا حتى نهاية العام الدراسي عن القيام بأيّ أفعال أخرى من شأنها أن تنتهك قواعد السلوك الخاصة بجامعة براون".
وأضاف البيان أنّه في المقابل "ستتمّ دعوة خمسة طلاب للقاء خمسة أعضاء من مؤسّسة جامعة براون في أيار (مايو) لتقديم حججهم بشأن سحب استثمارات براون من شركات تسهّل وتستفيد من الإبادة الجماعية في غزة".
ويمثّل هذا الاتفاق أول تنازل كبير من جانب إدارة جامعة أميركية مرموقة إزاء الحركة الطالبية الاحتجاجية التي لا تنفكّ تتّسع نطاقاً في الولايات المتّحدة. وتسبّبت هذه الاحتجاجات بتوقيف مئات الطلاب وبشلل جامعات عدّة وبانقسام حادّ في الرأي العام الأميركي.
ويمثّل قطع العلاقات بين كبريات الجامعات الأميركية الخاصة ورعاة وشركات مرتبطة بإسرائيل أحد مطالب الحركة الطالبية التي تدافع عن القضية الفلسطينية وتدعو لوقف الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة.
وخلال الأسبوعين الماضيين امتدّت الاحتجاجات الطالبية المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات تتوزع في سائر أنحاء الولايات المتّحدة، من كاليفورنيا غرباً (جامعة كاليفورنيا-لوس أنجليس، جامعة جنوب كاليفورنيا...) إلى الولايات الشمالية الشرقية ( كولومبيا، ييل، هارفارد، يوبين) مروراً بالولايات الوسطى والجنوبية مثل تكساس وأريزونا.
ولا يزال يتعين على طلاب جامعة براون وإدارتها مناقشة الخطوط العريضة لهذا الاتّفاق خلال الفترة الممتدة من أيار (مايو) وحتى تشرين الأول (أكتوبر).
وفي المخيّم الاحتجاجي الذي بنوه في حديقة الجامعة، قفز طلاب فرحاً بالاتفاق وعانق بعضهم بعضاً وهم يغنّون، بحسب ما أفادت صحافية في وكالة "فرانس برس".
وقال الطالب ليو كورزو كلارك إنّ الاتفاق هو "انتصار كبير لهذه الحركة الدولية ولشعب فلسطين".