خلص استطلاع جديد للرأي في الولايات المتحدة إلى نتائج صادمة حول نظرة الأميركيين إلى التعليم الجامعي، حيث تبين بأن ثمة تراجعا كبيرا في النظرة إلى الشهادة الجامعية وقيمتها في الحياة العملية.
وبحسب الاستطلاع الذي نشرت نتائجه شبكة "سي ان بي سي" الأميركية، فإن نحو نصف الأميركيين يرون بأن الحصول على شهادة جامعية لمدة أربع سنوات أصبح أقل أهمية من أجل الحصول على وظيفة عالية الأجر، فيما قال 29% من الأميركيين إن الدراسة الجامعية لا تستحق التكلفة.
وتعتبر هذه النتائج الصادمة تحولاً في الرأي العام الأميركي حيال التعليم الجامعي، حيث أظهر الاستطلاع ذاته في عام 2011 أن 86% من خريجي الجامعات يرون بأن شهاداتهم كانت بمثابة استثمار جيد، وفي عام 2013 قال 70% من البالغين في الولايات المتحدة إن التعليم الجامعي "مهم للغاية"، وهو ما يعني بأن النظرة إلى التعليم الجامعي في الولايات المتحدة تتدهور بشكل تدريجي ومستمر.
وأجريت هذه الاستطلاعات من قبل مركز "بيو" للأبحاث ومؤسسة "غالوب".
ووجد الاستطلاع الذي شمل أكثر من خمسة آلاف شخص بالغ في الولايات المتحدة أن التكلفة المتزايدة للجامعات والديون الطلابية المتضخمة أثرت على التحول في المواقف تجاه التعليم العالي.
وعلى مدى السنوات العشرين الماضية، تجاوزت الرسوم الجامعية معدل التضخم، ما ترك الطلاب في ديون كبيرة. وارتفع متوسط تكلفة التعليم والرسوم في الكليات الخاصة بنسبة 144%، في حين ارتفعت الرسوم الدراسية والرسوم العامة داخل الدولة بنسبة 171% للطلاب خارج الولاية و211% للطلاب داخل الولاية، وفقاً لصحيفة "يو إس نيوز".
ويبلغ إجمالي ديون التعليم المستحقة في الولايات المتحدة نحو 1.6 تريليون دولار، وهي تثقل كاهل الأميركيين أكثر من ديون بطاقات الائتمان أو السيارات.
وقد دفعت هذه الزيادة في التكاليف المزيد من الناس إلى التساؤل عما إذا كان العائد على الاستثمار في التعليم يستحق هذا الضغط المالي. ووجد مركز "بيو" أن 22% فقط من البالغين في الولايات المتحدة يقولون إن تكلفة الحصول على شهادة لمدة أربع سنوات اليوم تستحق العناء حتى لو اضطر شخص ما إلى الحصول على قروض.
وفي المتوسط، يكسب خريجو الجامعات أكثر من أولئك الذين لا يحملون شهادة جامعية، لكن ما يسمى بعلاوة الأجر الجامعي آخذة في التقلص.
ووجد تقرير حديث صادر عن بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو أن فجوة الأجور الجامعية بلغت ذروتها في منتصف عام 2010 ولكنها انخفضت بمقدار أربع نقاط مئوية في عام 2022. والآن، يكسب حاملو درجة البكالوريوس حوالي 75% أكثر خلال حياتهم المهنية من أولئك الذين لا يحملونها.
ويعزو الاقتصاديون هذا الانخفاض إلى زيادة سريعة في أجور خريجي المدارس الثانوية بين عامي 2020 و2024، حيث شهد خريجو المدارس الثانوية الشباب نمواً في الأجور الحقيقية (المعدلة حسب التضخم) بنسبة 9.4%، في حين شهد خريجو الجامعات زيادة بنسبة 2.2% فقط في رواتبهم، وفقا لتقارير معهد السياسة الاقتصادية.
ويقول ريتشارد فراي، أحد كبار الباحثين في مركز "بيو" والذي شارك في تنظيم الاستطلاع: "لقد تحسنت فرص العمل والأجور للشباب الأقل تعليماً في الولايات المتحدة، ويرجع هذا جزئياً إلى أنهم كانوا يتمتعون بقدر أكبر من القدرة على المساومة في أسواق العمل الضيقة في السنوات العشر الماضية، عندما واجه أصحاب العمل صعوبة في التوظيف في الوظائف التي تتطلب مهارات عالية وتلك التي تتطلب مهارات منخفضة".
ويضيف: "يميل العمال الشباب الأقل تعليماً إلى الاستفادة من سوق العمل الساخنة مع انخفاض معدلات البطالة، لكن في حالة الركود، فإنهم يتعرضون لفقدان وظائف أكبر وانخفاض حاد في الدخل مقارنة بخريجي الجامعات".