النهار

من الجبهة إلى واشنطن... "القوّات الثقافية" الأوكرانية تُغنّي أملاً
المصدر: أ ف ب
صبحت "القوّات الثقافية" وحدة رسمية في الجيش الأوكراني، وهي تضم حوالى 80 فنّاناً محترفاً، معظمهم لديهم خبرة في القتال.
من الجبهة إلى واشنطن... "القوّات الثقافية" الأوكرانية تُغنّي أملاً
جندي أوكراني يعزف على آلة الكمان. (أ ف ب)
A+   A-
استبدل مغنّي الأوبرا الأوكراني يوري إيفاسكيفيتش بدلته الرسمية بالزي العسكري لمحاربة الغزو الروسي... لكن عندما خسر ساقه بانفجار لغم العام الماضي، عاد إلى الموسيقى.

إيفاسكيفيتش (51 عاماً) هو عضو في "القوّات الثقافية"، وهي وحدة عسكرية أوكرانية أنشئت أخيراً وتضم موسيقيين محترفين يقدّمون عروضاً للجنود على الجبهة لرفع معنوياتهم وتخفيف أهوال الحرب، ولو لفترة وجيزة.

وقال إيفاسكيفيتش لوكالة "فرانس برس": "معنا، يمكنهم العودة إلى حياتهم الطبيعية ولو لساعة. هذا أمر جيد ويجلب بعض المشاعر الإيجابية".

وأضاف "يشعرون بأن هناك حاجة إليهم، يشعرون بأنه لم يتم نسيانهم".

هذا الأسبوع، أطلقت "القوّات الثقافية" جولة في الولايات المتحدة لتقديم الشكر للأميركيين على دعمهم المجهود الحربي في أوكرانيا وتذكيرهم بالحاجة الماسة إلى المساعدات، رغم الاقتتال السياسي الداخلي.
 

والشهر الماضي، أقرّ النواب الأميركيون حزمة مساعدات عسكرية بقيمة 61 مليار دولار لكييف كانت مشاحنات في الكونغرس عرقلتها مدى أشهر عانت خلالها القوّات الأوكرانية انتكاسات في ساحة المعركة بسبب نقص الذخيرة والتمويل.

وقال مؤسس "القوات الثقافية" ميكولاي سييرغا "نحن ممتنون لأميركا وللشعب الأميركي لتفكرهم فينا ودعمهم إيانا"، مضيفاً "إنها معركة بين الخير والشر، بين السلطة الاستبدادية والإنسانية".

في حفلتهم الأولى في واشنطن مطلع الأسبوع، أدّى إيفاسكيفيتش مرتدياً سروالاً قصيراً كشف ساقه الاصطناعية، أغنية "وات إيه واندرفول وورد" للويس أرمسترونغ ومقطوعة "أو سوليه ميو" الشهيرة للملحن النابولي إدواردو دي كابوا.

وتتضمّن الجولة التي تستغرق 40 يوماً حفلات في نيويورك وشيكاغو ودالاس ومدن أميركية أخرى.
 
وإلى جانب إيفاسكيفيتش وسييرغا، تضم الفرقة عازف باندورا، وهي آلة وترية شعبية أوكرانية، وعازف بيانو وعازفة كمان شهيرة تطوّعت في القوّات الأوكرانية لكنّها انضمت إلى الوحدة بعدما فقدت إحدى عينيها في القتال.
 

التخفيف عنهم 
قبل الغزو، كان سييرغا (35 عاماً) نجم برنامج تلفزيوني شهير كان يبث باللغة الروسية في كل من أوكرانيا وروسيا.
 
وقال سييرغا "في ذلك اليوم (يوم غزو روسيا لأوكرانيا) أدركت أنني أوكراني".
 
انضم سييرغا إلى الجيش في اليوم الثاني من الحرب وانتهى به المطاف في لواء مشاة. وسرعان ما لاحظ أن صدمة الحرب كانت تسبب الأرق لدى العديد من الجنود. وجد غيتاراً وبدأ الغناء لهم. وعندما رأى أن ذلك يساعد، بدأ الغناء لوحدات عسكرية أخرى.

اليوم، أصبحت "القوّات الثقافية" وحدة رسمية في الجيش الأوكراني، وهي تضم حوالى 80 فنّاناً محترفاً، معظمهم لديهم خبرة في القتال.

يقدّم هؤلاء عروضاً للجنود الذي يقاتلون على الجبهات وفي المستشفيات العسكرية وكذلك لزوجات العسكريين وأطفالهم. يقيمون حوالى 20 عرضاً يومياً عبر أوكرانيا.
 
وأضاف سييرغا "أحياناً، نأتي ونستمع فقط" إلى قصص الجنود فذلك "يساعدهم على تخفيف الثقل عن كواهلهم".
 
"ساعدونا"
في تموز (يوليو) من العام الماضي، كان إيفاسكيفيتش عائداً إلى وحدة المشاة التي كان عنصراً فيها عندما داس على لغم روسي. هرع به رفيقه إلى مكان آمن وهو يصرخ من الألم. بُترت ساقه من فوق الركبة.

وفي ما كان إيفاسكيفيتش يتعافى في المستشفى، زارته مجموعة من موسيقيي "القوّات الثقافية"، وبذلك اكتشف وجودها وانضم إليها لاحقاً.
 

واليوم، تجلب موسيقاه العزاء لزملائه الجنود الذين يقاتلون على الجبهة.
 
وروى إيفاسكيفيتش "هناك غضب في عيونهم، إنّهم متعبون، إنّهم بعيدون عن ديارهم... إنّها الحرب" لكن بعد سماعه يغني "تضيء عيونهم".
 
في الأسابيع الأخيرة، حقّقت القوات الروسية مكاسب ميدانية في شمال شرق أوكرانيا، في ما اشتكى الرئيس فولوديمير زيلينسكي من أن الغرب كان بطيئاً جدّاً في اتخاذ القرارات حول إرسال المساعدات لكييف.

وتساءل إيفاسكيفيتش قائلاً إذا لم يوضع حد لروسيا "ماذا سيحدث للحرّية التي يدافع عنها الأميركيون والسلطات الأميركية؟".
 
وختم "لقد اتّخذ الشعب الأوكراني خياره. فساعدونا".
 

اقرأ في النهار Premium