في بعض الأمسيات، عندما كان دونالد ترامب يكدّ في عمله في المكتب البيضاوي رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، كان يطلب من سكرتيرته مادلين ويسترهوت أن تتصل بالسيدة الأولى، بحسب ما قالت في محاكمة ترامب، لإعلامها بأنه سيتأخّر. أضافت: "كان زواجه كأي زواج آخر".
رسمت محاكمة ترامب في محكمة في مانهاتن، لم تحضرها زوجته ميلانيا، صورة فسيفسائية لزواج ترامب الثالث، من خلال إفادات شهود كانوا مقرّبين منه، وأشخاص عملوا معه، ونجمة إباحية تقول إنها أقامت معه علاقة عابرة. هذه صورة زوجين ينامان في غرفتين منفصلتين، ويعيشان حياة منفصلة. لكن، على الرغم من ذلك، كان ترامب يثق بزوجته، ويعتبرها حليفته، ويقدّر رأيها، بحسب تقرير نشرته "التايمز" البريطانية.
جنحة فجريمة
صارت مشاعر ترامب تجاه ميلانيا موضع تساؤل أمام هيئة محلفين مكلّفة تقرير ما إذا كان قد زوّر سجلات تجارية لإخفاء ما سُمّي اصطلاحاً "أموال شراء الصمت" التي دفعها لنجمة الأفلام الإباحية ستورمي دانيالز، عشية انتخابات عام 2016، كي لا تفضح علاقتهما.
في العادة، تُصنّف هذه الجريمة جنحةً، لكنها تتحول إلى جناية إذا تمّ ارتكابها لإخفاء جريمة أخرى. وجريمة ترامب الأخرى، بحسب ممثلي الادعاء، كانت محاولة غير قانونية للتأثير في نتيجة انتخابات عام 2016 بإخفاء قصة دانيالز عن الناخبين. وفي نهاية المطاف، وجدت هيئة المحلفين أن ترامب مذنبٌ في جميع التهم الــ 34 الموجّهة إليه، ورفض أعضاؤها أن يصدّقوا ادّعاءه دفع المال لمنع ميلانيا من اكتشاف خيانته، من دون أي نية للتأثير في آراء الناخبين.
كانت دانيالز واحدةً من شهود ادعاء عدة، شكّكوا في فكرة قلق ترامب من اكتشاف زوجته خيانته. وقالت للمحكمة إنه بعد لقائها به في بطولة غولف للمشاهير على ضفاف بحيرة تاهو في عام 2006، دُعيت إلى جناحه في الفندق لتناول العشاء. هناك، عرض عليها صوراً كانت إحداها لميلانيا. أضافت: "قلت له إنها جميلة جداً. فقال لي: لا تقلقي بشأنها، نحن لا ننام حتى في الغرفة نفسها".
عندما كان ترامب وزوجته يعيشان في البيت الأبيض، كان يفضّل الألوان الداكنة، بينما هي كانت تفضّل الألوان الفاتحة. وكان يميل إلى الاستيقاظ قبلها بوقتٍ طويل ويُشغل أجهزة التلفزيون. ونقلت عن مدبّرة منزل سابقة قولها إن غرفتيهما كانتا في طابقين مختلفين، وأنهما "يقضيان الوقت في المكان نفسه لكنهما لا يتواصلان".
هل كان يبالي؟
قالت دانيالز لهيئة المحكمة إن ترامب لم يكن منزعجاً من احتمال اكتشاف ميلانيا علاقتهما الغرامية. وقبل ذلك بسنوات، قيل إن إيفانا، زوجة ترامب الأولى، ردّت على إشاعات أفادت بأنه كان يواعد امرأة تدعى مارلا مابلز، بمواجهتها على أحد منحدرات التزلج في منتجع أسبن الجبلي. لكن في السنوات التي تلت ذلك، لم يطلب ترامب من دانيالز أبداً إبقاء علاقتهما سراً، ولم يبدُ عليه القلق يوماً من اكتشاف ميلانيا ما يدور بينهما.
وقال ديفيد بيكر، محرّر مجلة "ناشيونال إنكوايرر"، في شهادته أما المحكمة: "قبل أن يبدأ ترامب حملته الرئاسية، إذا ظهرت قصة سلبية في حياته الخاصة، كان يقلق بشأن ميلانيا، وما قد تفكر فيه ابنته إيفانكا. لكن، بعدما قرّر الترشح للرئاسة، كان يقلق مما سيكون تأثير أي أمر على حملته الرئاسية أو الانتخابات".
ناقض ذلك شهود آخرون. فقد تحدثت هوب هيكس، مديرة اتصالات ترامب السابقة، بحرارة عنه وبكت على منصة الشهود، وقالت إنه بدا قلقاً بشأن معرفة ميلانيا بعلاقة غرامية أخرى مزعومة. وفي اليوم الذي نشرت فيه "وول ستريت جورنال" مقالة تزعم دفع رشوة لامرأة أخرى ادّعت أنها كانت على علاقة غرامية مع ترامب، طلب عدم توصيل الصحف إلى مكان إقامتهما. وقالت هيكس: "أعتقد أنه ما كان يريد أن يتأذى أي فرد في عائلته أو أن يشعر بالحرج من أي أمر يحدث في الحملة الانتخابية".
"كان يتصل بها ليطمئن إليها فقط"
للأمانة، بكت ويسترهوت أيضاً على منصة الشهود حين تذكّرت كيف تمّ فصلها من عملها مساعدة له بسبب تصريحات أدلت بها في ما اعتقدت أنه عشاء غير رسمي، وقدّمت وصفاً رائعاً لزواج ترامب. قالت: "جمعتهما علاقة احترام متبادل. كان هو رئيسي، لكنها بالتأكيد كانت هي المسؤولة... كانا يضحكان كثيراً عندما تأتي إلى المكتب البيضاوي".
أضافت ويسترهوت إنها كانت ترى ترامب من مكتبها الخاص خارج المكتب البيضاوي مباشرةً، "وكان يبدو أحياناً يتحدث على الهاتف مع السيدة زوجته، ويقول وهو يقف أمام نافذة مكتبه البيضاوي المطلة على مكان سكنهما: "عزيزتي، تعالي إلى النافذة"، فيلوّح لها، وتبادله التلويح أيضاً. وحين يستقلّ الطائرة في الحديقة الجنوبية، كان يتصل بها قائلاً: "عزيزتي، أنا على وشك الصعود إلى الطائرة"، وكنت أجد ذلك مضحكاً دائماً. فهي كانت تعرف جدول أعماله".
لكن مايكل كوهين، محامي ترامب السابق، عزز أيضاً، بطريقة ما، فكرة أن موكله السابق كان يحترم زوجته ويُصغي إلى آرائها. بعد ظهور تسجيل لترامب في تشرين الأول (أكتوبر) 2016، يتفاخر فيه بإمساك النساء من أعضائهن التناسلية، قال كوهين إن ترامب اتصل به وقال له: "كان علينا أن نمحي هذا الكلام، فقد كان هذا مجرد حديث في غرفة تبديل الملابس".