النهار

كاتم أسرار ترامب وراء الإدانة التاريخية له
المصدر: النهار العربي
كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" قبل أيام من انتخابات عام 2016 الرئاسية، أن صحيفة "ناشيونال إنكويرر" دفعت 150 ألف دولار لنفي علاقة غرامية أقامها دونالد ترامب، المرشح الرئاسي حينها، مع كارين ماكدوغال،
كاتم أسرار ترامب وراء الإدانة التاريخية له
الرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة دونالد ترامب يغادر برج ترامب في نيويورك، 31 ايار (مايو) 2024 (أ ف ب)
A+   A-
كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" قبل أيام من انتخابات عام 2016 الرئاسية، أن صحيفة "ناشيونال إنكويرر" دفعت 150 ألف دولار لنفي علاقة غرامية أقامها دونالد ترامب، المرشح الرئاسي حينها، مع كارين ماكدوغال، العارضة السابقة في مجلة "بلاي بوي" الإباحية. إلّا أن ترامب تمكّن من التملّص من هذه الفضيحة، ووصل إلى البيت الأبيض رئيساً للولايات المتحدة بعد ثلاثة أيام.
 
في يوم الخميس الماضي، بعد ثمانية أعوام تقريباً من تقرير "وول ستريت جورنال"، صار ترامب أول رئيس أميركي سابق يُدان بجريمة، بعدما أدانته هيئة المحلّفين في محكمة أميركية بارتكاب 34 جناية، بسبب تزويره سجلات رسمية للتغطية على رشوة أخرى دفعها للممثلة الإباحية ستورمي دانيالز.
 
الحق يُقال إن ترامب يواجه فضائح أكثر من أي سياسي في تاريخ الولايات المتحدة الحديث. فقد تفاخر بالتحرّش بالنساء في شريط فيديو مسرّب، وواجه اجراءات عزل مرّتين، واقتحم أنصاره مبنى الكابيتول احتجاجاً على خسارته الانتخابات أمام جو بايدن. وفي هذا العام وحده، صدر بحقه أمر بدفع غرامات تجاوزت قيمتها 430 مليون دولار، في قضايا تتعلق بالاحتيال المدني والتشهير بامرأة اتهمته بالاعتداء الجنسي عليها.
 
هذه التهم كلها لم تنل منه. فما جعله مجرماً هو تورطه في محاولة إسكات نساء زعمن أنهن أقمن معه علاقات جنسية.
 
وطوال ولايته الرئاسية، كان ترامب يتخذ موقفاً هجومياً حيال الأخبار المسيئة ويهاجم المراسلين ويكذّب "الأخبار الملفقة" على وسائل التواصل الاجتماعي. إلّا أنه، على غير عادته، صمت أمام تهم دفع الأموال لشراء الصمت، ولم يركّز إلّا على جانب واحد من القصة: مظهر دانيالز، ناعتاً إياها بـ "وجه الحصان"، فجاء ردّها هادئاً ومتوعداً: "بدأت اللعبة يا صغيري". 
 
المحامي الخصم
في تشرين الثاني (نوفمبر) 2016، عندما تواصلت الصحيفة مع حملة ترامب الانتخابية بشأن قصة عارضة "بلاي بوي"، كان ترامب قد تصدّى بالفعل لأكثر من 10 اتهامات بالاعتداء الجنسي. وفي كانون الثاني (يناير) 2018، ساد الذعر في البيت الأبيض عقب نشر الصحيفة خبر ترتيب محاميه السابق مايكل كوهين دفع 130 ألف دولار لدانيالز. 
 
تحوّل كوهين نفسه من مخلّص ترامب إلى خصمه العنيد، بعدما أخبر قاضياً فيدرالياً أن ترامب وجّهه إلى دفع المال لشراء صمت دانيالز، مورطاً الرئيس في جرائم فدرالية.
 
وبحلول نهاية فترة رئاسة ترامب، بدا أن ملحمة "أموال الصمت" طواها النسيان، بعدما أودع كوهين السجن. لكن سرعان ما ظهر اسم كيث ديفيدسون، صاحب السجل الحافل في تمثيل عملاء يملكون معلومات فاضحة عن المشاهير. فقد أخبرت ماكدوغال قناة "آي بي سي نيوز" في وقت سابق من عام 2016 عن علاقة غرامية مزعومة مع ترامب، بدأت قبل عقد من الزمن. وتمّ العثور على وثيقة تتضمن عقداً تحصل فيه ماكدوغال على 150 ألف دولار مقابل حقوق قصتها مع ترامب.
 
بدأت قصة تحويل كوهين المال لدانيالز بالانتشار في مطلع عام 2018. فوجئ مساعدون سابقون في البيت الأبيض بالأمر، فيما لم تبدُ المفاجأة على ميلانيا ترامب، على حدّ قول السكرتيرة الصحفية للسيدة الأولى. كان الرئيس مشغولاً بنفي الاتهامات، مبدياً دهشته من دفع كوهين 130 ألف دولار لدانيالز، وزاعماً أنه لم يكن يعلم.
 
تجنّب ترامب الإجابة عن أي سؤال في هذه المسألة طويلاً، إلى أن سألته كاثرين لوسي، مراسلة وكالة "أسوشيتد برس"، فأجابها بالنفي واتهم كوهين بالأمر. بعد أيام، داهم مكتب التحقيقات الفدرالي ممتلكات كوهين وصادر سجلات بينها تلك المتعلقة بالمبالغ المدفوعة لدانيالز. تصاعد هجوم ترامب على محاميه السابق بعدما اتضح أن كوهين سجّل محادثة مع رئيسه حول شراء حقوق قصة ماكدوغال.
 
أول اتهام
في آب (أغسطس) 2018، وجّه كوهين للمرّة الأولى أصابع الاتهام مباشرةً إلى الرئيس، عندما أقرّ أمام محكمة فدرالية بثماني تهم جنائية، بينها انتهاك قوانين تمويل الحملات الانتخابية. التزم ترامب الصمت واكتفى بتغريدة: "إذا كان أي شخص يبحث عن محامٍ جيد، فإنني أقترح بشدّة ألّا يستعين بخدمات مايكل كوهين!".
 
تصاعد الضغط على ترامب. وفي شباط (فبراير) 2019، أدلى كوهين بشهادته أمام لجنة الرقابة والإصلاح في مجلس النواب، حيث أظهر شيكات موقّعة من ترامب لسداد مدفوعات دانيالز، فاتهمه ترامب بالكذب لتقصير مدة سجنه.
 
وبحلول تموز (يوليو) من ذلك العام، بدا لترامب أنه خرج من دائرة الاتهام، بعدما قال مكتب المدّعي العام الأميركي إنه أتمّ تحقيقاته في انتهاكات كوهين لتمويل الحملة الانتخابية من دون توجيه الاتهام إلى آخرين في أوساط ترامب.
 
لكن ترامب أساء فهم المسألة برمتها. ففي الشهر التالي، استقبل كوهين مدّعين من مكتب المدّعي العام في مانهاتن، كما كتب مارك بوميرانتز في كتابه "الشعب ضدّ دونالد ترامب: شهادة من الداخل". وبدأت المصائب تنهال على "السيد الرئيس". فماذا بعد؟

اقرأ في النهار Premium