النهار

ترامب ينزف نقاطاً انتخابيّة بعد حكم الإدانة
جورج عيسى
المصدر: "النهار العربي"
لكن ما هو حجمها وتأثيرها على فرصه في الخريف المقبل؟
ترامب ينزف نقاطاً انتخابيّة بعد حكم الإدانة
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب (أ ب)
A+   A-

صدر الخميس حكم إدانة الرئيس السابق دونالد ترامب بـ 34 تهمة جنائيّة تتعلّق بتزوير مستندات محاسبيّة لتغطية رشوة مدفوعة لممثلة الأفلام الإباحيّة ستورمي دانيالز. هدفت الرشوة بحسب الحكم إلى شراء صمت ستورمي دانيالز عن علاقة جنسية مزعومة مع ترامب لعدم التأثير على انتخابات 2016. بين الخميس والأحد، صدرت ثلاثة استطلاعات للرأي وصفها تقرير في مجلّة "نيوزويك" بأنّها "ضربة ثلاثيّة" لحظوظ ترامب الرئاسيّة.

 

لماذا هذه "الضربة الثلاثيّة"؟

كان أوّلُ هذه الاستطلاعات مسحاً شبه فوريّ لشركة "يوغوف" أجرته بعد ساعات على الحكم وشمل 3040 شخصاً. وجد الاستطلاع أنّ 50 في المئة رأوا أنّ ترامب مذنب بينما قال 30 في المئة إنّه بريء.

 

ضمن الفئات الناخبة الثلاث، قال 15 في المئة من الجمهوريّين، و48 في المئة من المستقلّين، و86 في المئة من الديموقراطيّين، إنّه مذنب. على العكس من ذلك، رأى 64 و 25 و 5 في المئة على التوالي من الفئات الثلاث المذكورة أنّه بريء.

 

ثاني هذه الاستطلاعات كان لـ "مورنينغ كونسالت" يوم الجمعة وهو أكّد إلى حدّ بعيد نتائج الاستطلاع السابق. وافق 54 في المئة على أنّ ترامب مذنب وعارض 39 في المئة ذلك. حتى ضمن الفئات الناخبة الثلاث، كانت النتائج متقاربة، إن لم تكن أسوأ بالنسبة إلى ترامب. فقد وافق 18 في المئة من الجمهوريّين و 52 في المئة من المستقلّين على أنّ ترامب مذنب.

 

ودعا 15 في المئة من الناخبين المسجّلين الجمهوريّين ترامب إلى إنهاء حملته. اللافت في الرقم الأخير أنّه قريب من معدّل الناخبين الجمهوريّين الذين صوّتوا ضدّ ترامب في الانتخابات التمهيديّة حتى بعد انسحاب جميع منافسيه منها.

 

الاستطلاع الثالث الذي يحمل أيضاً أنباء سيئة بالنسبة إلى ترامب، لكن على الأقلّ ليس بمقدار تلك التي حملها الاستطلاعان السابقان، هو لـ "رويترز/إيبسوس". قال 10 في المئة من الجمهوريّين و21 في المئة من المستقلين إنّ تصويتهم لترامب أصبح أقلّ احتمالاً بعد الإدانة، في مقابل 35 و 18 في المئة من هاتين الفئتين على التوالي قالوا إنّ تصويتهم له أضحى أكثر احتمالاً. بهذا الاستطلاع، يبدو التأييد الجمهوريّ لترامب أكثر صلابة نسبيّاً، لكن مجدّداً، إنّ تأييده بين المستقلّين أقلّ ثباتاً.

 

ما الذي تعنيه هذه الأرقام؟

هي تمثّل امتداداً إلى حدّ كبير لاستطلاعات سابقة أجريت قبل صدور الإدانة، لكنّها أخذت بالاعتبار هذا الاحتمال. في نيسان (أبريل)، صدر استطلاع لـ"ياهو/يوغوف" أظهر أنّ 51 في المئة من المستطلعين رأوا أنّه ينبغي على ترامب ألّا يترشّح في حال الإدانة من بينهم 16 في المئة من الجمهوريّين.

 

وصدر استطلاع عن كلّيّة ماركيت للقانون الأسبوع الماضي وجد لدى نصف المستطلعين أنّ ترامب يتفوق على بايدن بـ 6 نقاط في حال برّئ من التهم، بينما تقدّم بايدن على ترامب بـ 4 نقاط لدى النصف الآخر إذا حُكم عليه بالإدانة. وفي تشرين الأول (أكتوبر)، لفت استطلاع لـ "نيويورك تايمز/كلية سيينا" إلى أنّ 7 في المئة من ناخبي ترامب سيصوّتون لبايدن في حال الإدانة. أهمّيّة هذه الأرقام أنّها أتت من ستّ ولايات متأرجحة.

 
 
 

(الرئيس الأميركي جو بايدن - أب)

 

تتّفق جميع هذه الاستطلاعات على واقع أنّ ترامب سينزف النقاط في حال الإدانة، إن لم يبدأ بنزفها فعلاً. مع ذلك، ليس المشهد ورديّاً عند الديموقراطيّين.

 

أسباب العودة المحتملة لترامب

وسط هذه الأرقام، يبدو أنّ ثمة فرقاً كبيراً بين ما قاله المستطلَعون قبل فترة من الإدانة وما قالوه مباشرة بعدها. ففي سباق ثنائيّ (أي مع استبعاد المرشّحين الأقل حظاً)، كان حجم الانتقال من ضفّة إلى أخرى بحسب نوع الحكم، أكبر بكثير في الماضي بالمقارنة مع ما كان عليه الحال في استطلاع "رويترز/إيبسوس" الأخير.

 

بحسب استطلاع "نيويورك تايمز/سيينا" في تشرين الأول وتشرين الثاني 2023، تفوّق ترامب على بايدن بـ 4 نقاط من دون إدانة، وبايدن على ترامب بـ 10 نقاط مع إدانة منافسه. بعبارة أخرى، كسب بايدن 14 نقطة بفعل الإدانة. وفي 3 استطلاعات أخرى بين كانون الأول ونيسان، كسب بايدن ما يتراوح بين 5 و 8 نقاط بفعل الإدانة. لكنّ استطلاع "رويترز/إيبسوس" بعد صدور الحكم لم يُكسِب بايدن سوى نقطتين مئويتين وحسب.

 

وفي حين أنّ الإدانة يمكن أن تذكّر قسماً من الناخبين بسوء سلوك ترامب، يبقى أنّ قسماً آخر قلق أكثر من الوضع الاقتصاديّ وخصوصاً التضخّم. والمشكلة الثانية في الاستطلاعات أنّها أقرب إلى التقاط رأي المستطلَع لحظة السؤال لا لحظة توجّهه إلى صناديق الاقتراع. وسبب ذلك أنّ المستطلَع يكون متأثّراً بتداعيات الخبر الحديث، وقد يبالغ شخصيّاً في استنتاج توجّهاته النهائيّة انطلاقاً من الحدث الآنيّ.

 

حتى مع افتراض صحّة الاستطلاعات، يتعذّر تجاهل أنّ الانتخابات لا تزال بعيدة نحو خمسة أشهر، مع التشديد على أنّ الاستطلاعات لا تبدأ بإعطاء صورة دقيقة قبل أيلول (سبتمبر). لذلك، يمكن القول إنّ ترامب يتمتّع بفرصة جدّيّة لتعزيز حظوظه لاحقاً. ثمّة مناظرة رئاسيّة مبكرة هذه السنة ستنظّم في 27 حزيران (يونيو) الحالي. إن بدت على الرئيس الحاليّ أمارات التعب أو التقدّم في السنّ خلال المناظرة، فقد يحقّق الرئيس السابق نقاطاً إضافيّة. لكنّ المشكلة هي أنّ ترامب وبمجرّد أن يبدأ بالتقاط أنفاسه بعد الأداء الإيجابيّ "المفترض" في المناظرة المقبلة، سيعود إلى مواجهة الأضواء السلبيّة حين يصدر حكم العقوبة بشكل رسميّ في 11 تمّوز (يوليو).

 
 
 

(مناظرة سابقة لترامب وبايدن، 2020، أب)

 

لهذه الأسباب، وبالرغم من أهمّيّة السؤال عن تأثير حكم الإدانة الأخير على حظوظ ترامب الرئاسيّة، قد لا يتمكّن المستطلِعون، ولا المراقبون، من معرفة الجواب قبل يوم الانتخابات وتحديداً قبل استطلاعات الخروج. لكن من الناحية المنطقيّة، يمكن قول إنّه كلما ضاقت فجوة فوزٍ محتمل لبايدن على ترامب، كانت الإدانة أشدّ مساهمة في خسارة المرشّح الجمهوريّ.

 

اقرأ في النهار Premium