النهار

"أمّ المناظرات الرئاسيّة"... هل يطلق ترامب النّار على قَدَمه؟
جورج عيسى
المصدر: "النهار العربي"
الجمهوريّون يصرّون على مدّ بايدن بطوق نجاة
"أمّ المناظرات الرئاسيّة"... هل يطلق ترامب النّار على قَدَمه؟
تعبيرية. (حبيب فغالي)
A+   A-

27 حزيران (يونيو) 2024. هو اليوم الذي قد يحدّد وجهة مسار الانتخابات الرئاسيّة الأميركيّة. عند الساعة التاسعة مساءً بالتوقيت الشرقيّ، ستكون الولايات المتحدة على موعد مع المناظرة الأولى بين الرئيس الأميركيّ جو بايدن وسلفه دونالد ترامب. ستمثّل "أمّ كلّ المناظرات الرئاسيّة" بحسب تعبير الكاتب في "فايننشال تايمز" إدوارد لوس.

 

وفق متوسّط الاستطلاعات الذي يقدّمه "ريل كلير بوليتيكس"، يتقدّم ترامب على بايدن ضمن هامش الخطأ، بنسبة نصف في المئة على المستوى الوطنيّ (بدون احتساب المرشّحين الآخرين)، ونحو 3.3 في المئة على مستوى الولايات المتأرجحة. إذاً، المتنافسون في حالة تعادل تقريباً، وقد تكسر المناظرة هذا التوازن باتّجاه أو آخر.

 

سوف تدير شبكة "سي أن أن" المناظرة بضوابط صارمة: لا جمهور، لا مقاطعة. سيتمّ تشغيل مكبّر صوت المرشّح بعد التوجّه إليه بالسؤال. بعيداً من التفاصيل التقنيّة، يبقى السؤال المحوريّ: من هو صاحب الحظّ الأوفر للخروج فائزاً من المناظرة؟

 

نقاط قوّة بايدن

لمحبّي التكنولوجيا والخوارزميّات، توقّع "حاسوب خارق" بداية الشهر الحاليّ فوز بايدن، وبقوّة. قام موقع المراهنات "بيتوبيديا" بإجراء 1000 محاكاة للمناظرة من أجل استنتاج ما يتوقّعه المشاهدون من نقاش الطرفين. خرج بايدن فائزاً في 646 محاكاة. ودخلت العمليّة في التفاصيل. كان هناك توقّع بأن يدلي ترامب بمطوّلات مونولوجيّة بنسبة 53.3 في المئة، وبأن يستخدم لغة مهينة ضدّ فئة ديموغرافيّة بنسبة تفوق 21 في المئة.

 

تظهر هذه التفاصيل حجم الفِخاخ التي قد يوقع ترامب نفسه فيها. إلى جانب احتمال أن يهين شخصاً من خلفيّة إثنيّة أو جندريّة ما، يبرز احتمال عودة ترامب إلى "المظالم" بسبب "سرقة" انتخابات 2020. بما أنّ المستقلّين سيحسمون التصويت، قد يزعجهم تكرار هذه القضيّة. حتى مطلع السنة، اعتقد ثلث الأميركيّين أنّ الانتخابات "مسروقة" وجلّهم من الجمهوريّين. كما يقول كارل روف من "وول ستريت جورنال" بعد مقابلة 5 خبراء جمهوريّين و3 ديموقراطيّين، على هذه الكلمة ألّا تصدر حتى على لسانه.

 
 
 

يواجه ترامب مشكلة أخرى مع غياب الجمهور. هو يتغذّى من الحضور الكبير وبالتالي يمكن أن يفقد زخمه وسط استديو شبه فارغ. لا يحتّم ذلك عدم استفادة ترامب بطريقة غير مباشرة. فبدون التصفيق وصيحات التشجيع، يمكن أن تتضاءل فرص انزلاقه نحو إهانات مجّانيّة. ينطبق الأمر نفسه على إطفاء مكبّر الصوت حين يكون خصمه في طور عرض وجهة نظره.

 

ولدى بايدن نقاط قوّة أخرى قد يستخدمها ضدّ ترامب بحسب روف، مثل نيّة الرئيس السابق إصدار عفو عن مثيري الشغب في أحداث 6 كانون الثاني (يناير) إذا عاد إلى البيت الأبيض. وفرضت الإدارة الحاليّة ضرائب على الشركات الكبيرة كما خفضاً لأسعار الدواء. وهناك أيضاً قضيّة الإجهاض التي تهمّ العدد الأكبر من الناخبات.

 

أسلحة ترامب

إذا ركّز ترامب على نقاط قوّته أو نقاط ضعف خصمه فلديه الكثير ليكسبه. بالرغم من انخفاض نسبة البطالة في الولايات المتحدة، لا تزال التصوّرات العامّة لدى الأميركيّين بشأن الاقتصاد سلبيّة إلى حدّ بعيد. في نهاية المطاف، إنّ عدد المتأثّرين بالتضخّم أكبر من عدد الداخلين حديثاً إلى سوق العمل. في استطلاع لـ"سي بي أس/يوغوف"، قال 72 في المئة إنّ التضخّم يمثّل ضائقة أو صعوبة بالنسبة إليهم. حتى أنّ شاباً قال لـ"سي بي أس" إنّه يحصل على أموال أكثر حاليّاً ممّا كان عليه الأمر سنة 2020 لكنّه مع ذلك أكثر فقراً. ووصف 63 في المئة الاقتصاد بأنّه سيّئ.

 

وبإمكان ترامب التركيز على عدد المهاجرين غير الشرعيّين الذين يعبرون الحدود الجنوبيّة للبلاد. تظهر الاستطلاعات أنّ هذه المشكلة هي الأهمّ بالنسبة إلى الناخبين. وذكر تقرير لوكالة "أسوشيتد برس" في 5 حزيران أنّ بعض الديموقراطيّين يعترفون بنجاح الجمهوريّين في نشر الرسالة المناهضة لاستقبال المزيد من المهاجرين بين مناصري الرئيس. عاد بايدن ليتشدّد في المسألة فكتب زاخاري وولف في "سي أن أن" أنّ بايدن يستخدم الأوامر التنفيذيّة نفسها التي استخدمها ترامب، بالرغم من حفاظه على خطاب مختلف.

 
 
 

(أ ب)

 

تبقى نقطة القوّة الأبرز لدى ترامب وهي مظهره الخارجيّ الذي يوحي بتقدّم أبطأ في السنّ بالمقارنة مع بايدن. كان الأخير يعاني من لحظات بدا فيها فاقداً للإدراك والاتّصال بمحيطه المباشر، كما حصل خلال قمّة مجموعة السبع. هذا إلى جانب قوله كلاماً غير مفهوم أو متّسق في أحيان أخرى. مرّ ترامب بلحظات مماثلة من الالتباس أو الإدلاء بكلمات مبهمة إنّما بوتيرة أقلّ. لكنّ بايدن ظلّ قادراً على التحدّث بقوّة وثقة في خطاب حال الاتحاد. ما إذا كان قادراً على اجتياز الاختبار بالنجاح نفسه خلال المناظرة هو من أبرز النقاط المجهولة. لكن يبدو أنّ الجمهوريّين أنفسهم قد يلقون حبل النجاة لبايدن.

 

هل تذكرون ما حصل قبل 24 عاماً؟

حذّر المعلّق السياسيّ الجمهوريّ ديريك هانتر من خطورة لعبة الجمهوريّين القاضية بمواصلة الإصرار على السخرية من قدرات بايدن الذهنيّة، لأنّ ذلك سيخفّض كثيراً سقف التوقّعات من بايدن. يذكّر بأنّ هذا ما حصل سنة 2000، حين ركّز الديموقراطيّون على "ذكاء" آل غور و"غباء" بوش الابن، إلى أن جاءت المناظرة وحُسمت لمصلحة الأخير فقط لأنّه تخطّى سقف التوقّعات المنخفض. بحسب هانتر، لن يفوز ترامب في المناظرة إن "كان كلّ المطلوب من بايدن أن يظلّ مستيقظاً في النهاية".

 

الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium