يبلغ عدد أصوات الناخبين العرب والمسلمين في الولايات المتحدة نحو 3.5 مليون، أي حوالي 1 بالمئة من إجمالي الناخبين، ومع ذلك، فهم قادرون على حسم النتائج في بعض الولايات.
بين 2020 و2024، تراجعت كثيراً أسهم الرئيس الأميركي جو بايدن بين العرب الأميركيين، لأسباب عدة ليس آخرها حرب غزة، والسياسات المربكة لإدارته في التعامل مع حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وعلى مسافة أشهر من الانتخابات الرئاسية الأميركية في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، يطرح سؤال ملح عن قدرة حملة الرئيس السابق دونالد ترامب على استقطاب أصوات العرب الذين هجروا المعسكر الديموقراطي أو ربما على الأقل اقناعهم بالمقاطعة، وهو ما يخدم أيضاً المرشح الجمهوري.
قبل أربع سنوات، صوت نحو 59% من الأميركيين العرب لبايدن في ما بدا في حينه رداً على قرار ترامب نقل السفارة الأميركية إلى القدس والإجراءات التي اتخذها لمنع دخول مواطني دول مسلمة إلى الولايات المتحدة، قبل أن يبطل القضاء الأميركي هذا الإجراء، غير أن الاستطلاعات الأخيرة تشير إلى هجرة جماعية للصوت العربي بعيداً من المرشح الديموقراطي، فـ 17% فقط منهم سيصوتون لبايدن.
تتحرك ماكينة ترامب بكل ثقلها لاستمالة هؤلاء الناخبين، ويتزعم الجهود لهذه المهمة من سمّته وسائل إعلام أميركية "الصهر اللبناني" للرئيس ترامب.
في الواقع، بدأ مسعد بولس، وهو والد مايكل بولس، زوج تيفاني ترامب، الإبنة الصغرى للرئيس السابق، اجتماعات مكثفة مع قيادات الفكر والسياسة والاقتصاد العرب وخصوصاً في ميشيغن، التي تضم أميركيين عرباً كانوا تقليدياً يصبون أصواتهم لصالح المرشح الديموقراطي ولكنهم يشعرون حالياً باستياء كبير من سياسات بايدن.
ويقول بولس، منسق العلاقات العربية لحملة ترامب، لـ"النهار" في حديث عبر الفيديو إن لقاءات ميشيغن شملت العديد من الشخصيات اللبنانية والسورية والعراقية والفلسطينية والمصرية واليمنية، اضافة الى جاليات باكستانية وآسيوية أخرى، وهدفت خصوصاً إلى الاستماع الى هواجس الأميركيين العرب.
يبدو واضحاً بالنسبة إلى بولس أن حرب غزة تشكل هاجساً أساسياً لدى هؤلاء، كما لدى أطياف واسعة من الناخبين الاميركيين العرب. وهذا ما تجلى أيضاً بين طلاب في الجامعات الأميركية ومجموعات أخرى كبيرة، أعربت عن معارضتها لسياسات بايدن حيال الحرب.
وتحدث عن هجرة الكثير من الناخبين الاميركيين العرب بعيداً من الحزب الديموقراطي، مشيراً إلى حملة أطلقها هؤلاء تحت عنوان: "تخلوا عن بايدن" (Abandon Biden).
وبناء على هذه لقاءات ميشيغن واستعداداً لأخرى تعقد قريباً مع الجاليات العربية والمسلمة في ولايات أخرى، أصدر ترامب بياناً وصفه بولس بأنه "أولي"، تعهد فيه إحلال السلام في المنطقة. وورد فيه: "كان لدينا سلام في الشرق الأوسط ويمكننا الحصول عليه مجدداً ولكن ليس مع بايدن". وإذ كرر بأنه "لم يكن بنبغي أن يحصل كل هذا" في إشارة إلى حرب غزة، أضاف: "سأصلح فوضاه (بايدن) وأجلب السلام لجميع الأطراف من جديد وسننجز ذلك بسرعة".
ويلفت بولس إلى أن "السؤال الأبرز هو: من يستطيع إحلال السلام ومن يجلب الحرب؟ وهم يعرفون الجواب على ذلك"، مشيراً إلى أن ترامب هو الرئيس الأميركي الذي لم يبدأ أي حرب.
الثقل الانتخابي للصوت العربي
يبلغ عدد أصوات الناخبين العرب والمسلمين في الولايات المتحدة نحو 3.5 مليون، أي حوالي 1 بالمئة من إجمالي الناخبين، ومع ذلك، فهم قادرون على حسم النتائج في بعض الولايات.
ففي ضوء النتائج المتقاربة جداً لبايدن وترامب في الاستطلاعات، يكتسب الصوت العربي ثقلاً إضافياً في هذه الدورة الانتخابية لكونه يتركز في الولايات المترددة التي يتوقع أن تحسم النتيجة.
وعن الوضع الانتخابي في هذه الولايات، يقول بولس إن فيرجينيا ومينيسوتا اللتين تعتبران زرقاوتين وتصوتان لصالح الديموقراطيين صارتا في مرمى التنافس. وبحسب شركة "ايمرسون" بات ترامب يتقدم بايدن بنقطتين في مينيسوتا التي صوتت منذ عام 1972 لصالح المرشح الديموقراطي.
وفي ميشيغن حيث يبلغ عدد الناخبين العرب حوالي 310 آلاف، بات ترامب يتقدم على بايدن برغم أنها صوتت ضده بكثافة في 2020.
ولا يرى بولس غرابة في ذلك، معتبراً أن تصويت العرب لصالح المرشح الجمهوري ليس أمراً جديداً، بل يشكل عودة إلى قواعدهم الانتخابية لأنهم "حتى 2000، كانوا يصوتون بشكل عام لصالح الحزب الجمهوري المحافظ". وأضاف: "حتى لو لم يصوت جميعهم لترامب، وقرر بعضهم مقاطعة الانتخابات، فهذا يصب في مصلحتنا أيضاً".
وعلى مسافة أيام قليلة مما يعتبر أمّ المناظرات الانتخابية في الولايات المتحدة، يصف بولس ترامب بأنه مرتاح جداً، واستعداداته تستمر في لقاءات في فلوريدا أو عبر الانترنت مع مسؤولين بمجلسي النواب والشيوخ، وهو يستمع إلى آراء مسؤولي الحملة والقطاع الخاص ومجالات الأعمال والتكنولوجيا والطاقة وتكنولوجيا المعلومات.
بمعايير كثيرة، ستكون المناظرة أولى من نوعها بين مرشحين يكادان يختلفان في كل شيء. وسيكون الحضور الذهني لبايدن محط اهتمام واسع بعد سلسلة الفيديوات التي أظهرت "شرود" الرئيس واعتبرها البيت الأبيض "مبتورة".
ويقول بولس إن ثمة ملفات داخلية كبيرة تشكل محور الحملة ولا شك أنها ستكون في صلب المناظرة، وهي "الاقتصاد في ظل التضخم الكبير وكلفة المعيشة، والحدود مع المكسيك والديموقراطية".
في الولاية الأولى لترامب، أدى صهره جاريد كوشنر "اليهودي" دوراً فاعلاً في الإدارة الأميركية، واضطلع بمهمات في الشرق الأوسط. وعلى أبواب ولاية ثانية محتملة، هل يمكن صهره "العربي" أن يقوم بدور في المنطقة؟ يجيب بولس إن "مايكل يركز حالياً على أشغاله، وهي كثيرة وتأخذ كل وقته"، مستدركاً: "ولكن نحن بتصرف الرئيس".
وماذا عنه شخصياً، يقول: "أكرس جزءاً كبيراً من وقتي للحملة ونحن بتصرفه وبتصرف الولايات المتحدة".
ويخبر أنه في المرة الأولى التي التقى فيها ترامب، عبّر له عن إعجابه باللبنانيين. وقال له: "أنتم أذكياء جداً ولي الشرف أن أكون قريباً منكم..."، "ولنا الشرف أيضاً" يختم بولس.