أطلقت محكمة في جزيرة سايبان الأميركية بالمحيط الهادئ سراح مؤسس موقع " ويكيليكس " جوليان أسانج اليوم الأربعاء بعد إقراره بالذنب بانتهاك قانون التجسّس الأميركي، ضمن صفقة سمحت له بالتوجّه إلى وطنه أستراليا وأنهت ملحمة قانونية استمرت 14 عاماً.
وخلال الجلسة التي استمرّت ثلاث ساعات، أقرّ أسانج بالذنب في تهمة جنائية واحدة هي التآمر للحصول على وثائق سرّية تتعلّق بالدفاع الوطني الأميركي والكشف عنها، لكنّه ذكر أنه كان يعتقد أن التعديل الأول للدستور، الذي يحمي حرّية التعبير، سيحمي أفعاله.
وقال للمحكمة "مع عملي صحافياً، شجّعت مصدري ليقدّم معلومات قيل إنّها سرّية من أجل النشر".
وتابع "اعتقدت أن التعديل الأول للدستور يحمي هذا الفعل ولكنّي أتقبّل أنّه كان... انتهاكاً لقانون التجسّس".
وقال محاميه الأميركي باري بولاك للصحافيين خارج المحكمة "نعتقد اعتقاداً راسخاً أنّه لم يكن ينبغي اتّهام السيد أسانج قط بموجب قانون التجسّس وأنّه مارس عملاً يمارسه الصحافيون كل يوم".
وأضاف أن عمل " ويكيليكس " سيستمر.
وقالت جنيفير روبنسون من فريق محاميه "هذا اليوم تاريخي يضع حدا لمعارك قضائية استمرت 14 عاماً".
وخرج أسانج (52 عاماً) من المحكمة ماراً وسط حشد من كاميرات القنوات التلفزيونية والمصوّرين بدون الإجابة على الأسئلة، ثم لوّح وهو يستقل سيارة.
وصعد أسانج فوراً إلى طائرة خاصة أقلعت من جزر ماريانا الشمالية وهي أرض أميركية صغيرة في المحيط الهادئ متوجهة إلى كانبيرا عاصمة أستراليا حيث ينتظر وصوله مساء.
وقبلت كبيرة قضاة المحكمة الإقليمية رامونا في. مانغلونا إقراره بالذنب وأطلقت سراحه بسبب الوقت الذي قضاه بالفعل في أحد السجون البريطانية، وقالت: "بهذا الإقرار، يبدو أنّك ستتمكّن من الخروج من هذه القاعة رجلاً حرّاً".
ولن يحق لأسانج العودة إلى الولايات المتحدة من دون إذن على ما أوضحت وزارة العدل الأميركية في بيان.
وبموجب الاتّفاق مع القضاء، لم يعد أسانج ملاحقاً إلا بتهمة "التآمر للحصول على معلومات تتعلّق بالدفاع الوطني ونشرها". وحكم عليه بالسجن 62 شهراً كان قد أمضاها أساساً خلال السنوات الخمس في سجنه البريطاني.
وأفاد ممثّلو الادّعاء بأن الاختيار وقع على الجزيرة الأميركية الواقعة في غرب المحيط الهادئ لعقد جلسة المحاكمة بسبب معارضة أسانج للسفر إلى البر الرئيسي للولايات المتحدة ولقربها من أستراليا.
وحضر الجلسة العشرات من ممثلي وسائل الإعلام من شتى أنحاء العالم، وتجمّع عدد أكبر خارج قاعة المحكمة لتغطية الإجراءات. ولم يُسمح لوسائل الإعلام بالدخول إلى قاعة المحكمة لتصوير الجلسة.
وبدا التعب واضحاً على أسانج خلال إقراره بذنبه هذا، لكنّه كان في الوقت نفسه مرتاحاً.
وأفاد صحافي في وكالة " فرانس برس" أنّ أسانج، الذي ارتدى بدلة سوداء وربطة عنق صفراء سارع إلى احتضان محاميَّيه ووقّع كتاباً لأحد أنصاره.
وقالت ستيلا أسانج، زوجة مؤسس " ويكيليكس "، عبر " إكس " للتواصل الاجتماعي "أشاهد هذا وأفكّر في مدى إرهاق حواسه، وهو يسير عبر حشد من الصحافيين بعد سنوات من الحرمان الحسّي والجدران الأربعة لزنزانته في سجن بيلمارش شديد الحراسة".
وأضافت "الأولوية الآن في أن يستعيد جوليان عافيته فهو في وضع فظيع منذ خمس سنوات ويريد أن يكون قريباً من الطبيعة".
وأطلقت ستيلا أسانج وهي محامية جنوب إفريقية، نداء للتبرع لدفع مبلغ 520 ألف دولار ينبغي على زوجها تسديده للحكومة الأسترالية لقاء الطائرة التي استأجرها لنقله إلى أستراليا. وأكدت عبر " إكس ": "لم يسمح له باستقلال رحلة تجارية".
وقضى أسانج أكثر من خمس سنوات في السجن البريطاني وسبع سنوات بسفارة الإكوادور في لندن حيث واجه اتّهامات بارتكاب جرائم جنسية في السويد وكافح تسليمه إلى الولايات المتحدة حيث واجه 18 تهمة جنائية.
ويعتبره أنصاره ضحية لأنّه كشف عن مخالفات وجرائم محتملة أميركية، تشمل ما ارتكب خلال الصراعات في أفغانستان والعراق. واعتبرت واشنطن أن نشر الوثائق السرية عرّض حياة أشخاص للخطر.
ونادت الحكومة الأسترالية بإطلاق سراحه وأثارت هذه القضية مع الولايات المتحدة مرّات عدّة.
وقال رئيس الوزراء أنتوني ألبانيزي في مؤتمر صحافي اليوم الأربعاء إن ما حدث ليس نتيجة للساعات الأربع والعشرين الماضية فحسب.
وأضاف "هذا شيء تمّت دراسته بصبر والعمل عليه بطريقة محسوبة، وهذه هي الطريقة التي نتصرّف بها في أستراليا".