أصبحت الحالة الصحية للرئيس الأميركي جو بايدن تحت مجهر الأطباء المتخصصين عقب ظهوره الشاحب والمتلعثم في المناظرة الرئاسية الأولى أمام منافسه دونالد ترامب، ما ضاعف التساؤلات حول قدرته على قيادة الولايات المتحدة لأربع سنين مقبلة.
فيما حلل أحد كبار الأطباء البريطانيين ما يتعلق بمعاناته من أعراض مرض باركنسون، وخطورة تفاقم ذلك في الفترات المقبلة، مع الأخذ في الاعتبار سلسلة السقطات والأخطاء والسلوكيات غير المعتادة، التي تعرض لها في الأشهر الأخيرة، بحسب وسائل إعلام.
ويقول البروفيسور روبرت هوارد، الخبير في طب الشيخوخة في جامعة كوليدج لندن: إنه لا يستطيع الأطباء تشخيص شخص ما دون فحصه، ولكن بناءً على لقطات المناظرة التي رأيناها، "فإن التجمد والثرثرة يجعلاني أشعر بالقلق من أن بايدن يكافح للحفاظ على الانتباه". ويضيف أن هناك لحظات بدا فيها أنه فقد تسلسل أفكاره وأخرى حيث لا يستطيع منع نفسه من الثرثرة.
أعراض باركنسون
ويؤكد البروفيسور البريطاني أن "هذه التقلبات في الانتباه هي أحد الأعراض الرئيسية لمرض باركنسون". وهو حالة تتوقف فيها الخلايا العصبية في جزء الدماغ المسؤول عن إنتاج مادة كيميائية حيوية تسمى الدوبامين عن العمل بشكل صحيح.
ويوضح أن "الدوبامين يتحكم في مجموعة من الوظائف بما في ذلك الحركة والانتباه، وبينما يمكن أن تساعد الأدوية في تخفيف الأعراض، فإن المرض غير قابل للشفاء ويتفاقم تدريجياً".
وفي حين أن كل من الخرف ومرض باركنسون يمكن أن يؤثرا في الدماغ، فقد أوضح البروفيسور هوارد إنهما يتجليان بطرق مختلفة، "الفرق هو أنه مع الخرف، الأمر أشبه بتفجير الأضواء في المنزل، فلا يوجد شيء يمكنك فعله لإعادتها إلى العمل، ولكن مع مرض مثل باركنسون، تنخفض الطاقة، وتومض المصابيح وتخفت قليلاً من وقت لآخر".
ويقول هوارد إن بايدن يعاني مشكلة في إبقاء الأضواء مضاءة طوال الوقت.. يبدو بلا تعبير ووجهه يشبه القناع. هذا شيء نراه أيضا غالبا مع مرض باركنسون". وأضاف أنه لا ينبغي للناس تجاهل أعراض مثل هذه لأنها ليست مجرد علامة على الشيخوخة.
ويؤكد "إذا كان بايدن مصابا بمرض باركنسون - وأنا لا أقول إنه كذلك - يمكنك الرهان على أنه رأى أطباء كبارا وسيتلقى العلاج الأمثل بالفعل.. ولا ينبغي النظر إلى هذه الأنواع من الأعراض على أنها جزء طبيعي من الشيخوخة". وتابع الدكتور سميث أنه إذا كان يفحص مريضا يعاني أعراض بايدن، فإنه يرغب في التفكير في مرض باركنسون.
ويقول البروفيسور البريطاني إنه: "إذا جاء أحد أقارب بايدن وشرحوا لي كل الأشياء التي شهدناها في المناظرة الرئاسية الليلة الماضية، وبعض الظهور العام الأخير، فإن مرض باركنسون سيكون أحد أهم الأشياء في القائمة التي يجب التفكير فيها". وأضاف: "أن الخرف نظرا لعمر بايدن، سيكون أيضا من بين المشكلات الصحية التي قد يرغب الطبيب في أخذها في الاعتبار".
السقوط المتكرر
ويعد السقوط الذي أصبح بايدن أكثر عرضة له هو علامة أخرى على الحالة. ويقول هوارد إن السقوط بين مرضى باركنسون ليس بالأمر غير المعتاد، "يمر مرضى باركنسون بلحظات يتجمدون فيها جسديًا.. إنهم أكثر عرضة للسقوط لأن الساقين قد تكونان متيبستين والحركات بطيئة".
ويوضح أن مادة الدوبامين الكيميائية في الدماغ، والتي يقل إنتاجها لدى مرضى باركنسون، تعمل كرسول بين الدماغ وأجزاء الجهاز العصبي التي تضبط التحكم في حركات الجسم وتنسيقها، كما أن نقصها قد يؤدي إلى بطء الحركة أو عدم انتظامها مع زيادة مخاطر السقوط لدى المرضى نتيجة لذلك، وقد يؤدي حتى إلى تجميدهم تمامًا كما لو كانوا عالقين في مكانهم".
ويؤثر مرض باركنسون في واحد من كل 20 شخصًا فوق سن 85 عامًا، مع اعتبار العمر أكبر عامل خطر للإصابة بالمرض. ويضيف: "إنه لا يستطيع التعليق على صحة بايدن على المدى الطويل، إذا كان مصابًا بمرض باركنسون، فسوف يزداد سوءًا بمرور الوقت لأن الحالة تقدمية.
كما أوضح "أنها معضلة رهيبة لأنه في معظم الوقت يكون في أفضل حالاته.. لكن لا يمكنك التنبؤ بموعد حدوث هذه اللحظات ولن يكون قادرا على العمل بالمستوى الذي يحتاج إليه".
ويؤكد البروفيسور هاورد: "هذه الأشياء لا تتحسن بمرور الوقت. إنها تقدمية. الأدوية تعالج الأعراض فقط، ولا تمنع المرض من التقدم.. وبالنظر إلى السنوات الثلاث أو الأربع القادمة، سيزداد الأمر سوءًا".
ضعف إدراكي
ويقول الدكتور مايك سميث، وهو طبيب عام في هيئة الخدمات الصحية البريطانية إن مشاهدة مناظرة الليلة الماضية لم تترك سوى استنتاج واحد كمتخصص في الصحة. وهو أنه "لا شك يعاني بايدن من ضعف إدراكي"، وهو ما يمكن أن يسببه حالات عصبية متعددة.
وأوضح "بايدن يكافح للعثور على الكلمة الصحيحة، وأحيانا ينهي الجملة بشيء لا معنى له"، على سبيل المثال عقوبته على الرعاية الطبية... يبدو أنه مضطر إلى التركيز كثيرا للاستمرار في الموضوع. كما يشير خلطه إلى وجود بعض مشاكل الحركة هناك أيضا.
كما سلطت المناظرة الضوء على ذاكرة بايدن وقدرته على مواصلة الحديث. ففي لحظة ما، عندما أشار إلى القيود المفروضة على الإجهاض في الولايات المتحدة، تحول بشكل مربك إلى الهجرة وأشار إلى "امرأة شابة قُتلت للتو على يد مهاجر". وقال معلقون إنه من غير الواضح ما هي النقطة التي كان يحاول إثباتها.
وأشار معلقون آخرون إلى عدة مناسبات عندما بدا وكأنه متجمد في تكرار لحالة ظهر عليها عدة مرات مؤخراً، فقد ظهر يحدق في الفراغ في وقت سابق من هذا الشهر، كما شوهد يجلس القرفصاء بشكل محرج كما لو كان يستعد للجلوس قبل أن يتجمد مؤقتًا، في فرنسا، ثم تجمد لمدة دقيقة تقريبًا أثناء احتفالات حزيران (يونيو) بينما كان الآخرون يرقصون على أنغام فرقة موسيقية حية.