حتى الأسابيع القليلة الماضية، انحصرت التكهّنات حول خيار المرشّح الجمهوريّ دونالد ترامب لنائبه على التذكرة الرئاسيّة، بعدد قليل من الأسماء. يقول منسّق العلاقات العربيّة في حملة ترامب الدكتور مسعد بولس لـ "النهار العربي" إنّ أربعاً إلى خمس شخصيّات تملك فرصاً أعلى من غيرها في هذا الإطار:
السيناتور عن ولاية ساوث كارولاينا تيم سكوت، وحاكم ولاية نورث داكوتا دوغ بورغوم، والسيناتور الجمهوريّ عن أوهايو جيه دي فانس، والسيناتور عن فلوريدا ماركو روبيو.
المرشّح الحسن المظهر
قد يكون بورغوم الأقلّ شهرة بين هذه الشخصيّات، لأنّه يحكم ولاية صغيرة نسبيّاً ولأنّه قليل الحضور على المسرح السياسيّ العامّ. ربّما اكتسب الحاكم (67 عاماً) بعض الشهرة حين ترشّح مؤخّراً إلى الانتخابات الرئاسيّة التمهيديّة عن الحزب الجمهوريّ لكن بدون ترك بصمة تُذكر.
(بورغوم - أب)
إحدى نقاط القوّة التي تفسّر صعود حظوظ بورغوم لنيابة الرئاسة بحسب تقرير لـ "بلومبرغ" هي ثروته وقدرته على التواصل مع المانحين. فهو على علاقة جيّدة مع المستثمرين في عالم التكنولوجيا والطاقة معاً. إضافة إلى ذلك، بورغوم حسن المظهر وهذا أمرٌ مهمّ لترامب.
"المحارب السعيد"
مثل بورغوم، ترشّح تيم سكوت (58) إلى الانتخابات التمهيديّة الرئاسيّة من دون نجاح. قال مراقبون إنّهم كانوا يتوقّعون منه التقدّم بعيداً في ترشّحه بالنظر إلى طبعه الإيجابيّ والتركيز على المستقبل بشكل متفائل، بعكس ترامب الذي يرى منتقدوه أنّه يركّز على "مظالم" سابقة. بسبب طباعه، وصفه البعض بأنّه "المحارب السعيد". بالمقابل، وصف سكوت خصومه الليبراليّين بأنّهم "تجّار مخدّرات اليأس". على أيّ حال، انسحب سكوت باكراً من السباق (تشرين الثاني/نوفمبر) وأعلن دعمه لترامب بعد نحو شهرين.
يمكن لسكوت أن يجذب إلى التذكرة قسماً من الناخبين السود وقد أطلق الشهر الماضي مبادرة بقيمة 15 مليون دولار تقريباً لتحقيق هذا الهدف. يرى تقرير لـ "بوليتيكو" أنّ عدم قدرة سكوت على صياغة موقف واضح من الإجهاض وعدم ارتياحه تحت الأضواء قد يجعلان ترامب يغضّ النظر عنه.
"أنا إنسان"
قال فانس في مقابلة إعلاميّة حديثة إنّه كـ "إنسان" سيشعر بـ"خيبة أمل صغيرة" إذا لم يدخل تذكرة ترامب. في السياسة الخارجيّة، اشتهر فانس بمعارضته لمواصلة دعم أوكرانيا بالسلاح. بالنسبة إلى مرشّح تعهّد بوقف حرب أوكرانيا "في 24 ساعة"، قد يكون فانس خياراً مناسباً لترامب. وبما أنّ فانس شابٌ (39) من تيّار "ماغا"، يمكن أن يكون الأنسب ليخلف ترامب سنة 2028 إذا نجح في الانتخابات.
(فانس - أب)
في السابق، كان فانس معارضاً متطرّفاً لترامب. سنة 2022، نشر صديق السيناتور، النائب الديموقراطيّ جوش ماكلورين، تغريدة ضمّت ما قال إنّها صورة لدردشة تعود إلى سنة 2016 وتظهر فانس يتساءل عمّا إذا كان ترامب هو "هتلر" الخاصّ بأميركا. (التغريدة على موقع "أكس" باتت محذوفة).
من التجريح إلى التقارب
لا يشذّ روبيو عن الصفوف الطويلة من الجمهوريّين الذين عارضوا ترامب بشدّة قبل أن يناصروه. تبادل الرجلان تجريحاً شخصيّاً قاسياً في الانتخابات التمهيديّة سنة 2016. لكنّهما طويا الصفحة سريعاً بعدما أعلن روبيو تأييد ترامب للرئاسة حتى قبل فوزه بالانتخابات التمهيديّة، بينما لم يستبعد ترامب في السنة نفسها تعيينه نائباً له.
وقدّم روبيو خدمة أكبر لترامب في الانتخابات التمهيديّة الأخيرة حين أعلن تأييده لترشّحه في كانون الثاني (يناير)، عوضاً عن أن يناصر حاكم ولايته رون ديسانتيس أو حتى المرشّحة السابقة نيكي هايلي التي كانت قد دعمت ترشّحه الرئاسيّ سنة 2016. حينها، ساهم دعم هايلي بإحياء حملة روبيو موقتاً بعدما حلّ ثانياً في ساوث كارولاينا التي كانت حاكمتها آنذاك.
"كاذب"... إلّا إذا
يوضح بولس أنّ من معايير حصول المرشّح على حظوظ أفضل لنيابة الرئاسة حجم مساعدته للتذكرة على تحقيق الفوز والوفاء ومحبّة القاعدة الشعبيّة له.
بناء على هذه المعايير، يمكن تسليط الضوء على بعض النقاط الإيجابيّة والسلبيّة التي يتمتّع بها كلّ مرشّح على حدة. فسكوت مثلاً فضّل دعم ترامب على هايلي التي ساعدته على الفوز بمنصبه. لا شكّ في أنّ ترامب يأخذ هذه النقطة بالاعتبار. بالمقابل، وبحسب تقرير لمجلّة "تايم"، يرفض عدد من حلفاء ترامب سكوت لأنّه صادق على نتائج انتخابات 2020.
(تيم سكوت - أب)
لجهة الأرقام، تبدو حظوظ روبيو منطقيّة جداً. فهو أكثر تمثيلاً للجمهوريّين الكلاسيكيّين، بالتالي، تعدّ تذكرتهما المشتركة أكثر شموليّة من التذاكر الأخرى. كذلك، يملك روبيو خبرة في السياسة الخارجيّة أكثر من المرشّحين الآخرين، وهي إضافة لترامب وسط الأزمات الدوليّة الحاليّة. لكنّ روبيو أكثر "أمميّة" من الفصيل "الانعزاليّ" في الحزب الجمهوريّ، وهو يناقض حتى بعض نزعات ترامب في هذا المجال. ويستطيع روبيو جذب أصوات الأقلّيّات الهيسبانيّة بما أنّه من أصول كوبيّة. خلال الأسبوع الماضي، قال المعلّق السياسيّ المحافظ بيل أوريلي إنّه واثق "بنسبة 90 في المئة" بأنّ ترامب سيختار روبيو نائباً له بالنظر إلى تأثيره الهيسبانيّ.
لكن يوم الجمعة، ذكر تقرير لـ "نيوزويك" أنّ فانس أصبح المرشّح الأفضل حظاً بين الأسماء الثلاثة بالاستناد إلى ما خلص إليه عدد من مكاتب المراهنات البريطانيّة يوم الخميس. وأصبح بورغوم في المركز الثاني وروبيو في المركز الثالث. أتى ذلك الاقتراح بعد تقارير أفادت أنّ نجل الرئيس السابق دونالد ترامب جونيور سيتحدّث قبل إعلان ترامب عن خياره في المؤتمر الوطنيّ الجمهوريّ.
(روبيو - أب)
وذكر تقرير آخر أنّ ترامب جونيور لم يرد روبيو أيضاً لأنّه ليس من تيّار "ماغا". غير أنّ كبير المستشارين في حملة ترامب براين هيوز قال للمجلّة "إنّ أيّ أحد يخبركم من أو متى سيختار ترامب نائبه هو كاذب إلّا إذا كان ذلك الشخص اسمه دونالد جيه ترامب".
خلطُ أوراق؟
ربّما خلطت المناظرة الرئاسيّة الأولى التي تغلّب فيها ترامب بسهولة على الرئيس جو بايدن بسبب ضعفه الذهنيّ، بعض حسابات ترامب.
ذكر عدد من استطلاعات الرأي الحديثة أنّ هايلي لا تزال تتمتّع بالشعبيّة الأوسع (نسبيّاً) بين الجمهوريّين لتكون نائبة الرئيس، ويليها روبيو. لكنّ ترامب استبعدها حتى من الدعوة لحضور المؤتمر الوطنيّ الجمهوريّ مع العلم أنّه قال منذ شهرين إنّها قد تكون جزءاً من فريقه. يعني هذا أنّه لا يهتمّ فعلاً بالإضافات الانتخابيّة التي قد يجلبها نوّابه، أو أنّها على الأقلّ لا تحتلّ الأولويّة لديه. (أفادت تقارير أميركيّة الاثنين أنّ هايلي عادت وتلقّت دعوة).
وبما أنّ ميزة جمع التبرّعات التي تمتّعت بها حملة بايدن بالمقارنة مع حملة ترامب قد تبدّدت مؤخراً، حتى قبل المناظرة، يُحتمل أيضاً ألّا يولي ترامب أهمّيّة قصوى لهذا الأمر في المستقبل.
ولفت مسعد في حديثه لـ "النهار العربي" إلى أنّ معياراً جديداً دخل الحسابات وهو احتمال تحوّل نائبة الرئيس كامالا هاريس المرشّحة الرسميّة للحزب إلى موقع الرئاسة.
من الملحوظ الآن أنّ معدّل استطلاعات الرأي بدأ يضيق لمصلحتها. ما إذا كان ترامب سيهتمّ لهذه الأرقام متروك للمستقبل. لكن من المعقول افتراض أن تزيد محاولة اغتياله الأخيرة حجم شعبيّته في المدى المنظور، ممّا قد يسهّل حساباته أكثر في اختيار نائبه.
تجدر الإشارة إلى أنّ ترامب التقى منذ يومين فانس وبورغوم وروبيو في منتجعه بفلوريدا وفق مصادر "إي بي سي"، لكن حتى مساء السبت، لم يصدر أيّ قرار نهائيّ عنه بهذا الشأن.