يجتمع عشرات آلاف من أنصار دونالد ترامب الإثنين في ميلووكي في إطار المؤتمر العام للحزب الجمهوري الذي يعقد وسط توتّر شديد غداة محاولة اغتيال كادت أن تودي بحياة الرئيس الأميركي السابق.
ويتوقّع أن يحظى رجل الأعمال السابق البالغ 78 عاماً والذي وصل إلى المدينة المطلة على بحيرة ميشيغن، باستقبال حار من جانب أنصاره، إلا أنّه أبقى جدول أعماله سرّياً بسبب المخاوف الأمنية.
والموقع الذي اختير لعقد المؤتمر هو مجمع رياضي ضخم وحديث، جدرانه مغطاة بصور كبيرة للرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة الذي يسعى لأن يصبح الرئيس السابع والأربعين للبلاد.
"يُفترض أن أكون ميتاً"
وقال في مقابلة مع صحيفة "نيويورك بوست" إنّه يعكف على إعادة كتابة الخطاب الذي أعده لإلقائه في مؤتمر الحزب الجمهوري بعد محاولة اغتياله، موضحاً أنّه أعد "خطاباً قاسياّ جدّاً" عن "إدارة (الرئيس الأميركي جو) بايدن الرهيبة. لكنّني رميته" لاستبداله بخطاب يأمل بأن "يوحد بلادنا".
إلا أنّه أضاف "لكنّني لا أعرف إذا كان ذلك ممكناً. الناس منقسمون جدّاً".
وأضاف ترامب للصحيفة من طائرته في طريقه إلى ميلووكي: "لم يكن من المفترض أن أكون هنا، كان يفترض أن أكون ميتاً".
وأشارت الصحيفة إلى أن ترامب روى "تجربة سريالية" وهو يضع ضمادة بيضاء تغطّي أذنه اليمنى.
وتابع ترامب أنّه لو لم يمل رأسه قليلاً إلى اليمين لقراءة رسم بياني عن المهاجرين غير النظاميين أثناء إلقاء خطابه في التجمع الانتخابي، لكان مات.
وقال "بفضل حسن الحظ أو بفضل الله، كثر يقولون إنني ما زلت هنا بفضل الله"، مشيداً بعناصر جهاز الخدمة السرية لقتلهم مطلق النار.
وأضاف "أردوه برصاصة واحدة بين عينيه. قاموا بعمل رائع. إنه أمر سريالي بالنسبة إلينا جميعاً".
واحتلّت صورة ترامب رافعاً قبضته بعد إطلاق النار عليه في ما كان عناصر من جهاز الخدمة السرية يرافقونه، عناوين الأخبار في كل أنحاء العالم وانتشرت بسرعة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وقال الرئيس الجمهوري السابق للصحيفة "يقول كثر إنّها الصورة الأكثر تميّزاً التي رأوها على الإطلاق. إنّهم محقّون وأنا لم أمت. عادة يجب أن تموتوا للحصول على صورة مميزة وشهيرة".
وفي اتّصال هاتفي مع قناة "فوكس نيوز" الأحد، قال ترامب إنّه "مندهش ممّا حدث"، مؤكداً أنه "يدرك أنه محظوظ لوجوده هنا اليوم".
وأضاف نقلاً عن طبيبه: "لو تغيّر وضع الرصاصة سنتيمتراً واحداً لما كنت أتحدّث الآن".
بدوره، شدّد جهاز الخدمة السرية الأميركي على أن الوكالة "مستعدّة تماماً" لضمان الأمن في المؤتمر، وأنّها لم تغيّر بروتوكولاتها حتى بعد محاولة اغتيال ترامب.
وقالت المسؤولة في جهاز الخدمة السرية أودري غيبسن-سيتشينو لصحافيين "نحن مستعدّون تماماً ولدينا خطّة أمنية شاملة"، معربة عن ثقتها في أن الحدث سيحظى بـ"أعلى مستويات الأمن".
وتعرّض الجهاز لانتقادات شديدة واتّهم بعدم توفير الحماية المناسبة لدونالد ترامب خلال التجمع الانتخابي الذي عقد في الهواء الطلق السبت.
اختيار نائب الرئيس
وسيكون الحدث الأبرز في مؤتمر الحزب الجمهوري الإثنين، إعلان هوية نائب دونالد ترامب إذا فاز في الانتخابات المقررة في 5 تشرين الثاني (نوفمبر).
وهناك ثلاثة أسماء مطروحة لهذا المنصب. الكاتب الذي انتخب عضواً في الكونغرس جي دي فانس، وحاكم داكوتا الشمالية دوغ بورغوم والسناتور المؤثر من فلوريدا ماركو روبيو.
وبعد اختياره الإثنين، سيُلقي نائب المرشّح الجمهوري كلمة مساء الأربعاء في القاعة الرئيسية للمؤتمر.
وستكون المواضيع الرئيسية لهذا الاجتماع القدرة الشرائية والهجرة والجريمة والأمن الذي تضمنه دولة قوية.
لكن ذروة هذا الحدث ستكون الخميس عندما ستتم تسمية دونالد ترامب رسمياً مرشّح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية.
أما شعار المؤتمر فهو "لنجعل أميركا عظيمة مجدّداً"، وهو شعار دونالد ترامب خلال الحملة الانتخابية لعام 2016.
ومع أكثر من 50 ألف مشارك، يتوقّع أن يكون هذا الحدث خاضعاً لتدابير أمنية مشدّدة، خصوصاً مع الأخذ في الاعتبار محاولة الاغتيال السبت.
وضع في محيط وسط المدينة سياج كبير يحرسه عناصر في جهاز الخدمة السرية.
ويقدّر خبراء أن الهجوم على دونالد ترامب يمكن أن يفيده انتخابياً، مستشهدين بسابقة رونالد ريغن الذي نجا من محاولة اغتيال عام 1981.
"فترة اختبار"
من جانبه، دعا الرئيس الأميركي جو بايدن إلى "خفض التوتّر" بعد محاولة اغتيال خصمه الجمهوري، قائلاً إن الانتخابات الأميركية ستكون "فترة اختبار" بعد إطلاق النار على ترامب.
وقال بايدن في خطاب من المكتب البيضوي في البيت الأبيض "أريد أن أتحدّث إليكم الليلة عن الحاجة إلى خفض التوتّر في حياتنا السياسية"، مشدّداً على أن السياسة يجب ألا تكون "ميداناً للقتل".
وأضاف "إنّنا جميعاً نواجه فترة اختبار مع اقتراب موعد الانتخابات. وكلّما زادت المخاطر، ازدادت المشاعر حماسة. بغض النظر عن مدى قوّة قناعاتنا، يجب ألا نسمح أبداً بأن تنحدر إلى العنف (...) لقد حان الوقت للتهدئة".
وأكّد ضرورة توحيد الأميركيين المنقسمين، متابعاً: "لحسن الحظ أن ترامب لم يصب بجروح خطيرة".
وأمر بايدن بالتحقيق في كيفية تمكّن المسلّح من اتّخاذ موقع مرتفع قريب جدّاً من ترامب الذي يتمتّع بصفته رئيساً سابقاً بحماية جهاز الخدمة السرية مدى الحياة.
ويحاول بايدن وفريقه رسم مسار جديد لحملته في أعقاب إطلاق النار على ترامب، الرئيس السابق الذي يعتبره بايدن تهديداً للديموقراطية الأميركية إذا انتُخب في الخامس من تشرين الثاني (نوفمبر).
وألغت الحملة الهجمات اللفظية على الرئيس السابق للتركيز بدلاً من ذلك على المستقبل. وبعد ساعات من إطلاق النار خلال التجمّع الانتخابي لترامب، بدأت حملة بايدن في وقف الإعلانات التلفزيونية وتعليق الاتّصالات السياسية الأخرى.
قُتل وهو يحمي أسرته
عن حادث السبت، ذكرت السلطات أن الشخص الذي قُتل يُدعى كوري كومبيراتوري وعمره 50 عاماً من حي سارفر في بنسلفانيا. وقال حاكم الولاية إن الرجل أصيب بينما كان يحمي عائلته بعد سماع دوي إطلاق النار.
وقال شابيرو "كان كوري مؤيّداً متحمّساً للرئيس السابق، وكان متحمّساً جدّاً لوجوده هناك... لا يمكن أبداً معالجة الخلافات السياسية من خلال العنف".
ووصفت حالة الشخصين المصابين في إطلاق النار بأنها مستقرّة أمس الأحد. وحدّدت سلطات بنسلفانيا هويّتهما بأنّهما من سكان الولاية وهما ديفيد داتش (57 عاماً) من مدينة نيو كنزنغتون وجيمس كوبنهافر (74 عاماً) من مون تاونشيب.
وعبّر سكّان بلدة بيثيل بارك، حيث كان يعيش مطلق النار، عن صدمتهم من الأنباء التي وردت أمس الأحد.