النهار

ما أبرز النقاط الجديرة بالمتابعة في المؤتمر الوطنيّ الجمهوريّ؟
جورج عيسى
المصدر: "النهار العربي"
كانت هناك عمليّات "تمرّد" داخل الحزب. هل يدفنها المؤتمر؟
ما أبرز النقاط الجديرة بالمتابعة في المؤتمر الوطنيّ الجمهوريّ؟
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بعد نجاته من محاولة الاغتيال (أ ب)
A+   A-

ينعقد المؤتمر الوطنيّ للحزب الجمهوريّ هذه السنة في ظلّ ظروف استثنائيّة. انطلقت أعمال المؤتمر الاثنين في ميلووكي بويسكونسن وتستمرّ حتى الخميس، على وقع محاولة اغتيال الرئيس السابق والمرشّح الجمهوريّ لانتخابات 2024 الرئاسيّة دونالد ترامب. يهدف المؤتمر بشكل أساسيّ إلى إضفاء الطابع الرسميّ على ترشيح الحزب لترامب.

 

خلال تجمّع انتخابي في بتلر، بنسلفانيا، نجا ترامب من محاولة فاشلة لاغتياله على يد ماثيو كروكس (20 عاماً) الذي تمكّن جهاز الخدمة السرية من قتله. في وقت لا يزال الكثير مجهولاً عن محاولة الاغتيال، يبقى الأكيد أنّ ترامب سيدخل المؤتمر كـ"بطل" وسط هتافات جمهور بمشاعر ملتهبة. لكنّ هذه المشاعر قد تخفي انقسامات عميقة.

 

أكثر من تمرّد

في 22 حزيران (يونيو) الماضي، نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريراً تحت عنوان "حملة ترامب تسعى إلى تفادي تمرّد في المؤتمر من جناحه اليمينيّ".

 

نقلت الصحيفة عن مصادرها، كما عن لقطات من دردشات إلكترونيّة خاصّة، أنّ مندوبي أريزونا إلى المؤتمر الوطنيّ الجمهوريّ اجتمعوا في ضاحية من ضواحي فينيكس لإطاحة تسمية ترامب. كانت الأسباب مبهمة، لكن كما تكهّن مطّلعون لم يفصحوا عن أسمائهم، قد يكون ذلك بسبب احتمال دخول ترامب السجن أو لأنّ ترامب بات أسيراً لمستشارين من "الدولة العميقة". على أيّ حال، هرعت حملة ترامب إلى استبدال هؤلاء المندوبين، حيث وصف مسؤول فيها جمهوريَّين على الأقلّ بأنّهما "خطر وجوديّ" على ترشيح ترامب الرسمي.

 

بعد محاولة اغتيال ترامب، من الطبيعي ألّا يجرؤ أيّ مندوب من أقصى اليمين على التصويت لاسم آخر – إذا كان هكذا مندوب موجوداً في الأساس. في مطلق الأحوال، ليس عدم تجانس الجمهوريّين فكرة جديدة. ذكرت تقارير عدّة أنّ نجل المرشّح الجمهوري، دونالد ترامب جونيور، ضغط على والده لاستبعاد تسمية نوّاب من غير تيّار "ماغا" مثل السيناتور عن فلوريدا ماركو روبيو وحاكم نورث داكوتا دوغ بورغوم. وكانت هناك حملات ضاغطة سابقة لاستبعاد آخرين من "المؤسّسة" عن التذكرة الرئاسيّة مثل سفيرة ترامب إلى الأمم المتحدة نيكي هايلي. تظهر هذه التطوّرات أنّ نواة "ماغا" تتصرّف منذ فترة كأنّ فوز ترامب بالرئاسة محسوم.

 

حتى البرنامج الانتخابي للحزب الجمهوري لاقى اعتراضاً من قبل بعض المحافظين. بحسب مجلّة "نيوزويك" التي كتبت الأسبوع الماضي أيضاً عن "تمرّد" داخل الحزب الجمهوري، اعترض المحافظون على ليونة البرنامج في ما خصّ التراجع عن ذكر حظر الإجهاض على المستوى الوطني والاكتفاء بترك القرار للولايات. لم يأتِ الاعتراض هذه المرّة من أقصى اليمين، بل من منظّمة مدنيّة أسّسها نائب ترامب السابق مايك بنس. ووقّعتها أيضاً محامية ترامب السابقة جينا أليس.

 

حسابات أخرى

قد يكون ترامب نفسه أمام إشكاليّة أخرى في المؤتمر. هل يصعّد خطابه باعتبار استهدافه مؤامرة من "اليسار"، أو بالحدّ الأدنى نتيجة غير مباشرة لتحريض "اليسار" عليه؟ وقالت مصادر من داخل حملة ترامب لـ"النهار العربي" إنّ مواجهة "التغطية السلبيّة" لوسائل الإعلام المقرّبة من الديموقراطيّين هي في صلب خطة ترامب الرئاسيّة.

 

 بصرف النظر عن التباينات السياسيّة بين الجمهوريّين، من المرجّح أن ترغب أكثريّة من الحضور سماع خطاب كهذا. لكنّ ترامب يحتاج أيضاً إلى التواصل مع الجمهوريّين والمستقلّين الأكثر اعتدالاً، وبالتالي قد تكون اللغةُ الجامعة أو الخالية من الاتّهامات، كما في بيانه على "تروث سوشل" بعد محاولة اغتياله مثلاً، اللغةَ الأنسب انتخابيّاً. مدى قدرة ترامب على كبح نفسه عن التطرّق إلى هذا الموضوع محطّ تساؤل.

 

(المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، 2016، أب)

 

وكما يكتب ألان سميث في شبكة "إن بي سي نيوز"، قد يجد ترامب نفسه في حيرة حين يتعلّق الأمر بمن يجب مهاجمته على المستوى السياسيّ، الرئيس جو بايدن أم نائبته كامالا هاريس؟ بعد المناظرة "الكارثيّة" لبايدن أمام ترامب، انزلق الحزب الديموقراطيّ إلى صراع داخليّ بين من يريد التشبّث بترشيح الرئيس لولاية ثانية ومن يرغب بترشيح شخصيّة أصغر سنّاً مثل هاريس. في مطلق الأحوال، قد يهاجم ترامب الشخصيّتين معاً على اعتبار أنّ سياساتهما كانت سيّئة على البلاد، مع إشارة متوقّعة إلى أنّه سيكون الفائز بصرف النظر عمّن يرشّحه الديموقراطيّون رسميّاً. لكنّ حجم الانتقاد وخصوصاً لبايدن سيكون محطّ أنظار المراقبين أيضاً بما أنّ الرئيس اتّصل بترامب مطمئنّاً عليه ومتضامناً معه.

 

عن "البطل"... ومن يخلفه

سيُظهر المؤتمر الوطني الجمهوري أنّ صورة ترامب "البطل" لن تكون وحدها الحاضرة في المناسبة. في حين أنّ هذه الصورة ستكون بلا شكّ مهيمنة على أعمال المؤتمر، تبقى تفاصيل أخرى جديرة بالاهتمام أيضاً، مثل نوعيّة اللغة التي سيستخدمها المتحدّثون المنتمون إلى مختلف التيّارات، أكانت ترامبيّة أو كلاسيكيّة. على سبيل المثال، من المقرّر أن يلقي الإعلاميّ تاكر كارلسون والمرشّح السابق إلى الانتخابات التمهيديّة فيفيك راماسوامي كلمة في المؤتمر. لكن ستتحدّث أيضاً شخصيّات أكثر وسطيّة مثل رئيس مجلس النواب مايك جونسون وحاكم فلوريدا رون ديسانتيس الذي انسحب من السباق الرئاسيّ بعد أيوا ودعم ترامب، لكن من دون المشاركة في حملته. وبشكل شبه مفاجئ، إذا صدق مصدرا شبكة "سي بي إس"، قبلت هايلي دعوة للتحدّث في المؤتمر، بعدما قالت حملتها سابقاً إنّها لم تتلقّ هكذا دعوة.

 

لكن تحت هذا الغطاء من التنوّع السياسيّ في الكلمات والحضور، من غير المستبعد أن يستعر نوع من الاحتكاك بين "النواة الترامبيّة" التي تتطلّع إلى إكمال مسيرة ترامب بلا تغيير كبير، وسائر أجنحة الحزب الجمهوريّ الراغبة إلى العودة نحو الهدوء بدءاً من 2028. لعلّ خيار نائب الرئيس قد يكشف الكثير عن نتيجة الصراع المحتدم بين هذه الأجنحة.

 

اقرأ في النهار Premium