بدأ وزيرا خارجية الصين والولايات المتحدة محادثات اليوم السبت في فينتيان عاصمة لاوس، على وقع توترات في بحر الصين الجنوبي وقلق واشنطن إزاء العلاقات بين موسكو وبكين.
ويجري اللقاء بين وانغ يي ونظيره الأميركي أنتوني بلينكن على هامش اجتماع وزراء خارجية دول رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان).
وقال وزير الخارجية الأميركي إنَّ الولايات المتحدة "تعمل يومياً بشكل حثيث" من أجل وقف إطلاق النار في قطاع غزة وإيجاد مسار لسلام وأمن دائمين.
جاء ذلك في تصريحات لبلينكن خلال اجتماع لوزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان).
وجاءت تصريحاته بعدما قالت نظيرته الإندونيسية ريتنو مرسودي إنَّه يتعين التوصل بشكل عاجل إلى سلام دائم.
وأضافت مرسودي: "لا يمكننا مواصلة غض الطرف عن الوضع الإنساني الأليم في غزة".
وقبل أن يجتمع مع نظيره الصيني، حث بلينكن دول رابطة آسيان على التعاون لمعالجة قضايا مثل الصراعين في غزة وأوكرانيا وبرامج الصواريخ في كوريا الشمالية.
كما دعا وزراء خارجية الرابطة إلى الإسهام في التصدي لتحديات منها "أفعال بكين التصعيدية وغير القانونية" في بحر الصين الجنوبي. ووصف بلينكن أيضاً الحرب الأهلية في ميانمار بأنها "تفطر القلب".
وعلى الرغم من أن بلينكن اختص الصين بالنقد بسبب تحركاتها في بحر الصين الجنوبي ضد الفيلبين، حليفة واشنطن، فقد أشاد بكلا البلدين على تمتعهم بالدبلوماسية بعد ساعات من إكمال مانيلا مهمة إعادة إمداد لقواتها في منطقة تطالب بكين أيضا بالسيادة عليها.
وتوصل الطرفان قبل أيام إلى اتفاق بشأن كيفية إجراء هذه المهمات في جزيرة سكند توماس شول.
وسيعقد بلينكن أيضاً محادثات مع نظيره الصيني وانغ يي بعد اجتماع دول الرابطة.
هدف الزيارة
فجراً، وصل بلينكن إلى لاوس حيث سيحضر اجتماعات رابطة دول آسيان وذلك في مستهل جولة آسيوية تشمل دولاً عدة وتهدف إلى تعزيز علاقات واشنطن مع حلفائها الإقليميين في مواجهة بكين.
ويسعى بلينكن لتحقيق تطلّع بجعل منطقة المحيطين الهندي والهادئ "منطقة حرة ومفتوحة ومزدهرة"، وهو شعار يحمل في طيّاته انتقاداً للصين وطموحاتها الاقتصادية والإقليمية والاستراتيجية في المنطقة.
وقالت وزارة الخارجية في بيان صدر قبل وقت قصير من وصول بلينكن إلى فينتيان، إنّ "محادثات الوزير ستواصل البناء والتوسع غير المسبوق للعلاقات بين الولايات المتحدة وآسيان".
وهذه هي الزيارة الـ18 التي يقوم بها بلينكن إلى آسيا منذ توليه منصبه قبل أكثر من ثلاث سنوات، ما يعكس المنافسة الحادة بين واشنطن وبكين في المنطقة.
ووصل بلينكن بعد يومين على اجتماع عقده وزيرا خارجية الصين وروسيا مع وزراء خارجية تكتل آسيان الذي يضم عشر دول، وقد عقدا أيضا اجتماعا ثنائيا على الهامش.
وناقش وانغ وسيرغي لافروف "هيكلية أمنية جديدة" في أوراسيا، وفق وزارة الخارجية الروسية.
وقالت الوزارة إن وانغ ولافروف اتفقا على "التصدي المشترك لأي محاولات من جانب قوى من خارج المنطقة للتدخل في شؤون جنوب شرق آسيا".
تقيم الصين شراكة سياسية واقتصادية قوية مع روسيا. ويعتبر أعضاء حلف شمال الأطلسي بكين مساندا رئيسيا لموسكو في حربها على أوكرانيا.
وذكرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ الجمعة إن وانغ وبلينكن "سيتبادلان وجهات النظر حول مسائل ذات اهتمام مشترك".
وفق وزارة الخارجية الأميركية سيناقش بلينكن "أهمية التقيّد بالقانون الدولي في بحر الصين الجنوبي" خلال محادثات آسيان.
توترات متصاعدة
تأتي المحادثات في خضم توترات متصاعدة بين الصين والفيليبين في بحر الصين الجنوبي، حيث سجّلت مواجهات في الأشهر الأخيرة بين سفن فيليبينية وصينية حول جزر مرجانية متنازع عليها.
تتمسك بكين بالسيادة شبه الكاملة على الممر المائي الذي تعبره سنويا بضائع بتريليونات الدولارات، على الرغم من حكم أصدرته محكمة دولية قضى بأن لا أساس قانونيا لموقفها هذا.
وفقد بحار فيليبيني إبهامه في مواجهة وقعت في 17 حزيران (يونيو) حين أحبط أفراد من جهاز خفر السواحل الصيني محاولة للبحرية الفيليبينية لإمداد قواتها في موقع ناء.
وانتقدت الصين في وقت سابق من العام الحالي تصريحات لبلينكن أبدى فيها استعداد واشنطن للدفاع عن الفيليبين إذا تعرضت قواتها أو سفنها أو طائراتها لهجوم في بحر الصين الجنوبي.
وتصر بكين على أنه "لا يحق" للولايات المتحدة التدخل في بحر الصين الجنوبي.
والبلدان على طرفي نقيض في ملفات التجارة وحقوق الإنسان ووضع جزيرة تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي.
ومن المقرر أن يتوجّه بلينكن إلى هانوي السبت لتقديم تعازي الولايات المتحدة للمسؤولين الفيتناميين بوفاة الزعيم الشيوعي نغوين فو ترونغ.
وتشمل جولة بلينكن ستّ دول هي لاوس وفيتنام واليابان والفيليبين وسنغافورة ومنغوليا.
ومن المقرر أن يصدر وزراء خارجية الدول المنضوية في آسيان بيانا مشتركا في ختام الاجتماعات التي ستعقد مدى ثلاثة أيام.
لكن مصدرا دبلوماسيا لفت إلى أن البيان المشترك يعطله غياب التوافق حول صوغ الفقرات المتعلقة بالنزاعات في بورما وفي بحر الصين الجنوبي.
والمجلس العسكري في ميانمار مستبعد من قمم رابطة آسيان الرفيعة المستوى احتجاجا على انقلاب قاده في العام 2021 وقمعه المعارضة، لكنه أوفد شخصيتين بيروقراطيتين لتمثيله في محادثات لاوس.