النهار

تيم والز... ها قد أتى الأب الأميركي الطيب بمرحه ونكاته اللاذعة
واشنطن - جهاد بزي
المصدر: النهار العربي
"يقاتل من أجل عائلات الطبقة الوسطى كأنها مسألة شخصية". هذا هو سبب كامالا هاريس الأول، أو على الأقل المعلن، لاختيار تيم وولتز نائباً لها على البطاقة الديموقراطية للانتخابات الرئاسية.
تيم والز... ها قد أتى الأب الأميركي الطيب بمرحه ونكاته اللاذعة
تيم والز. (أ ف ب)
A+   A-
"يقاتل من أجل عائلات الطبقة الوسطى كأنها مسألة شخصية". هذا هو سبب كامالا هاريس الأول، أو على الأقل المعلن، لاختيار تيم والز نائباً لها على البطاقة الديموقراطية للانتخابات الرئاسية.

ووالز، حاكم مينيسوتا الحالي المولود في العام نفسه مع هاريس (1964) ابن وفيّ للطبقة الوسطى البيضاء. أستاذ مدرسي ومدرب رياضي متقاعد، وأمضى 24 سنة في الحرس الوطني. وإذا كان جي دي فانس المثل الناجح لليمين المحافظ في تغلب ابن الغرب الأوسط على الفقر المدقع و"التهميش الذي تتعرض إليه الغالبية العظمى من أميركا البيضاء"، فوالز هو الرد الأفضل، من الخلفية الجغرافية الاجتماعية عينها، لكنه، على العكس من فانس، ليس ناقماً ولا راديكالياً في توجهاته، وإن كان مناضلاً في سبيل تحصيل حقوق الفئات المستضعفة.

تيم والز هو الأميركي الأكثر انتشاراً وعاديةً بين الأميركيين. "الأب" اليومي الذي تصادفه حيث ذهبت، في المتجر أو في حصة تدريب الأولاد في ملعب البايسبول. يستقبلك بابتسامة واسعة ويشع تفاؤلاً طوال ساعات النهار، من دون سبب واضح، ويجيد فتح "الأحاديث الصغيرة" التي يحبها الأميركيون لكسر الجليد، كما يلقي "نكت الآباء" المعروفة وينفجر ضاحكاً عليها، لكنه في الوقت عينه "مقاتل" في ما يتعلق بحقوق النساء والعمال وصولاً إلى التلامذة الذين واحداً من أبرز انجازاته كان تأمين مجانية الطعام لهم في مدارس ولايته.

بدأ اسم والز بالصعود مؤخراً مع انطلاق التكهنات حول الشريك العتيد لهاريس، وكان الأقل شهرة بين الأسماء المتداولة والتي فيها نجوم مثل حاكمة ولاية ميشيغان غريتشن ويتمر، ووزير المواصلات في إدارة جو بايدن بيت بوتيجيج، وحاكم فيلادلفيا جوش شابيرو والسيناتور مارك كيلي رائد الفضاء المتقاعد. لكن التصفية الأولية المنطقية لما يفترض بنائب كامالا هاريس أن يكون عليه، أزالت احتمال أن تختار هاريس امرأة ثانية أو مثلياً. وفي الأيام الأخيرة قبل الإعلان عن والز، كانت المنافسة قد حصرت بينه وبين شابيرو الذي ينتمي إلى ولاية كبيرة وأساسية في تقرير مصير الانتخابات، لكنه جدلي في الحزب الديموقراطي المنقسم على العديد من العناوين آخرها، وأكثرها شراسة، الحرب في غزة. يهودية شابيرو لم تكن سبب عدم تقبل التقدميين له، بل موقفه من الحرب نفسها. والنزاع الديموقراطي الداخلي الذي لم يتطور إلى صراع على عادة الحزب بسبب ضيق وقت هاريس أصلاً، انتهى باختيار أكثر المرشحين أماناً، أي السياسي الذي لديه من الخبرة ما يكفي بعدما أمضى أكثر من عقد في أروقة الكونغرس نائباً عن ولايته، قبل أن يصير حاكماً لها، يمكنه أن يتواصل مع طرفي الممر في الكونغرس ليتوصل إلى إقرار مشاريع وقوانين ونزع فتيل عبوّات عبر هذا النوع من التسويات بين الحزبين، وهو تاريخياً الدور الأساسي لنائب الرئيس، إلى جانب البقاء في ظل رئيسه (رئيسته إذا فازا) وترداد اسمه مدحاً كلما سنحت له الفرصة.

الصعود الكبير لوالز إلى الضوء كان حين نعت دونالد ترامب وجي دي فانس بأنهما "غريبا الطباع". استخدم تعبير weird الذي يلجأ إليه الناطقون بالإنكليزية ليعبروا عن الحالة المستهجنة والمخالفة للطبيعة والتي تكاد تكون مضحكة حين تواجههم. تعبيره الساخر تلقفته السوشال ميديا بصفته "الأدق" في وصف حالة ترامب - فانس، وقد أعادته هاريس نفسها في لقاء إعلامي والأرجح أنهما سيرددانه كثيراً في الأيام المقبلة.

التعبير الذي قرر أعداء ترامب وفانس تحويله إلى وصمة على جبين الثنائي الجمهوري، فتح باب "الحب" لدى الجمهور الديموقراطي الذي رأى في والز نموذجBig Dad Energy، والترجمة الأفضل لمعناها هي طاقة الأب الطيب الذي يشع إيجابية واهتماماً صادقاً بالآخرين. الأب الطيب الآتي من الغرب الأوسط، بسمنته المعتدلة وجينزه المتهدل وقمصانه القطنية الواسعة انتقاها من "وولمرت" فقط بسبب الحسومات الكبيرة على سعرها الرخيص، والذي ما لم يكن في مكتبه فها هو يجز العشب أمام بيته ملوحاً لك بكامل ذراعه مطلقاً "هاودي" عالية قبل أن يبادر إلى إخبارك عن روعة الطقس ليصل إلى روعة أميركا، من دون أن ينسى رمي النكات واحدة بعد الأخرى حول جي دي فانس.

هذا الأب الطيب إذاً، بسجليه الشخصي والمهني النظيفين، لاقت شخصيته المحببة قبولاً واسعاً قبل أن تعلن شريكته قرارها. هما الآن بحسب وصفها underdogs، أي المنافس "غير المقدر" الذي تشير كل المعطيات والحسابات إلى أنه الطرف الضعيف في اللعبة، ومع ذلك يحقق انتصاراً مدوياً. انتصار بنيت عليه معظم حبكات السينما الأميركية، "روكي" مثالاً. والانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة ليست إلا فيلماً أميركياً طويلاً يعشقه مواطنوها ومعظم مواطني الكوكب حد الإدمان.



اقرأ في النهار Premium