النهار

ما هي نظرة والز إلى السّياسة الخارجية؟
جورج عيسى
المصدر: "النهار العربي"
المعلومات المتوفرة عنه ليست كثيرة. لكنها لا تبخل بمنح انطباع عام عنه.
ما هي نظرة والز إلى السّياسة الخارجية؟
مرشح الحزب الديموقراطي إلى نيابة الرئاسة تيم والز (أ ب)
A+   A-

قليلة هي المعلومات المتوفرة عن نظرة نائب كامالا هاريس على التذكرة الرئاسية الديموقراطية تيم والز إلى القضايا العالمية. لا يُعرف عن هاريس أنها ضليعة بالشؤون الدولية، وقد ينطبق شيء من التقييم نفسه على والز أيضاً. لا يساعده كثيراً في هذا المجال أنه حاكم لولاية مينيسوتا (منذ سنة 2019)، حيث يقتضي عمله بالدرجة الأولى على السياسات والتنمية المحلية.

 

لكن قبل ذلك، خدم والز في مجلس النواب لاثني عشر عاماً حيث كانت له بعض المواقف السياسية التي تجانست أو اختلفت مع توجهات حزبه العامة. بالتالي، يمكن الاستدلال من تصريحات والز إلى رؤاه، ولو العريضة، تجاه بعض القضايا الساخنة حول العالم.

 

الصين... من الحمائم أو الصقور؟

علّم والز اللغة الإنكليزية في الصين أواخر الثمانينات ضمن أحد البرامج التعليمية لجامعة هارفارد. أمضى هناك أيضاً شهر العسل مع زوجته غوين (تزوجا سنة 1994). ومن أعماله في الصين أيضاً بحسب موقع "سيمافور" نقل الطلاب في رحلات حول البلاد طوال أعوام. سنة 2007، قال في مقابلة إعلامية إن منطقه كان "الصين آتية ولهذا السبب ذهبتُ" إلى هناك. وحين أصبح حاكماً لمينيسوتا سنة 2019، كتب تغريدة على "أكس" طلب فيها من الرئيس السابق دونالد ترامب وقف الحرب التجارية مع الصين.

 

لكن تبدو سنة 2019 أنها تنتمي إلى الماضي البعيد، بالنظر إلى التشدد الذي أظهرته إدارة بايدن الديموقراطية تجاه الصين. فالرئيس الأميركي حافظ على سياسات سلفه ثم فرض قيوداً جديدة على بكين. باتت الصين من القضايا النادرة التي توحد الديموقراطيين والجمهوريين. ما يرجّح عدم انتماء والز إلى معسكر الحمائم تجاه الصين، مقابلة والز للدلاي لاما وعمله في لجنة نيابية كانت تراقب حقوق الإنسان في الصين. وبدأ الجمهوريون يستغلون تغريدة والز السابقة المؤيدة لوقف الحرب التجارية لتصويره بأنه ليس موالياً للصين وحسب، بل بأنه "ماركسي" أيضاً.

 

وقال حين كان في زيارة إلى طوكيو السنة الماضية: "نحتاج إلى التعاون مع الصين في قضايا مثل التغير المناخي والإنتاج الزراعي، لكنني خائب ظن من أداء الصين الأخير، في مسألة أوكرانيا، إنهم مع الجانب الروسي".

 

بالحديث عن أوكرانيا: النظريات والتطبيق

في الحرب بين روسيا وأوكرانيا، تبدو مواقف والز متطابقة مع التيار الرئيسي السائد في الحزب الديموقراطي. في الواقع، قد تكون نظرته إلى هذا الملف هي الأكثر وضوحاً من بين جميع سياساته الأخرى. بحسب "مجلس العلاقات الخارجية"، شجب والز "الهجمات غير المبررة وغير القانونية" ضد أوكرانيا قائلاً إن الوقت حان "للاتحاد، وحماية الديموقراطية ومحاسبة روسيا". وفي الذكرى الثانية للغزو، شدد على دعم مينيسوتا للأوكرانيين وهم "يقاتلون للدفاع عن الحرية والديموقراطية".

 
 
 

(أ ب)

 

في شباط (فبراير) 2024 أيضاً، التقى بالسفير الأوكراني في الولايات المتحدة ووافق على تأسيس شراكة زراعية بين ولايته ومنطقة شيرنييف في شمال أوكرانيا. وفي 2023، التقى بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قائلاً إنه شعر بالفخر بسبب ذلك. وفي تموز (يوليو) 2024، شدد على أهمية الشراكة مع الحلفاء منتقداً "التودد لديكتاتوريين مثل (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين و(رئيس الوزراء المجري فيكتور) أوربان".

 

نقطة ضعف هذا الموقف أنه نظري إلى حد بعيد. يمكن قول الكثير عما ترفضه الولايات المتحدة، لكن بعد عامين على الغزو، وبداية ظهور علامات التعب على الأوكرانيين والروس، ربما حان وقت التسوية. ما الذي يمكن أن تقدمه إدارة هاريس/والز؟ لا شك في أن الإجابة ستعتمد على المستشارين والوزراء في تلك الإدارة أكثر من اعتمادها على موقفي الرئيس ونائبته (إذا فازا في تشرين الثاني/نوفمبر).

 

الشرق الأوسط... تحدي الديموقراطيين المنقسمين

يبدو أن أحد الأسباب الرئيسية لتفضيل هاريس والز على حاكم بنسلفانيا جوش شابيرو هو أن الأخير أثار استياء الجناح اليساري بعدما أيد مواصلة دعم إسرائيل بالسلاح في حربها على حركة "حماس"، لكن خصوصاً بسبب انتقاداته الشديدة للتظاهرات المؤيدة للفلسطينيين. بالمقابل، كان لوالز موقف وسطي من الحرب ومتعاطف مع المتظاهرين المؤيدين لغزة. هو شجب هجوم "حماس" في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) لكنه دعم في آذار (مارس) 2024 وقفاً لإطلاق النار وأيد زيادة المساعدات الإنسانية للفلسطينيين. وهو يدعم أيضاً حل الدولتين.

 

في ما يخص إيران، ناصر والز الاتفاق النووي حين كان نائباً. لكنه دعم أيضاً فرض عقوبات على إيران قبل ذلك. باختصار، تلاءمت سياسة والز الإيرانية مع السياسة الديموقراطية، والأوبامية بشكل أدق. لكنه للمفارقة، عارض قرار أوباما (الأولي) سنة 2013 باستهداف قواعد عسكرية سورية رداً على استخدام دمشق السلاح الكيميائي ضد مواطنين سوريين، قائلاً إنه من الخطأ اللجوء إلى الخيار العسكري قبل استنفاد جميع الحلول الأخرى. وفي سنة 2009، قابل والز الرئيس السوري بشار الأسد وتبادلا وجهات النظر بشأن الانخراط الأميركي مع سوريا والمقاتلين الذين يدخلون العراق عبر حدودها.

 
 
 

(أ ب)

 

وبالرغم من أنه ترشح إلى الانتخابات النيابية سنة 2006 على برنامج الانسحاب من العراق، تخوف بعد نحو عام من أن يتم تسريع أو إبطاء سحب القوات الأميركية بناء على حسابات سياسية.

 

استنتاجات أولية

كتب دانيال لاريسون في موقع "رسبونسيبل ستايتكرافت" أن والز يمنح هاريس مرشحاً يتمتع ببعض المؤهلات المناهضة للحرب، لأنه في العديد من القضايا الخارجية، وقف إلى جانب الديبلوماسية عوضاً عن الحرب.

 

لم يشاطره ماثيو بيتي كثيراً هذا الرأي. فقد كتب في مجلة "ريزون" الأميركية أن والز دعم إصلاح قانون تفويض الحرب، لكنه أيّد تمويل الحروب الخارجية. حتى أنه أيد الضربات العسكرية التي وجهها الرئيس السابق دونالد ترامب ضد سوريا سنة 2017 بعد استخدام السلاح الكيميائي. لقد "كان والز قادراً على الظهور كمعتدل، مبيّناً الشك بالحرب من دون القتال بعدوانية لوقفها".

 

ربما يكون تقييم بيتي بأن والز "لن يتخذ موقفاً متطرفاً" باتجاه أو بآخر صحيحاً. وحدها خدمته في نيابة الرئاسة ستؤكد أو تنفي ذلك.

 

 

اقرأ في النهار Premium