النهار

أقصر "كساد عظيم"... هل أخطأ ترامب بالاعتماد على البورصة انتخابياً؟
واشنطن - جهاد بزي
المصدر: النهار العربي
تغريدة ترامب أوحت بأن العالم سينتهي بعد قليل، أو أنه يسير بخطى واسعة نحو النهاية.
أقصر "كساد عظيم"... هل أخطأ ترامب بالاعتماد على البورصة انتخابياً؟
رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول عقب مؤتمر صحافي في واشنطن. (أ ف ب)
A+   A-

قبل نحو ساعة ونصف الساعة من موعد افتتاح البورصة الأميركية صباح الإثنين، كان دونالد ترامب أطلق تغريدته الأولى على منصته شبه الخاصة "تروث سوشال".

بأحرف لاتينية كبيرة توحي بأنه يصرخ كتب: "أسواق الأسهم تنهار، معدلات التوظيف مريعة، نحن نتجه إلى حرب عالمية ثالثة، ولدينا "القائدان" الأقل كفاءة في التاريخ. هذا غير جيد".

كانت الولايات المتحدة تستيقظ لتوها على أخبار الهلع الذي أصاب الأسواق الآسيوية، نتيجة التخوف من ركود اقتصادي تقبل عليه أميركا كان مؤشره عدد الوظائف الجديدة المنخفض لشهر تموز (يوليو).

تغريدة ترامب أوحت بأن العالم سينتهي بعد قليل، أو أنه يسير بخطى واسعة نحو النهاية. لكن البورصة عبرت ساعات النهار حتى إغلاقها بهبوط وصف لاحقاً بالعادي وليس بالدراماتيكية التي تنبأ بها الرئيس السابق والمرشح الجمهوري الحالي.

لم يقع الانهيار الكبير ولم يأت الركود العظيم خلال ساعات النهار، وفي اليوم التالي، الثلاثاء، تعافت السوق وارتفعت المؤشرات. كما لم تُسجل أي حرب عالمية ثالثة مع أفول شمس اليوم الطويل.

ترامب الذي كتب لاحقاً خلال نهار الإثنين أن "الناس تقترع بمعدتها"، استمر بالتبشير بالانهيار وأعطاه اسماً. هكذا، وبعد فترة قصيرة من إطلاقه تسمية "انهيار كامالا" كان الجمهوريون قد التزموا بالتعبير الذي بات وسماً من الأكثر رواجاً على منصة "إكس".

الإثنين كان بداية أسبوع جيدة لحملة ترامب لبدء هجومه المضاد بعد الأيام الوردية التي عاشتها هاريس مذ أعلنت عزمها خوض السباق إلى البيت الأبيض. والإقتصاد هو رسالة ترامب الأقوى وفي رأس لائحة أسلحة هجومه على إدارة الرئيس جو بايدن. وقد استغل أزمة البورصة ليقول إن توجهات السوق لا تتفق مع هاريس "اليسارية المتطرفة".

اللقب الجديد الذي منحه ترامب لهاريس كان متوقعاً منه ومن حملته التي بررت أن من حق مرشحها الإضاءة على السياسات الاقتصادية السيئة للإدارة الحالية التي أوصلت أميركا إلى ما وصلت إليه، وسارعت إلى إعداد دعاية وبثها بعد بضع ساعات على افتتاح البورصة، استخدمت فيها لقطات من كلمات سابقة لها تمدح فيها السياسات الاقتصادية لرئيسها (Bidenomics).

في المقابل رد عمار موسى، وهو متحدث باسم حملة هاريس، في بيان، إن لدى ترامب "سجلاً في معدلات التوظيف أسوأ من سجل أي رئيس معاصر، وأن السوق شهدت أسوأ أيامها خلال فترته الرئاسية".

البورصة نفسها ليست أرضاً صلبة يقف عليها لتسديد اللكمات إلى الخصم. في شرحه لمخاطر التعويل على البورصة سياسياً، قال خبير اقتصادي لشبكة "سي أن بي سي" إنها "قد تكون المرة الأولى في التاريخ الذي يلجأ فيها سياسي إلى البورصة في معركة انتخابية، ببساطة لأن الأسواق تتقلب". وذكّر الخبير بأن أكبر انهيار حديث للبورصة كان خلال ولاية ترامب نفسه ووصل إلى 12 بالمئة بينما لم يتجاوز هذا الانحدار الإثنين ثلاثة بالمئة.

مثل هذه النصائح لن تلقى آذاناً صاغية لدى المعسكرين، وبالأخص الجمهوري. ففي الصعود السريع لنائبة الرئيس، أظهر آخر استطلاع للرأي أن هاريس تقدمت على ترامب بنقطة واحدة على الصعيد الوطني بينما عادلته في الولايات المتأرجحة. وتستمر أرقامها، التي تقلق ترامب أشد ما تقلقه، في إثارة إعجاب الإعلام، وآخرها عدد المتطوعين في حملتها والذي بلغ مئة وسبعين ألفاً.

حملة ترامب التي تواجه تشتتاً في الاستراتيجية المتبعة في معركتها بعد تنحي بايدن عن الترشح ثم مساهمة ترامب نفسه بهذا التشتت بعد تشكيكه بعرق منافسته، بدت الإثنين كأنها تستعيد رسالتها الأصلية، أي الأمن الاقتصادي للمواطن الأميركي، وعمله "المهدد" بسبب الهجرة غير الشرعية. لكنها في اليوم التالي بالتحديد، حوّلت فوهة المدفع إلى اللاعب الجديد، تيم والز الذي أعلنت كامالا هاريس اختياره كمرشح لمنصب نائب الرئيس.

هكذا، وقبل مرور 24 ساعة على التبشير بالكساد العظيم، كان الأمر قد قضي وبات الخطر الداهم الآن هو "المرشحان الأكثر يسارية في تاريخ أميركا"، إضافة إلى الإعلان عن لقاء مباشر الإثنين المقبل بين ترامب وإيلون ماسك، وهي حتماً فرجة تستحق الانتظار.

اقرأ في النهار Premium