اعتبر رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال سي.كيو. براون أن المخاطر على المدى القريب لاتّساع رقعة الحرب في الشرق الأوسط انحسرت إلى حد ما بعد تبادل إسرائيل و"حزب الله" في لبنان إطلاق النار بدون حدوث مزيد من التصعيد، لكن إيران لا تزال تشكّل خطراً كبيراً بدراستها توجيه ضربة لإسرائيل.
تحدّث براون لـ"رويترز" بعد رحلة استغرقت ثلاثة أيام لمنطقة الشرق الأوسط، إذ ذهب إلى إسرائيل بعد ساعات فقط من إطلاق "حزب الله" مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة على إسرائيل، في ما شن الجيش الإسرائيلي ضربات على لبنان لإحباط هجوم أكبر.
وكانت هذه واحدة من أكبر اشتباكات دائرة على الحدود منذ أكثر من عشرة شهور، لكنّها انتهت أيضاً بأضرار محدودة في إسرائيل وبدون صدور تهديدات في الوقت نفسه بمزيد من الثأر من أي من الجانبين.
وأشار براون إلى أن هجوم "حزب الله" كان واحداً فقط من هجومين كبيرين هدّد بشنّهما ضد إسرائيل في الأسابيع الأخيرة. وتهدّد إيران بشن هجوم على خلفية مقتل زعيم حركة "حماس" في طهران الشهر الماضي.
وعندما سُئل عما إذا كان خطر اندلاع حرب إقليمية قد انخفض في الوقت الراهن، قال براون "إلى حد ما.. نعم".
وأضاف لدى مغادرته إسرائيل "كان لديك أمران كنت تعلم أنهما سيحدثان. حدث أحدهما بالفعل. والآن يعتمد الأمر على كيفية مضي الثاني".
وتابع "كيفية رد إيران ستكون من محدّدات كيفية رد إسرائيل، وهو ما سيكون بدوره من محدّدات ما إذا كان هناك اتّساع لرقعة الصراع أم لا".
وحذّر براون من أن هناك أيضاً خطراً يشكّله حلفاء إيران المسلّحون في أماكن مثل العراق وسوريا والأردن، والذين يهاجمون القوّات الأميركية، وكذلك الحوثيين في اليمن الذين يستهدفون حركة الشحن في البحر الأحمر، وأطلقوا طائرات مسيرة على إسرائيل.
وقال "وهل يتصرّف هؤلاء الآخرون بالفعل بشكل فردي لأنهم غير راضين.. الحوثيون على وجه الخصوص"، واصفاً الحوثيين بأنّهم يتصرفون بالوكالة عن غيرهم.
تتعهّد إيران برد شديد على اغتيال زعيم حركة "حماس" إسماعيل هنية بينما كان في زيارة لطهران أواخر الشهر الماضي، والذي تتهم إسرائيل بالمسؤولية عنه. ولم تؤكد إسرائيل أو تنفي ضلوعها.
ولفت براون إلى أن الجيش الأمريكي في وضع أفضل للمساعدة في الدفاع عن إسرائيل وقوّاته في الشرق الأوسط مما كان عليه الأمر في 13 نيسان (أبريل)، عندما شنّت إيران هجوماً غير مسبوق على إسرائيل، إذ أطلقت مئات الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية.
غير أن إسرائيل والولايات المتحدة وحلفاء آخرين تمكّنوا من تدمير كل الأسلحة تقريباً قبل أن تصيب أهدافها.
وقال براون "نحن في وضع أفضل". وأشار إلى قرار يوم الأحد الإبقاء على مجموعتين قتاليتين من حاملات الطائرات في الشرق الأوسط، فضلاً عن إرسال سرب إضافي من الطائرات "أف-22" المقاتلة.
وأردف "نحاول التحسين عمّا فعلناه في نيسان".
وذكر براون أنّه مهما كانت الخطط التي قد يضعها الجيش الإيراني، فإن الأمر متروك للقادة السياسيين في إيران لاتخاذ القرار.
وأضاف "يريدون أن يفعلوا شيئاً يرسل رسالة، لكنهم أيضاً، كما أعتقد ... لا يريدون أن يفعلوا شيئاً من شأنه توسيع رقعة الصراع".
صعوبات تفرضها تداعيات غزة
تسعى إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى الحد من تداعيات الحرب في غزة بين حركة "حماس" وإسرائيل التي اقتربت من إتمام شهرها الحادي عشر. ودمّر الصراع مساحات شاسعة من القطاع وأثار اشتباكات على الحدود بين إسرائيل وحركة "حزب الله" المدعومة من إيران في لبنان، واستقطب الحوثيين في اليمن.
وسافر براون يوم الإثنين إلى القيادة الشمالية في الجيش الإسرائيلي، حيث تلقّى إفادة بشأن التهديدات على طول حدود إسرائيل مع لبنان وسوريا. وفي تل أبيب، التقى بوزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت ورئيس هيئة الأركان العامة هيرتسي هاليفي.
وعندما سُئل عن القدرات العسكرية لـ"حزب الله"، خاصة بعد الضربات التي شنّتها إسرائيل، حذّر براون من أنّهم "لا يزالون لديهم قدرة".
بدأت الحرب الحالية بقطاع غزة في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023 عندما اقتحم مسلّحون من "حماس" مناطق إسرائيلية، وهو ما تشير الإحصاءات الإسرائيلية إلى أنّه أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز نحو 250 أسيراً.
ومنذ ذلك الحين، تسبّبت الحملة العسكرية الإسرائيلية في نزوح ما يقرب من 2.3 مليون شخص من سكّان القطاع الفلسطيني من منازلهم، وهو ما أدّى لانتشار الجوع وأمراض قاتلة، وتشير السلطات الصحية الفلسطينية إلى سقوط ما لا يقل عن 40 ألف قتيل.