نشأت برييتني أغواير في نيفادا، ولطالما أرادت تحقيق حلمها الأميركي في تلك الولاية، طامحة إلى امتلاك منزل مع زوجها وأولادهما الثلاثة في مدينة رينو.
لكنها قالت لوكالة "فرانس برس": "تبيّن أن الأمر أصعب بكثير مما كنّا نظنّ".
فالأسعار الباهظة الناتجة عن فورة عقارية مستمرّة منذ سنوات لم تسمح لها كما للعديد من أميركيي الطبقة الوسطى بامتلاك بيت، وهي مسألة قد تنعكس على الانتخابات الرئاسية في هذه الولاية الحاسمة.
أوضحت أغواير "أننا نكسب أكثر من أي وقت مضى في حياتنا، لكنّنا نعاني أكثر مما عانينا في أي وقت حتى الآن، لمجرّد أن كلفة المعيشة بلغت مستويات تفوق التصوّر".
وأضافت "لا يقتصر الأمر على السكن فحسب، هل رأيت أسعار السلع اليومية والوقود؟".
الاقتصاد
تعيش أغواير (29 عاماً) مع زوجها (31 عاماً) في رينو، المدينة التي عرفت نمواً سريعاً في ولاية نيفادا حيث فاز الرئيس جو بايدن بفارق لا يتعدّى 33 ألف صوت على منافسه الجمهوري دونالد ترامب في انتخابات 2020.
وإن كان عدد كبار الناخبين في الولاية ستة فقط من أصل 270 يحتاج المرشّحون لأصواتهم للفوز بالبيت الأبيض، فإن عدداً ضئيلاً من الولايات المتأرجحة سيحسم هذه السنة اسم الرئيس المقبل في ظل اشتداد المنافسة بين ترامب والمرشّحة الديموقراطية كامالا هاريس.
ومع هيمنة الاقتصاد على الحياة السياسية الأميركية، فإن أصوات الناخبين أمثال أغواير سيكون لها وزن كبير.
عاشت أغواير مع عائلة زوجها عاماً ونصف لتحاول ادّخار ما يكفي لتسديد الدفعة الأولى على منزل. لكن بالرغم من ذلك ومع استمرار ارتفاع اسعار العقارات، لم تتمكّن من تحقيق هدفها إذ أن الأقساط الشهرية لقرض تكلّف العائلة أكثر من نصف دخلها السنوي البالغ 70 ألف دولار بعد حسم الضرائب.
صوّتت أغوار لبايدن في 2020، غير أن خيبة أملها حيال وضع العائلة المالي سيؤثّر على خيارها هذه السنة.
تقول "لم أكن مسيّسة فعلياً حتى العام الماضي، حين واجهنا صعوبات كبيرة حيال الوضع الاقتصادي".
وتضيف "هذه المرّة، اعتزم القيام بمزيد من البحث حول الحزبين السياسيين للقيام بخياري عن اطّلاع".
"كل شيء بأسعار مخفضة"
ولا بدّ لهاريس من الفوز في رينو المعروفة بلقب "أكبر مدينة صغيرة في العالم"، للاحتفاظ بحظوظها.
ومع انقسام نيفادا إلى كتلتين متساويتين في الوزن بين مدينة لاس فيغاس الديموقراطية التوجّه وباقي الولاية الريفيّ المحسوم للجمهوريين، قد يعود دور الحكم في المجالس الناخبة لمقاطعة واشو ومركزها رينو.
غير أن واشو تشهد تغييراً سريعاً منذ عشر سنوات ترافق مع ازدياد متوسط أسعار المنازل فيها بحوالى الضعف منذ 2016 ليصل إلى 550 ألف دولار.
وما سرّع هذا التحوّل إقامة شركات تكنولوجيا كبرى مثل "تيسلا" و"باناسونيك" و"آبل" مكاتب ومصانع في الولاية مغتنمة إعفاءات ضريبية أقرتها لاجتذاب الأعمال والموظّفين.
ومع شركات التكنولوجيا تدفّقت أعداد من الموظّفين ذوي القدرة الشرائية العالية القادمين من كاليفورنيا، كما أن نظام العمل عن بعد حض العديد من الأميركيين على مغادرة المدن حيث كلفة المعيشة باهظة بحثاً عن مستوى حياة افضل.
وغادر مات ميريليس الذي يدير شركة ناشئة للذكاء الاصطناعي، سان فرانسيسكو حيث أسعار العقارات والإيجارات تفوق المعقول ليصبح أخيراً مالك منزل مطلّ على نهر رينو لقاء 635 ألف دولار.
يقول "حين تأتي من كاليفورنيا، فكل شيء هنا بأسعار مخفضة".
لكن معظم الذين يشترون منازل للمرّة الأولى في رينو قادمون من خارج الولاية، بحسب ما قال السمسار العقاري سام بريت، موضحاً أن "السكّان المحلّيين غاضبون".
وإن كان مبلغ 550 ألف دولار يبدو للوافدين الجدد منطقياً لشراء منزل في رينو، فإن هذا السعر هو ضعف ما كان عليه قبل عشر سنوات.
بلغت معدّلات الفائدة أعلى مستوياتها منذ حوالى عشرين عاماً نتيجة السياسة النقدية التي اتّبعها الاحتياطي الفدرالي الأميركي للجم التضخم، ما يجعل من المستحيل للعديدين امتلاك منزل.
وأوضح سمسار عقاري آخر هو شون بورك أن "الطبقة الوسطى استبعدت من امتلاك العديد من المنازل بسبب الأسعار"، معتبرًا أن "ذلك قد يلقي بظلّه حتماً على صناديق الاقتراع".
وفي 2022 بلغ متوسط أعمار الذين يشترون منزلا للمرّة الأولى في الولايات المتحدة مستوى قياسياً في 2022 هو 36 عاماً، بحسب الجمعية الوطنية للوسطاء العقاريين.
وإن كان البيت الأبيض لا يملك أي سيطرة على معدلات الفائدة ولا تأثير له فعلياً على التضخّم، فإن الناخبين غالباً ما يحملون الإدارة مسؤولية صعوباتهم الاقتصادية.
وفيما يلوم العديدون بايدن لعدم تمكنهم من امتلاك منزل، قد ينسحب ذلك على كامالا هاريس، نائبة الرئيس منذ أكثر من ثلاث سنوات.
يقول أندريس فيلا الذي يعمل في شركة "تسلا"، إنّه يسدّد أقساطاً شهرية باهظة لمنزله، وبات ينظر في التصويت للمرشح الجمهوري، موضحاً "حين كان ترامب في البيت الأبيض، قال الكثير من الأمور الجنونية، لكن الاقتصاد بدا في وضع أفضل بقليل".
ومع اقتراب موعد الانتخابات، تدل المؤشرات الاقتصادية الأخيرة إلى منحى إيجابي متزايد، ولاسيما مع تراجع التضخّم وتوجّه الاحتياطي الفدرالي إلى خفض معدّلات الفائدة.
وهذا قد يحمل بعض الناخبين للعودة إلى تأييد هاريس، وهي بأمس الحاجة إلى هذا التأييد في الولايات المتأرجحة مثل نيفادا.