تحتاج الديموقراطية كامالا هاريس إلى استقطاب الناخبين الشباب السود مثل جوليان روبرتس، إذا أرادت تحقيق الفوز في جورجيا، إحدى أبرز الولايات الحاسمة في الانتخابات الرئاسية الأميركية، وحيث صبّ الجمهوري دونالد ترامب كل جهوده في محاولته لقلب هزيمته في انتخابات العام 2020.
اقترعت الولاية لصالح الجمهوريين في انتخابات 2016. لكنّ الديموقراطيين ومرشحهم جو بايدن انتزعوا الفوز فيها بعد أربعة أعوام، وتفوّقوا على ترامب بنحو 12 ألف صوت فقط، في عملية اقتراع أدى إقبال السود والشبان على الإدلاء بأصواتهم دورا حاسما فيها.
إلا أن هاريس تخشى ألا تتمكن من تكرار هذا التفوق في تشرين الثاني (نوفمبر)، خصوصا في ظل قواعد انتخابية جديدة يرى فريقها أنها تهدف إلى وضع العراقيل أمام المتحدرين من أصول إفريقية.
كان الناخبون الشبان مثل روبرتس (19 عاما) يبتعدون شيئا فشيئا عن بايدن، وأكد الطالب الجامعي إنه كان يفكّر في التصويت لخيار ثالث غير الديموقراطيين والجمهوريين. الا أن انسحاب الرئيس الحالي من السباق الرئاسي في تموز (يوليو) وتسمية الديموقراطيين لأول مرشحة سوداء، غيّر الدينامية الانتخابية بالكامل.
وقال روبرتس إن ترشيح هاريس "مصدر إلهام كبير"، وذلك أثناء حديثه لوكالة فرانس برس بعد قداس الأحد في كنيسة في فولتون، أكبر مقاطعات الولاية من حيث عدد السكان، بينهم ما يناهز 45 في المئة من السود.
تبدّل المزاج
أثار ترشيح هاريس التي تصغر كلا من بايدن وترامب بنحو عقدين، "تبدلا فعليا" في مزاج الناخبين، وفق ما أكد مارتشيلو سكوت، الطالب في كلية مورهاوس الجامعية المعروفة تاريخيا بأنها مؤسسة تعليمية للسود.
وأوضح ابن الحادية والعشرين لوكالة فرانس برس: "زدنا من نشاطنا فورا وألقينا بكل ثقلنا لدعمها"، مشيرا الى أنه قام في الآونة الأخيرة بمساعدة الناخبين من الطلاب على تسجيل أسمائهم، ويخطط لتنظيم عمليات نقل الى مراكز الاقتراع يوم الانتخابات.
لكن من المبكر تبيان ما اذا كان ذلك سيؤدي الى تغيير في الاهتمام المتراجع بالانتخابات لدى الناخبين السود.
ويميل الناخبون السود تاريخيا بشكل كبير إلى الديموقراطيين. وتحتاج هاريس الى أن يشاركوا بكثافة في انتخابات الخامس من تشرين الثاني (نوفمبر)، وليس في جورجيا حصرا.
في نيسان (أبريل) حين كان بايدن لا يزال مرشح الديموقراطيين، أظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة "واشنطن بوست" ومركز "إيبسوس" أن نسبة السود الذين أكدوا بشكل قاطع أنهم سيدلون بأصواتهم، تراجعت من 74 في المئة قبل انتخابات 2020، الى 62 في المئة.
لكن استطلاعات الآونة الأخيرة تظهر أن ترشيح هاريس بدلا من بايدن أدى الى زيادة هذه النسبة.
الا أن موندايل روبنسون، مؤسس "مشروع الناخب الذكر الأسود" الهادف الى زيادة عدد الرجال السود الذين يشاركون دوريا في الانتخابات، حذّر من "نقص في الحماسة... من أشخاص قد لا يشاركون في عملية الاقتراع".
وأشار روبنسون، وهو رئيس بلدية إنفيلد في ولاية كارولاينا الشمالية، الى أن بعض الذكور السود "لا يرون أنهم معنيون بالانتخابات أو السياسيين"، وسيكون لزاما على هاريس أن تكسب ثقتهم.
في المعسكر المقابل، سعى ترامب لتعزيز موقعه لدى الناخبين السود خصوصا الرجال، بالتركيز على الاقتصاد والهجرة مثل إشارته الى أن المهاجرين يستولون على "وظائف السود".
وأكدت المرشحة السابقة لحاكمية الولاية الجمهورية كاثرين ديفيس أن ترامب "يحظى بتأييد هائل"، مشيرة الى أن سياسات الرئيس السابق "أفادت المجتمع الأسود" من دون منّة.
تحديات التصويت
يتوقع أن تكون نسب الشاركة محورية في نتائج الولايات الحاسمة، أكان في جورجيا أو غيرها. لذلك، يعمل الناشطان ويني تاغارت وتود بلكور من منظمة "سوشال تشاينج"، على التأكد من أن المواطنين يدركون ما اذا كانوا مسجلين للادلاء بأصواتهم وفي أي مركز.
وقالت تاغارت: "نحن بالتأكيد نبحث عن الأشخاص بين 18 و35 عاما... وبعد ذلك ربما الناخبين الذين تخفّف الطبيعة الراهنة للسياسة، من حماستهم".
وأشارت الى أن هؤلاء هم غالبا أيضا أشخاص من الجيل الشاب.
في المقابل، يؤكد المسنّون مثل ويسلي بنجامين (74 عاما)، عزمهم على حضّ جيرانهم على تسجيل أسمائهم، متحدثا عن تدني نسبة التصويت في منطقته.
تعد مقاطعة فولتون التي تضم معظم أجزاء مدينة أتلانتا، ديموقراطية التوجه بنسبة أكبر بكثير من بقية جورجيا. وبعد انتخابات 2020، زعم ترامب من دون أن يقدم دليلا، بوقوع عمليات تزوير في فولتون أدت الى خسارته جورجيا وأصواتها الـ16 في المجمع الانتخابي الأميركي.
هذا الشهر، صوّت المجلس الانتخابي في جورجيا، وهو جمهوري التوجه، لصالح الطلب من مدعي عام الولاية إعادة التحقيق في طريقة تعامل سلطات المقاطعة مع اقتراع العام 2020. والأسبوع الماضي، أقرّ المجلس إجراءات تعطي المسؤولين المحليين صلاحيات أوسع لمعارضة المصادقة على نتائج الاقتراع.
ويرى منتقدو القواعد الجديدة التي تشمل توفير نسخة عن الهوية للتصويت عبر البريد، أنها تحد من توفر صناديق الاقتراع عبر البريد للناخبين السود.
وقالت واندا موسلي من صندوق "الناخبون السود مهمّون": "رأينا تبدلا ملحوظا في الافادة من التصويت المبكر والتصويت عبر البريد خلال الجائحة، خصوصا في مجتمعات السود وذوي البشرة الملونة"، معتبرة أن تغيير القواعد الانتخابية قد يؤدي إلى اختلاط الأمر على من يعتزمون مواصلة القيام بذلك.
وأشارت كريستال غير من "بروتكت ذا فوت" الى أن مجموعتها بدأت نشاطات التثقيف الانتخابي أبكر من المعتاد، وتقوم باستقطاب مراقبين لمساعدة من يواجهون مشكلات يوم الانتخاب.
وأوضحت: "أعتقد أن قمع الناخبين ازداد قطعا".