يجتمع أكثر من 130 من زعماء العالم في الأمم المتحدة الأسبوع المقبل وسط تهديد باتّساع نطاق الحروب في الشرق الأوسط وأوروبا وإحباط من بطء وتيرة الجهود الرامية لإنهاء تلك الصراعات، إضافة إلى تفاقم الأزمات المناخية والإنسانية.
وبينما من المتوقّع أن يهيمن الصراع بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في قطاع غزة وحرب روسيا في أوكرانيا على الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة، يقول دبلوماسيون ومحلّلون إنّهم لا يتوقّعون تحقيق تقدّم نحو إقرار السلام.
وقال مدير شؤون الأمم المتحدة بمجموعة الأزمات الدولية ريتشارد جوان "ستكون الحروب في غزة وأوكرانيا والسودان الأزمات الثلاث الرئيسية التي ستركّز عليها اجتماعات الجمعية العامة. ولا أرى أن من المرجّح أن نشهد تقدّماً في أي منها".
وذكر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأسبوع الماضي لـ"رويترز" أن الحربين في غزة وأوكرانيا "عالقة بدون أي حلول سلمية في الأفق".
وتصاعدت المخاوف من امتداد نطاق الصراع في غزة إلى منطقة الشرق الأوسط بعد أن اتّهمت جماعة "حزب الله" اللبنانية إسرائيل بالوقوف وراء تفجير أجهزة اتّصال لاسلكي (بيجر) وأجهزة اتّصال لاسلكي محمولة في يومين من الهجمات القاتلة. ولم تعلّق إسرائيل على الاتهام.
وقال غوتيريش للصحافيين أمس الأربعاء "هناك خطر جدّي لتصعيد كبير في لبنان ويجب بذل كل ما في وسعنا لتجنّب هذا التصعيد".
وأشعل فتيل الحرب في قطاع غزة المحاصر هجوم شنه مقاتلو "حماس" وفصائل فلسطينية أخرى على مدنيين في جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023، بعد أسبوعين من اختتام الاجتماع السنوي لزعماء العالم العام الماضي.
ولم تنجح جهود الوساطة التي تبذلها الولايات المتحدة ومصر وقطر في التوصّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار حتى الآن، وينفد صبر العالم بعد تسعة أشهر من مطالبة الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة بهدنة إنسانية، ومع تجاوز عدد القتلى في غزة 41 ألفاً.
ومن المقرّر أن يلقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يتهم الأمم المتحدة منذ فترة طويلة بمعاداة إسرائيل، والرئيس الفلسطيني محمود عباس كلمتيهما أمام الجمعية العامة في 26 أيلول (سبتمبر).
لقاءات دبلوماسية سريعة
غالباً ما يُشار إلى التجمّع السنوي لقادة العالم بمناسبة افتتاح كل دورة جديدة للجمعية العامة بوصفها لقاءات دبلوماسية سريعة.
ورغم أن الحدث الرئيسي يتضمّن ستة أيام من خطابات زعماء العالم أمام الجمعية العامة، فإن الجزء الأكبر من الأنشطة يحدث على الهامش مع انعقاد مئات الاجتماعات الثنائية وعشرات الفعاليات الجانبية التي تهدف إلى تسليط الضوء العالمي على القضايا الرئيسية.
ويلوح في الأفق هذا العام احتمال ظهور إدارة أمريكية جديدة إذ يواجه الرئيس السابق الجمهوري دونالد ترامب، الذي خفّض تمويل الأمم المتحدة ووصفها بالضعيفة وغير الفعّالة خلال فترة رئاسته من 2017 إلى 2021، نائبة الرئيس الديموقراطية كامالا هاريس، في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في الخامس من تشرين الثاني (نوفمبر).
وقال جوان "من الواضح أن الجميع سيضع في ذهنه شخصاً يُدعى دونالد ترامب... أعتقد أن أول سؤال سيُطرح في العديد من المحادثات الخاصة حول الجمعية العامة سيكون: ماذا سيفعل ترامب بالمنظمة؟".
ومن المقرّر أن تقام فعاليات جانبية هذا العام حول الحرب والأزمة الإنسانية في السودان حيث يتفشّى الجوع، والجهود الدولية لمساعدة هايتي في مكافحة أعمال العنف التي ترتكبها عصابات، وحملة "طالبان" على حقوق المرأة في أفغانستان.
ووصف غوتيريش نفسه مازحاً أمس الأربعاء بأنه "لا يملك نفوذاً ولا مالاً".
وقال للصحافيين "هناك أمران يتمتّع بهما الأمين العام للأمم المتحدة، وأنا بالفعل أستفيد منهما... الأول هو صوتي الذي لا يستطيع أحد إسكاته، والثاني هو قدرتي على جمع الناس ذوي النوايا الحسنة لمناقشة وحل المشكلات".
إيران وأوكرانيا
الاتّهامات الغربية بشأن دور إيران في الشرق الأوسط وتحالفاتها مع أطراف مثل حركة "حماس" وجماعتي "حزب الله" والحوثي ودعمها لحرب روسيا في أوكرانيا تلقي بظلال أيضاً على اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا العام.
وتسعى القوى الأوروبية إلى إحياء الجهود الرامية إلى كبح جماح البرنامج النووي الإيراني، ومن المقرّر أن يجتمع المسؤولون الإيرانيون والأوروبيون في نيويورك الأسبوع المقبل لاختبار استعدادهم المتبادل لتحقيق ذلك المسعى.
وسيلقي الرئيس الإيراني الجديد المعتدل نسبياً مسعود بزشكيان كلمة أمام الأمم المتحدة يوم الثلاثاء المقبل.
وقال مسؤول إيراني كبير إن بزشكيان "سيركّز على تحقيق تقارب وبناء ثقة مع العالم وخفض التصعيد"، لكنّه سيؤكّد أيضاً "حق إيران في الرد" على إسرائيل إذا لزم الأمر.
وسيلقي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي كلمة أمام الجمعية العامة للمرة الثالثة منذ غزو روسيا لبلاده. ومن المقرّر أن يلقي كلمة في اجتماع لمجلس الأمن حول أوكرانيا يوم الثلاثاء والجمعية العامة يوم الأربعاء.
ولدى زيلينسكي خطة لدفع روسيا إلى إنهاء الحرب بالجهود الدبلوماسية يرغب في طرحها على الرئيس الأميركي جو بايدن هذا الشهر. ويريد مشاركة تلك الخطة مع مرشّحي الرئاسة هاريس وترامب.
واطّلع بعض المسؤولين الأميركيين بالفعل على عناصر الخطة.
وبينما ألقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كلمة عن بعد أمام الجمعية العامة في عام 2020 في أثناء جائحة كوفيد-19، فإنّه لم يسافر فعلياً إلى نيويورك لحضور الحدث منذ عام 2015.
ومن المقرّر أن يتحدّث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بدلا منه أمام الجمعية العامة في 28 أيلول الجاري.