أظهر استطلاع للرأي أن الناخبين الأميركيين العرب والمسلمين الغاضبين من الدعم الأميركي للهجوم الإسرائيلي على غزة يتحولون من تأييد كامالا هاريس إلى دعم المرشحة المستقلة جيل شتاين بأعداد قد تحرم المرشحة الديموقراطية من الفوز في ولايات حاسمة ستحدد مصير انتخابات الرئاسة في الخامس من تشرين الثاني (نوفمبر).
وأظهر الاستطلاع الذي أجراه مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير) ونُشر هذا الشهر أن 40 بالمئة من الناخبين المسلمين في ميشيغان، موطن جالية كبيرة من الأميركيين العرب، أيدوا شتاين المنتمية لحزب الخضر. وحصل المرشح الجمهوري دونالد ترامب على 18 بالمئة، بينما جاءت هاريس، نائبة الرئيس جو بايدن، في المؤخرة بنسبة 12 بالمئة.
كما تتقدم شتاين على هاريس بين المسلمين في أريزونا وويسكونسن، وهما ولايتان متأرجحتان تضمان عددا كبيرا من السكان المسلمين حيث هزم بايدن ترامب في 2020 بهامش ضئيل.
وبين استطلاع "كير" الذي شمل 1155 ناخبا مسلما في جميع أنحاء الولايات المتحدة أن هاريس كانت الاختيار الأول للناخبين المسلمين في جورجيا وبنسلفانيا، بينما تقدم ترامب في نيفادا بنسبة 27 بالمئة، متفوقا بواحد في المئة فقط على هاريس. وجميعها ولايات متأرجحة لم تُحسم إلا بهامش ضئيل في الانتخابات الأخيرة.
فاز بايدن بأصوات المسلمين في 2020، إذ حصل في بعض استطلاعات الرأي على تأييد أكثر من 80 بالمئة منهم، لكن دعم المسلمين للديموقراطيين انخفض بشكل حاد منذ الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة منذ قرابة العام.
وأفاد نحو 3.5 مليون أميركي بأنهم من أصل شرق أوسطي في تعداد الولايات المتحدة لعام 2020، وهو العام الأول الذي تُسجل فيه مثل هذه البيانات. ورغم أنهم لا يشكلون سوى واحد في المئة تقريبا من إجمالي سكان الولايات المتحدة البالغ عددهم 335 مليون نسمة، فإن ناخبيهم قد يثبتون أنهم حاسمون في سباق تظهر استطلاعات الرأي أنه متقارب.
ودعت هاريس يوم الثلاثاء إلى إنهاء الحرب بين إسرائيل وغزة وإعادة الرهائن الذين تحتجزهم "حماس" في غزة. وقالت أيضا إن إسرائيل يجب ألا تعاود احتلال القطاع الفلسطيني وعبرت عن دعمها لحل الدولتين.
لكن زعماء الجالية العربية والإسلامية يقولون إن مسؤولي حملة هاريس رفضوا خلال اجتماعات مغلقة في ميشيغان وأماكن أخرى النداءات بوقف إرسال الأسلحة الأميركية إلى إسرائيل أو الحد منها.
وقالت فاي نمر مؤسسة غرفة التجارة الأميركية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومقرها ميشيغان التي تهدف لتعزيز التجارة الأميركية مع المنطقة: "التنظيم المجتمعي والمشاركة المدنية والتعبئة على مدى عقود لم تسفر عن أي فائدة".
وأضافت: "نحن جزء من نسيج هذا البلد، لكن مخاوفنا لا تؤخذ في الاعتبار".
وتخوض شتاين حملة دعم قوية لغزة، في حين يلتقي ممثلو ترامب مع المجموعات الإسلامية ويعدون بإحلال سلام أسرع مما تستطيع هاريس تحقيقه.
ورفضت حملة هاريس التعليق على تحول التأييد عنها بين العرب والمسلمين، ولم يكن المسؤولون المكلفون بالتواصل مع المسلمين متاحين لتُجرى معهم مقابلات.
ولم تحصل شتاين في 2016 سوى على أكثر قليلا من واحد بالمئة من الأصوات، لكن بعض الديمقوراطيين ألقوا باللوم عليها وعلى حزب الخضر في انتزاع الأصوات من الديموقراطية هيلاري كلينتون. ولا يمنح خبراء استطلاعات الرأي شتاين أي فرصة للفوز في 2024.
لكن دعمها لوقف دائم لإطلاق النار في غزة وفرض حظر فوري على الأسلحة الأميركية لإسرائيل ولحركات الطلاب الهادفة لإجبار الجامعات على سحب استثماراتها في الأسلحة جعلها محط الأنظار في الدوائر المؤيدة للفلسطينيين. أما زميلها على بطاقة الترشح بوتش وير، وهو أستاذ في جامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا، فهو مسلم.
وتحدثت شتاين هذا الشهر في مؤتمر "عرب كون" في ديربورن بولاية ميشيغان، وهو تجمع سنوي للأميركيين العرب، وظهرت على غلاف صحيفة "ذا أراب أميركان نيوز" تحت عنوان "الاختيار 2024". وقالت في مقابلة الأسبوع الماضي مع برنامج بريكفاست كلوب الإذاعي في نيويور:ك "كل صوت تحصل عليه حملتنا هو تصويت ضد الإبادة الجماعية"، وهي التهمة التي تنفيها إسرائيل.
حملة ترامب تحاول استقطاب أصوات العرب
وقال ريتشارد غرينيل القائم بأعمال مدير الاستخبارات السابق في عهد ترامب إنه في هذه الأثناء، نظمت حملة ترامب العشرات من الفعاليات سواء بالحضور الفعلي أو عبر الانترنت للأميركيين من أصول عربية والمسلمين في ميشيغان وأريزونا.
وقال غرينيل: "يعلم زعماء الأميركيين من أصول عربية في ديترويت أن هذه هي فرصتهم لتوجيه رسالة قوية إلى الحزب الديموقراطي مفادها أنه ينبغي عدم الاستهانة بهم". وقال ترامب إنه سيعمل على إبرام المزيد من اتفاقات السلام العربية الإسرائيلية.
ومن الممكن أن تتحول جهود ترامب وشعبية شتاين إلى أرقام يحتمل أن تهدد فرصة هاريس. ويتمتع حزب الخضر بفرص في معظم الولايات، بما في ذلك جميع الولايات المتأرجحة التي قد تحسم الانتخابات، باستثناء جورجيا ونيفادا حيث يسعى الحزب إلى الحصول على نصيب من الأصوات.
وهزم بايدن منافسه ترامب في انتخابات 2020 بآلاف فقط من الأصوات في بعض الولايات، ويرجع ذلك لأسباب منها دعم الناخبين العرب والمسلمين في الولايات التي يتركزون فيها مثل جورجيا وميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن.
وفاز بايدن في ولاية ميشيغان بفارق 154 ألف صوت في 2020، لكن ترامب هزم مرشحة الحزب الديموقراطي هيلاري كلينتون في الولاية نفسها بأقل من 11 ألف صوت في انتخابات 2016. وتضم الولاية مجموعات متداخلة تضم أكثر من 200 ألف ناخب مسجل من المسلمين و300 ألف ناخب من أصول من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وفي فيلادلفيا التي تضم عددا كبيرا من السكان المسلمين السود، انضم نشطاء إلى حملة وطنية تحت عنوان "التخلي عن هاريس". وساعدوا في تنظيم احتجاجات خلال مناظرة لها أمام ترامب الأسبوع الماضي.
وقال رابيول شودري، أحد رؤساء مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية في فيلادلفيا: "لدينا خيارات. إذا تعهد ترامب بإنهاء الحرب وإعادة جميع الرهائن إلى بلدهم ستنتهي اللعبة بالنسبة لهاريس". وقال ترامب إن الحرب لم تكن لتندلع أبدا لو كان رئيسا. ولم يوضح كيف سينهي الحرب. وترامب مؤيد قوي لإسرائيل.
وفي جورجيا حيث فاز بايدن في 2020 بفارق 11,779 صوتا، يحشد نشطاء 12 ألف ناخب للالتزام بعدم التصويت لهاريس ما لم تتحرك إدارة بايدن بحلول 10 تشرين الأول (أكتوبر) لوقف إرسال جميع الأسلحة إلى إسرائيل والمطالبة بوقف دائم لإطلاق النار في غزة والضفة الغربية والتعهد بدعم قانون أميركي يفرض حظرا على تقديم أسلحة للدول المتورطة في جرائم حرب.
ووقع الآلاف بالفعل على تعهدات مماثلة في نيوجيرزي وبنسلفانيا وويسكونسن.
وقال النائب الأميركي دان كيلدي، ممثل الحزب الديموقراطي عن ولاية ميشيغان، إنه يشعر بالقلق إزاء تأثير حرب غزة على الانتخابات في تشرين الثاني (نوفمبر). وأضاف أن هذا الأمر لا يقتصر على الأميركيين العرب والمسلمين، بل إن هناك مجموعة أوسع نطاقا من الناخبين الأصغر سنا وغيرهم يشعرون بالغضب.
وقال "لا يمكن التراجع"، مضيفا أن هاريس لا يزال لديها "الفرصة والمهلة" لتغيير المسار لكن الوقت ينفد.