لم يسلم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان من سهام الاعلام الايراني المحافظ خصوصاً والذي لم يستسغ مواقفه "المنفتحة" والبعيدة عن منطق التحدّي المعتاد، معتبرة أنه أخطأ، فرمته بساهمها.
وثمّة من اعتبر أن بزشكيان "وقع في فخ المؤامرة"، ورأى آخرون أن طريق العودة أمامه "مغلق"، بحجة أن تصريحاته "لم تكن مدروسة".
حسين شريعتمداري، ممثل المرشد الأعلى علي خامنئي في صحيفة "كيهان" كتب مقالاً تحت عنوان "السيد بزشكیان، احذر من هذه المؤامرة!"، اعتبر فيه أن "بزشكیان هاجم نفسه" في إطار الهجوم على محيطه.
وقال: "في زيارته إلى أميركا، ما هي المؤامرة الخبيثة التي يخطط لها "الطيف السيئ السمعة" (أي بزشكيان) ضد الدكتور بزشکیان، والذي يدعوه إلى العداء لإيران والإسلام والخضوع للذل أمام أميركا؟"
وفي العدد التالي من الصحيفة نفسها، هاجم شريعتمداري تصريحات بزشكیان وكتب مقالاً حمل عنوان "تصريحات غير مدروسة"، التي رأى فيها (أي التصريحات) ضعفاً، مشيراً إلى "عجزه عن التعبير عن رأيه وما يقصده"، مضيفاً: "يمكن اعتبار هذا الضعف نتيجة قلة معرفة بزشكیان بمجال السياسة ومتطلباتها".
واعتبر شريعتمداري أن "وجود المستشارين المنبهرين بالغرب وأحياناً ذوي السجل السيئ والممنوعين أمنياً بجانب الرئيس" هو السبب الرئيسي خلف الصورة التي ظهر بها بزشكيان، وطالب الرئيس الإيراني باستبعاد هؤلاء المستشارين و"الفاعلين في الفتنة 2009" و"الداعمين للاحتجاجات في خريف 2022" من المناصب الحساسة.
لم يُسمِ شريعتمداري المستشارين، لكن ثمّة تململ داخل بعض الأوساط السياسية الإيرانية من العديد من الشخصيات التي تدور في فلك بزشكيان، بينها نائب الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية جواد ظريف.
وبحسب مراقبين، فإن بعض المتشدّدين في النظام الإيراني يعتبرون ظريف قريباً من الولايات المتحدة، علماً أنه كان وزير خارجية إيران حينما تم توقيع الاتفاق النووي عام 2015.
"الحرس الثوري الإيراني" كان له رأيه بموضوع تصريحات بزشكيان أيضاً في نيويورك.
وفي هذا السياق، وجّه موقع "مشرق" التابع لجهاز استخبارات الحرس، رسائل تهديدية للرئيس الإيراني تحت عنوان "كشف النقاب عن ثلاث طبقات من العمليات الاستخباراتية لخلق الفوضى في طهران!"، مهدداً بزشكیان تحت غطاء مؤامرات الأعداء.
واستذكر الموقع المقرّب من "الحرس الثوري" مصير أول رئيس جمهورية بعد الثورة الإسلامية، أبو حسن بني صدر، الذي انتُخب رئيساً عام 1980، ولكنه عُزل بعد 16 شهراً لأنّه تحدى سلطة رجال الدين في الدولة، وفق ما تنقل شبكة "بي بي سي" البريطانية، التي تقول إن بني صدر هرب إلى فرنسا وانضم لفترة قصيرة إلى جماعة "سعت إلى الإطاحة بسلطة رجال الدين".
وفي هذا الصدد، كتب "مشرق": "بدأ مشروع تحويل بزشكیان إلى بني صدر. وفي هذه الخطوة، من المقرّر أن تشتعل الأجواء ضد الحكومة بحيث لا يستطيع بزشکیان رؤية الثلوج الشتوية في المكتب الرئاسي"، (في تلميح إلى أن بزشكيان لن يصمد في منصبه حتى الشتاء).
واعتبر الموقع أن "مصير بني صدر هو درس يجب أن يُؤخذ بعين الاعتبار".
ورأى موقع استخبارات الحرس أن "طريق العودة أمام بزشكیان مغلق"، وأضاف: "يبدو أنه تم نصب فخ لرئيس الجمهورية مسبقاً، وتم تصميم عملية نفسية تعتمد على احتمال الأخطاء اللفظية لمسعود بزشكیان، والتي سقط فيها الرئيس بسهولة".
كذلك، انتقدت صحيفة "جوان" الناطقة باسم الحرس، التي كانت تدعم بزشكیان، في مقال تحت عنوان "زيارة ضعيفة"، قالت فيه "إنه يفتقر بوضوح إلى المهارات الخاصة في الخطابة السياسية".
ثم وجهت الجريدة حملتها الرئيسية نحو محيط بزشكيان ووزير الخارجية عباس عراقجي، وكتبت: "لقد عمل فريق الاتفاق النووي في نيويورك بشكل ضعيف للغاية، أولئك الذين يقفون لسنوات خلف جدار الغرب والاتفاق النووي، والذين يقولون الآن "سنبقى بضعة أيام أخرى في نيويورك" لإيحاء أن هناك شيئا ما (يتم العمل عليه)؛ يجب عليهم تحمل مسؤولية هذا الضعف الواضح" الذي ظهر به بزشكيان.
واختُتم المقال: "إن المبادئ الكبرى للسياسة الخارجية للبلاد تتجاوز صلاحيات رئيس الجمهورية"