تستمر عمليات الإجلاء السبت في مناطق جبال الأورال الروسية التي غمرتها فيضانات عارمة تجتاح أيضاً كازاخستان المجاورة حيث تم إجلاء أكثر من مئة ألف شخص، من دون أن تلوح بوادر أي انفراج مع استمرار ارتفاع مستوى المياه.
نجمت هذه الفيضانات عن أمطار غزيرة مرتبطة بارتفاع درجات الحرارة وتسارع ذوبان الثلوج وتفكّك الجليد الشتوي الذي يغطي الأنهار والجداول.
وفي أورنبرغ، إحدى أكثر المدن تضرّراً في المنطقة الروسية التي تحمل الاسم نفسه والمتاخمة لكازاخستان، غمرت مياه نهر الأورال جزئياً بعض الطرق وتدّفقت إلى المناطق السكنية، محوّلة الأحياء إلى برك.
وبلغ ارتفاع مستوى النهر صباح السبت 11,71 متراً، بحسب السلطات المحلية. وهذا أعلى بكثير من العتبة التي تعتبر حرجة، ويمثّل زيادة أخرى تبلغ حوالى 42 سنتيمتراً مقارنة باليوم السابق.
وقالت بلدية المدينة إنّه تم إجلاء نحو 14 ألف شخص بينما غمرت المياه آلاف المنازل. ويواصل عمّال الإنقاذ وسلطات إنفاذ القانون مساعدة السكّان على مغادرة منازلهم السبت.
وقال ألكسندر بودارجين (25 عاماً) في أحد أحياء أورنبرغ التي غمرتها المياه إن "الوضع صعب".
وأكّد بودارجين الذي يعمل في مجال الخدمات اللوجستية أن "المياه غمرت منزل والديّ بالكامل تقريباً أمس". واضاف أن الجيران أرسلوا مقطع فيديو يظهر المنزل الذي غادره والداه، مغموراً بالمياه "حتّى مستوى السطح".
وأشار بودارجين الذي يقيم في برج سكني تحيط به المياه حالياً إلى أنه "لسوء الحظ، تقترب المياه منا أيضاً... ولا أعرف كيف ستتطوّر الأمور".
ويقيم بودارجين في أحد الطوابق العليا بينما تصل المياه في الفناء حتى مستوى الركبة. وهو يسكن في حي بات أشبه بجزيرة وللوصول إلى مناطق أخرى في أورنبرغ سيحتاج الآن إلى قارب.
أمّا فاليري وهو ستيني تم إجلاؤه، فيبدو متفائلاً. وقال "أهم شيء هو ألا يُنهب (المنزل). هذا ما يقلقني. باستثناء ذلك كل شيء على ما يرام! سننجو!".
وتلتقط السلطات السكّان الذين يتم إجلاؤهم باستخدام شاحنات كبيرة تابعة للشرطة يمكنها المرور عبر المياه. ومن بينهم يختلط الأطفال الذين يرتدون أحذية المطر مع البالغين الذين يحملون حقائب سفر أو حتى أقفاص حيواناتهم الأليفة.
وأكّد المسؤول في وزارة حالات الطوارئ إلدار رحمتوف أنه لاحظ "زيادة في عدد المنازل التي غمرتها المياه هذا الصباح، ويجري تنظيم المزيد من عمليات الإجلاء".
لكن على الرغم من الظروف، يبدو أن المدينة تحافظ على الهدوء وحياة شبه طبيعية، مع بقاء وسائل النقل وبعض الشركات مفتوحة.
"مياه غدّارة"
يأتي بعض السكّان الذين لم يتأثروا بعمليات الإخلاء، لمشاهدة هذه الفيضانات التاريخية، تحت إشراف أمني كبير.
وقال المصمّم دميتري سورناتشيف (62 عاماً) "لم يكن الأمر هكذا منذ 1942". وأضاف "بالطبع أشعر بالأسف تجاه الناس"، لكن لم يكن ينبغي على حد قوله، الترخيص بالبناء "في سهل فيضان" النهر.
أمّا المتقاعد أناتولي (65 عامًا) فكان منشغلاً بقياس مستوى المياه الذي بلغ 15 سنتم أخرى أثناء الليل. وقال "كنت أعيش هنا منذ 42 عاماً" وحدثت ثلاثة فيضانات "لكن هذا هو الأكبر".
إلى الشرق، تواجه منطقة كورغان خطر أن تغمرها المياه في الأيام المقبلة.
ودعا حاكم المنطقة فاديم تشومكوف سكان المناطق المتضرّرة إلى مغادرة منازلهم "وقائياً" من دون انتظار ارتفاع المياه أكثر.
ولفت إلى أن "المياه غدارة، وبحجمها الحالي لا يمكن التنبؤ إلى أن حد سترتفع". وأضاف نقلاً عن توقّعات السلطات، أنه من المتوقّع حدوث "ارتفاع حاد" في مستوى المياه في الأيام المقبلة، ما ينذر "بوضع صعب".
في كازاخستان، التي تشترك في حدود طولها 7500 كيلومتر مع روسيا، وصلت المياه إلى ضواحي مدينة بتروبافلوسفك، عاصمة منطقة شمال كازاخستان ويبلغ عدد سكانها 220 ألف نسمة صاروا محرومين جزئياً من الكهرباء والمياه الصالحة للشرب.
وفي المجموع تم إجلاء أكثر من 103 آلاف شخص في هذه الدولة الشاسعة في آسيا الوسطى، ثلثهم من الأطفال، بينما غمرت المياه نحو خمسة آلاف منزل حتى الآن وعزلت 73 بلدة، حسب وزارة الحالات الطارئة.
وتم إجلاء آلاف الأشخاص في روسيا، لكن العدد الدقيق غير معروف.
ولم يتم بعد تحديد مدى تأثير تغيّر المناخ لكن العلماء يؤكدون أن ظاهرة الاحتباس الحراري تحفز الظواهر الجوية القصوى مثل هطول أمطار غزيرة تسبب فيضانات.
وتحرّك بعض السكان في أورسك بجبال الأورال للاحتجاج على إدارة السلطات المحلية للأزمة.
ورغم هذه الاحتجاجات وخطورة الوضع، لم يعلن حتى الآن عن أي زيارة للرئيس فلاديمير بوتين إلى هذه المناطق.