تشكّل منطقة مضيق هرمز التي احتجزت إيران في محيطها السبت سفينة قائلةً إنها "مرتبطة" بإسرائيل، نقطة عبور استراتيجية لتجارة النفط العالمية.
وتأتي عملية احتجاز السفينة في سياق توتّرات شديدة في الشرق الأوسط على خلفية الحرب بين إسرائيل وحركة "حماس" الفلسطينية في قطاع غزة التي بدأت في تشرين الأول (أكتوبر).
ومنذ ذلك الحين نُفّذت عشرات الهجمات في البحر الأحمر وخليج عدن ضد سفن تجارية، وأعلن المتمرّدون الحوثيون اليمنيون مسؤوليتهم عنها تضامناً مع الفلسطينيين.
بوابة الخليج
يقع مضيق هرمز بين إيران وسلطنة عمان ويربط الخليج بخليج عمان. وهو عرضة لمخاطر خصوصاً بسبب ضيق عرضه البالغ حوالى 50 كيلومتراً، وعمقه الذي لا يتجاوز 60 متراً.
وتنتشر في المضيق جزر صحراوية أو جزر ذات كثافة سكانية منخفضة ولكنّها تتمتّع بأهمية استراتيجية كبيرة بينها جزر هرمز الإيرانية، وجزيرتا قشم ولارك قبالة ساحل بندر عباس الإيراني.
وعلى الساحل العماني تقع شبه جزيرة مسندم قبالة إيران، وتفصلها عن بقية السلطنة أراضٍ تابعة للإمارات.
وقبالة سواحل الإمارات، تشكّل "الجزر الاستراتيجية" الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى نقطة تطل على كل سواحل دول الخليج: الإمارات، قطر، البحرين، السعودية، الكويت، العراق، وإيران وعمان.
وتحتل إيران هذه الجزر منذ العام 1971، بعد خروج القوّات البريطانية من المنطقة.
رئيسي بالنسبة للنفط
ويُعدّ مضيق هرمز إلى حد بعيد طريق الشحن الرئيسي الذي يربط الدول الغنية بالنفط في الشرق الأوسط بأسواق آسيا وأوروبا وأميركا الشمالية.
وفي العام 2022، عبر المضيق نحو 21 مليون برميل من النفط الخام يومياً، وفقاً لوكالة الطاقة الأميركية، ما يمثل نحو 20 بالمئة من الاستهلاك العالمي للنفط السائل.
وقد يؤدي أي اضطراب يطال الشحن في هذا المضيق وحتى ولو كان موقتاً إلى ارتفاع أسعار الطاقة عالمياً.
وأكّدت وكالة الطاقة الأميركية أنّ المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لديهما وحدهما شبكة من خطوط أنابيب النفط تسمح لهما بتجاوز مضيق هرمز.
توتّرات
تندّد إيران التي تعتبر نفسها حامية للخليج بوجود قوات أجنبية فيه أبرزها الأسطول الخامس الأميركي المتمركز في البحرين.
وهدّدت إيران مراراً بإغلاق مضيق هرمز في حال قيام الولايات المتحدة بعمل عسكري في المنطقة.
وتعود إحدى أبرز الاضطرابات في مجال نقل النفط إلى العام 1984، في خضم الحرب الإيرانية العراقية (1980-1988) خلال "حرب الناقلات"، حين تم تدمير أو إلحاق ضرر بأكثر من 500 سفينة.
وفي تموز (يوليو) 1988 تحطّمت طائرة "إيرباص إيه-300" تابعة للخطوط الجوية الإيرانية، متوجهة من بندر عباس إلى دبي، بعيد إقلاعها، إثر إصابتها بصاروخين أطلقا من فرقاطة أميركية في مضيق هرمز. قتل 290 شخصاً في الكارثة. وأكّد فريق الفرقاطة "يو أس أس فينسين" أنه اعتقد أن الطائرة كانت مقاتلة إيرانية تحلّق لأهداف عدائية.
تزايد الحوادث
وتزايدت الحوادث في هذه المنطقة البحرية منذ انسحاب الولايات المتحدة في العام 2018 من الاتّفاق النووي مع إيران وإعادة فرضها عقوبات على الجمهورية الإسلامية.
وفي العام 2019، أثارت هجمات غامضة على سفن في منطقة الخليج، وإسقاط طائرة مسيّرة واحتجاز ناقلات نفط، مخاوف من تصعيد بين طهران وواشنطن.
وفي 29 تموز (يوليو) 2021، أدّى هجوم في بحر عمان على ناقلة نفط تشغلها شركة يملكها ملياردير إسرائيلي إلى مقتل شخصين، بريطاني وروماني.
واتّهمت إسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا ورومانيا طهران، التي نفت أي تورّط لها.
الولايات المتحدة تنشر قوّات
في آب (أغسطس) 2023، نشرت الولايات المتحدة أكثر من 3 آلاف جندي في البحر الأحمر لردع إيران عن مصادرة ناقلات النفط، في حين نصحت قوات بحرية غربية السفن التي تعبر مضيق هرمز بعدم الاقتراب من المياه الإيرانية لتجنّب خطر مصادرتها.
وقال الجيش الأميركي حينها إن إيران استولت أو حاولت الاستيلاء على نحو 20 سفينة ترفع أعلاماً دولية في المنطقة خلال العامين الماضيين.
وفي كانون الأول (ديسمبر)، أعلنت واشنطن تشكيل تحالف في البحر الأحمر من عشر دول لمواجهة هجمات المتمردين الحوثيين المتكرّرة على السفن التي يعتبرونها "مرتبطة بإسرائيل".