أفادت أربعة مصادر مطّلعة لـ"رويترز" بأن روسيا وأوكرانيا خاضتا مفاوضات لشهرين مع تركيا بشأن اتّفاق لضمان سلامة الشحن في البحر الأسود وتوصّلتا إلى اتّفاق بشأن نص كان من المقرّر أن تعلنه أنقرة لكن كييف انسحبت فجأة.
وذكرت المصادر التي تحدّثت إلى "رويترز" شريطة عدم الكشف عن هويتها بسبب حساسية مثل هذه المحادثات أن المفاوضات توسّطت فيها تركيا بعد دعوات من الأمم المتحدة.
وتم التوصّل إلى اتّفاق في آذار (مارس) "لضمان سلامة الشحن التجاري في البحر الأسود"، ورغم أن أوكرانيا لم تكن ترغب في التوقيع عليه رسمياً، فقد أعطت كييف موافقتها للرئيس التركي رجب طيب إردوغان لإعلانه في 30 آذار (مارس) قبل يوم من انتخابات البلدية الحاسمة، وفقاً لما أفادته المصادر.
وقال أحد المصادر "في اللحظة الأخيرة، انسحبت أوكرانيا فجأة وتم إلغاء الاتّفاق".
وأكّدت المصادر الثلاثة الأخرى هذا الحديث. وأحجمت روسيا وأوكرانيا وتركيا عن التعليق.
ولم يتضح بعد سبب انسحاب أوكرانيا. وذكر الأشخاص الذين تحدّثوا إلى "رويترز" أنهم لا يعرفون السبب الذي دفع كييف إلى اتخاذ القرار.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في شباط (فبراير) إنه بدون مساعدة عسكرية أميركية جديدة، لن تتمكّن أوكرانيا من الدفاع عن ممر الشحن في البحر الأسود الذي يعانق ساحلها الغربي على البحر الأسود بالقرب من رومانيا وبلغاريا.
تقدّم المحادثات حول صفقة الشحن، والتي لم يتم الإعلان عنها من قبل، لمحة عن الدبلوماسية الهادئة التي تجري خلف أبواب مغلقة حول سبل إقناع الجانبين المتحاربين بالتفاوض، ولو بشكل مبدئي، حول الشحن التجاري.
وعندما طلب منه التعليق على تقرير "رويترز"، قال المتحدّث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك "مازلنا نأمل أن تسود حرية الملاحة البحر الأسود".
وتحاول تركيا والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش منذ أشهر تأمين حرية الملاحة بشكل أكبر للسفن التجارية عبر البحر الأسود، الذي تحولت بعض المناطق فيه إلى ساحة حرب بحرية منذ غزو روسيا لأوكرانيا في عام 2022.
ويعد البحر الأسود طريقاً رئيسياً لكل من روسيا وأوكرانيا لتصدير المنتجات السائبة مثل الحبوب والأسمدة والنفط إلى الأسواق العالمية، على الرغم من انخفاض أحجام الشحن البحري بشكل كبير منذ الحرب.
محادثات روسية أوكرانية
جاء في نص الاتفاق، الذي اطّلعت "رويترز" على نسخة منه، أن تركيا توصلت "في إطار جهود الوساطة" إلى اتفاقات مع أوكرانيا وروسيا "بشأن ضمان حرية وأمن الملاحة للسفن التجارية في البحر الأسود" امتثالا لاتفاقية مونترو بشأن نظام المضايق.
تمنح اتفاقية عام 1936 تركيا السيطرة على مضيق البوسفور والدردنيل والقدرة على تنظيم عبور السفن الحربية البحرية.
وتضمن حرية مرور السفن المدنية في وقت السلم وتقيد حركة مرور السفن غير التابعة لدول منطقة البحر الأسود.
وبموجب الاتفاق الذي كاد أن يعلن في 30 آذار (مارس)، كانت كل من موسكو وكييف ستقدّم ضمانات أمنية للسفن التجارية في البحر الأسود مع الالتزام بعدم استهدافها أو الاستيلاء عليها أو تفتيشها طالما أنها إما فارغة أو تم تحديد أنها تحمل شحنة غير عسكرية.
وجاء في مسودّة الاتفاق أن "هذه الضمانات لا تنطبق على السفن الحربية والسفن المدنية التي تحمل بضائع عسكرية (باستثناء النقل البحري الذي يتفق عليه الطرفان في إطار المهام الدولية)".
وجاء في المسودّة أن "الجمهورية التركية تبلغ الأمين العام للأمم المتحدة بأنه تم التوصّل إلى الاتفاق ويجري تنفيذه من خلال وساطة الجمهورية التركية. ويدخل الاتفاق حيز التنفيذ فور الإعلان عنه".
وساعدت تركيا والأمم المتحدة في التوسّط في مبادرة تصدير الحبوب عبر البحر الأسود، وهي اتفاق تم التوصل إليه في تموز (يوليو) 2022 وسمح بتصدير نحو 33 مليون طن من الحبوب الأوكرانية من البحر الأسود بشكل آمن.
وانسحبت روسيا من الاتفاق في تموز (يوليو) 2023، واشتكت من أن صادراتها من المواد الغذائية والأسمدة تواجه عقبات هائلة.