تواجه وكالات التنمية التي تجتمع في واشنطن خلال الأيام المقبلة واحدة من أصعب معاركها منذ أعوام لإقناع الدول الثرية القلقة إزاء الحروب في الخارج والانتخابات في الداخل بتخصيص المزيد من الأموال للدول الأكثر فقرا في العالم.
وتشهد التنمية في العالم الفقير تراجعا بمعدل تاريخي وسط أزمات الديون واستمرار أسعار الفائدة العالمية المرتفعة لفترات أطول وتزايد الاحتياجات الاستثمارية. وفي الوقت نفسه، تحتاج هذه الدول إلى تريليونات إضافية سنويا لتحقيق أهداف الإنفاق المناخي وحدها.
وفي الجولة السابقة من اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين في تشرين الأول (أكتوبر)، توقع زعماء العالم أن يتراجع معدل التضخم في الدول الثرية بسرعة أكبر مما حدث بالفعل.
ومنذ ذلك الحين، فرض الصراع الآخذ في التوسع في الشرق الأوسط والحرب المستمرة في أوكرانيا ضغوطا تمويلية إضافية، مما أدى إلى تراجع إقبال الدول الثرية على الإنفاق على مساعدات التنمية.
وقالت أوديل رينو باسو رئيسة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية لرويترز في لندن قبل الاجتماعات إن "القيود على الميزانية في عدد من الدول تتزايد... هناك المزيد من الإنفاق على الدفاع وهناك خلاف بشأن دعم مساعدات التنمية".
وأضافت: "الوضع العالمي صار صعبا بشكل متزايد".
وتستهدف المؤسسة الدولية للتنمية، وهي ذراع تابعة للبنك الدولي معنية بإقراض الدول الفقيرة، التزامات قياسية تتجاوز آخر تحديث والذي بلغ 93 مليار دولار، والذي استنفدته في وقت مبكر بسبب جائحة كوفيد-19 وتداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا.
وقال ديرك راينرمان مدير المؤسسة لرويترز: "تمكنا من فعل المزيد بنفس المستوى من مساهمات المانحين... المشكلة هي أن هذه المساهمات تقترب ببطء من نهايتها... نقطة الصفر عندما نستنفدها بالكامل، تقترب أكثر فأكثر".
وفي التحديث الأخير للموارد، ساهمت 52 من الدول ذات الدخل المرتفع والمتوسط، في مقدمتها الولايات المتحدة واليابان وألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا.
لكن الكثير من هذه الدول تعاني من الإرهاق كمانحين. وخفضت فرنسا والمملكة المتحدة بشكل كبير المساعدات الخارجية في السنوات الأخيرة، في حين أدت المعارك السياسية في الولايات المتحدة قبيل الانتخابات الرئاسية إلى تعطيل التزامات الإنفاق الخارجي الأخرى، بما في ذلك لإسرائيل وأوكرانيا.
ووفقا لتقرير حديث للأمم المتحدة، سجلت مساعدات التنمية الرسمية على مستوى العالم رقما قياسيا في عام 2022، لكن الحصة المخصصة منها للدول النامية انخفضت بنسبة اثنين بالمئة.
وقالت جوليا بيليغريني، المسؤولة في "أليانز غلوبال إنفيستورز" إن الحصول على أموال من المؤسسة الدولية للتنمية، أو بنك آخر متعدد الأطراف مثل البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، يمكن أن يحفز المقرضين من القطاع الخاص ومستثمري سندات اليورو على فتح محافظهم.
وأضافت: "رؤية تصويت قوي بالثقة من بعض هذه الهيئات متعددة الأطراف، ومنحها التمويل الميسر هو وسيلة للقول إن هذه الدول تشرع في إصلاح إيجابي".
وقال راينرمان إن الدعم الذي تقدمه المؤسسة الدولية للتنمية من البنك الدولي نفسه ومؤسسات أخرى قوي. لكنه أشار إلى أن ذلك لن يجعل تأمين الالتزامات أمرا سهلا.
وأضاف: "في الوقت الحالي يبدو الأمر وكأنه جبل حقيقي يجب تسلقه".