أكّد رئيس مؤتمر الأطراف "COP28" سلطان أحمد الجابر أنّه "بفضل الرؤية الاستشرافية للقيادة، تمتلك دولة الإمارات مكانة رائدة عالمياً في مجالات الطاقة النظيفة والتنمية الاقتصادية المستدامة أهلتها لقيادة منظومة العمل المناخي الدولي وبناء مستقبل أفضل للبشرية وكوكب الأرض. وتماشياً مع رؤية القيادة، تحرص رئاسة COP28 على تعزيز التعاون الدولي لإنجاز عمل مناخي فعّال وداعم للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة بما يتماشى مع بنود اتّفاق الإمارات التاريخي".
وأشار، في كلمة له خلال جلسة رفيعة المستوى ضمن حوار بطرسبرغ للمناخ الذي يُعقد سنوياً، إلى أن "اتّفاق الإمارات التاريخي أصبح الإطار المرجعي للطموح المناخي العالمي والتنمية المستدامة منذ إقراره في دبي في العام الماضي، لأنّه حقق إنجازات عبر مختلف القطاعات وركائز العمل المناخي بما فيها التخفيف والتكيّف والتمويل، وحدّد مساراً واضحاً لتحقيق انتقال منظم ومسؤول وعادل ومنطقي في قطاع الطاقة، بما يتماشى مع الحقائق العلمية، ويحافظ على إمكانية تفادي تجاوز الارتفاع في حرارة كوكب الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية".
وأشاد بـ"نجاح الأطراف في التوافق على إدراج الالتزام بأهداف محددة زمنياً لزيادة القدرة الإنتاجية العالمية لمصادر الطاقة المتجدّدة ضمن الاتّفاق للمرّة الأولى في مؤتمرات الأطراف، وتحقيق إنجازات غير مسبوقة لحماية الطبيعة وتطوير التمويل المناخي، ودعم الدول الأكثر تعرضاً لتداعيات تغيّر المناخ من خلال تفعيل وبدء تمويل صندوق عالمي يختص بالمناخ ومعالجة هذه التداعيات بعد 30 عاماً من الانتظار لهذه الخطوة، وكذلك إدراج القطاعات التي لم تحظ سابقاً بالاهتمام الكافي، مثل الغذاء والصحة، في جدول أعمال مؤتمرات الأطراف للمرّة الأولى، وإثبات جدوى العمل متعدد الأطراف وقدرته على تحقيق الأهداف العالمية حتى في الأوقات التي تشهد توترات جيوسياسية، وإمكانية تغليب التكاتف على الاستقطاب، بما يبعث رسالة من التفاؤل واحتواء الجميع في هذا التوقيت الحاسم بالنسبة إلى العمل المناخي".
وجدّد الإشارة إلى أن "ترويكا رئاسات مؤتمر الأطراف هي مبادرة غير مسبوقة للتعاون الثلاثي بموجب اتّفاق الإمارات بين رئاسات مؤتمرات الأطراف COP28 الذي أقيم في دولة الإمارات، وCOP29 الذي سيقام أذربيجان، وCOP30 الذي سيقام في البرازيل.
في السياق، وجّه دعوة من "الترويكا" إلى الأطراف كافة لـ"رفع سقف الطموح في الجولة المقبلة من المساهمات المحدّدة وطنياً، بحيث تتضمن خططاً لخفض الانبعاثات على مستوى الاقتصادات بأكملها، وتقديم خطط تكيف وطنية ممولة بشكل ملائم لحماية الطبيعة وتطوير النظم الغذائية".
ودعا جميع الدول إلى "تعزيز طموحاتها واتخاذ إجراءات فعّالة لإعداد خطط العمل المناخي الوطنية بما يتماشى مع اتّفاق الإمارات، بالتزامن مع وضع تطوير البنية التحتية الخضراء في صميم خططها، وتطبيق سياسات تحفيزية ذكية لتشجيع القطاعات الصناعية على الالتزام بأهداف العمل المناخي، واستقطاب استثمارات القطاع الخاص"، مشدداً على "ضرورة إجراء حوار صريح وشفاف حول سُبل الحفاظ على إمكانية تحقيق هدف 1.5 درجة مئوية بالتزامن مع ضمان أمن الطاقة وتعزيز النمو الاقتصادي".
ورأى أن "الانتقال المنشود في قطاع الطاقة يجب أن يساهم في تحسين سبل العيش وتوفير الفرص المناسبة للجميع، والحد من الانبعاثات وليس إبطاء معدلات النمو والتقدّم"، مشيراً إلى أنّه "سيستغرق وقتاً وسيتحقّق بسرعات مختلفة بحسب تباين الأماكن والظروف، وسيشكِّل نقلة نوعية على مستوى المنظومة بأكملها، وسيوفّر أكبر فرصة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية منذ العصر الصناعي الأول".
وأشار إلى أن "الانتقال المنظم والمسؤول والعادل في قطاع الطاقة يحتاج إلى القيام باستثمارات كبيرة بالتزامن مع رفع مستويات التمويل المناخي بشكل ملموس وفعّال"، مؤكداً أنّه "لا يمكن للعالم أن يتخلّى عن منظومة الطاقة الحالية قبل بناء منظومة الطاقة المستقبلية".
وسلّط الجابر الضوء على أربع أولويات استثمارية رئيسة في هذا المجال، هي البنية التحتية، والتكنولوجيا، والموارد البشرية، وتطوير دول الجنوب العالمي، موضحاً أن "العالم يحتاج إلى استثمار 6 تريليونات دولار على الأقل في خلال 6 أعوام لتحقيق القدرة الإنتاجية المستهدفة من الطاقة المتجدّدة لعام 2030 والبالغة 11 تيراواط، بالإضافة إلى استثمار بمستوى مماثل لتحديث الشبكات الكهربائية القديمة أو إنشاء شبكات جديدة في المناطق التي تفتقر إلى التغطية، خاصةً الدول النامية".
وأكّد "أهمية الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لترشيد استهلاك المياه، وتحقيق تغيير إيجابي جذري في مجال كفاءة استخدام الطاقة وخفض الانبعاثات، من خلال التغلّب على تحديّات استقرار الإمدادات التي تواجه شبكات الطاقة المتجددة"، مطالباً بـ"تعزيز استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في القطاعات كثيفة الاستخدام للطاقة والمياه لتوسيع نطاق الاستفادة منها بصورة أسرع، ما يتطلّب استثمار كافة الدول في مواردها البشرية وتطوير مهاراتهم لتلبية احتياجات الاقتصاد الأخضر الجديد".
ولفت إلى "ضرورة تعزيز الاستثمار في دول الجنوب العالمي"، مشيراً إلى أن "أكثر من 120 دولة نامية تحصل على 15% فقط من الاستثمارات العالمية في مجال الطاقة المتجدّدة، ما يوضح ضرورة قيام بنوك التنمية متعدّدة الأطراف بتوفير مزيد من التمويل لهذه الدول بشروط ميسّرة وبتكلفة مناسبة".
لقاءات
إلى ذلك، أجرى الجابر عدداً من اللقاءات الثنائية على هامش الحوار مع كلٍ من رئيس أذربيجان إلهام علييف، وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك ووزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه.
وخلال المؤتمر، استضافت ترويكا رئاسات مؤتمر الأطراف اجتماعاً وفق أسلوب المجلس الإماراتي لمناقشة الانتقال المنشود في قطاع الطاقة تحت عنوان "خريطة الطريق لمهمة الحفاظ على إمكانية تحقيق هدف 1.5 درجة مئوية: دعم تحقيق مخرجات اتفاق الإمارات بشأن الانتقال المنظم والمسؤول والعادل في قطاع الطاقة"، ليكون أول اجتماع ضمن سلسلة "مجالس العمل الطَموح" التي ستتم استضافتها استعداداً لـ COP29.
وشهد المجلس نقاشاً تم خلاله التأكيد على دعوة الترويكا للدول، من خلال منظومة الأمم المتحدة، إلى تقديم مساهمات وطنية أعلى طموحاً في توقيت مبكر، بما يتماشى مع "اتفاق الإمارات".
وقال الجابر إن "هيكل المجلس وروح التعاون التي سادته خلال COP28، واجتماع الأطراف على قدم المساواة، ساهم في تجاوز الخلافات وتقريب وجهات النظر".
وأعرب عن "حرص رئاسة المؤتمر على تطبيق الهيكل ذاته واستعادة روح التعاون لإجراء مناقشات صريحة وشفافة وعملية حول متطلبات تحقيق انتقال منظم ومسؤول وعادل ومنطقي ومرن في قطاع الطاقة".