أدى الجنرال محمد إدريس ديبي، رئيس المجلس العسكري في تشاد لثلاث سنوات قبل انتخابه رئيسا في اقتراع قاطعته المعارضة، اليمين الدستورية الخميس لولاية مدتها خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة.
ويضع انتخابه في 6 أيار (مايو) بنسبة 61% من الأصوات حدا لفترة انتقالية أُعلن في بدايتها رئيسا للدولة من جانب المجلس العسكري الحاكم. وجاء ذلك بعد مقتل والده إدريس ديبي اتنو على أيدي متمردين وهو في طريقه إلى الجبهة، بعد أن حكم تشاد بقبضة حديدية لأكثر من 30 عاما.
وقال رئيس الدولة وهو يرتدي ثوبا تقليديا أبيض اللون، أمام أعضاء المجلس الدستوري ومئات الضيوف في قصر الفنون والثقافة في نجامينا، "نحن محمد إدريس ديبي إتنو (...) نقسم أمام الشعب التشادي وبشرفنا (...) أن نقوم بالمهام السامية التي أوكلتها إلينا الأمة".
وبعد أن أشاد في خطاب "بالعودة إلى النظام الدستوري"، وعد بأن يكون "رئيسا للتشاديين من جميع الخلفيات والحساسيات".
"سلالة ديبي"
كما أن انتخاب هذا الجنرال البالغ 40 عاما، في تصويت اعتبرته المنظمات غير الحكومية الدولية "فاقدا للمصداقية"، يمثل أيضا نهاية فترة انتقالية اتسمت بقمع شرس، ودموي أحيانا، للمعارضة التي تدعو إلى إنهاء 34 عاما من حكم "سلالة ديبي".
وكان المعارض السابق سوكسي ماسرا الذي عينه ديبي رئيسا للوزراء قبل أربعة أشهر، قد ترشح للانتخابات في خطوة اعتبرتها المعارضة أنها تضفي "ديموقراطية شكلية" على "اقتراع محسوم مسبقا".
ولم يحصل ماسرا رسميا إلا على 18,54% من الأصوات، لكنه أعلن فوزه قبل أن يتراجع داعيا أنصاره إلى "مواصلة النضال السياسي (...) سلميا". وقدم ماسرا استقالته الأربعاء وتغيب عن حفل التنصيب.
تهنئة من ماكرون وبوتين
كان الحفل أيضا فرصة، من خلال قياس عدد زعماء الدول الحاضرين، لمعرفة ما إذا كان المجتمع الدولي لا يزال يدعم ديبي الذي صمت عن تعيينه عام 2021، بينما يندد بالانقلابيين العسكريين وفرض عقوبات عليهم في كل مكان آخر في إفريقيا. في النهاية، قام ثمانية رؤساء دول، جميعهم أفارقة، بالرحلة إلى نجامينا، فيما أوفد البعض الآخر وزراء، والبقية سفراء.
وأوفد الفرنسي إيمانويل ماكرون، وهو أحد رؤساء الدول الغربية القلائل الذين "هنأوا" ديبي علنا على انتخابه، وزيره المنتدب المسؤول خصوصا عن التجارة الخارجية والفرانكفونية فرانك ريستر إلى حفل التنصيب.
وتعتبر تشاد، إحدى أفقر دول العالم، ركيزة إقليمية للحرب ضد الجهاديين في منطقة الساحل. وتحتفظ باريس بألف من جنودها هناك، في حين اضطرت إلى سحب قواتها من مالي وبوركينا فاسو والنيجر التي تتقارب مع روسيا سياسيا وعسكريا.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أوائل زعماء الدول الذين هنأوا محمد ديبي على انتخابه.
"انتهاكات"
بالتناغم مع المعارضة التي دعت إلى المقاطعة، انتقدت منظمات غير حكومية دولية مثل الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان الانتخابات التي "لم تكن ذات مصداقية، ولا حرة، ولا ديموقراطية... في سياق مشحون تميز (...) بتزايد انتهاكات حقوق الإنسان".
لقد قمع المجلس العسكري كل أطياف المعارضة بعنف لمدة ثلاث سنوات، واستبعد أبرز منافسي الجنرال ديبي من الانتخابات، في بلد تتالت فيه منذ استقلاله عن فرنسا عام 1960 الانقلابات والأنظمة الاستبدادية.
في 20 تشرين الأول (أكتوبر) 2022، قُتل ما لا يقل عن 300 شاب برصاص الجيش والشرطة أثناء تظاهرهم ضد المجلس العسكري، وفق منظمات غير حكومية محلية ودولية. وأقرت السلطات بمقتل خمسين متظاهرا. كما تم ترحيل أكثر من ألف موقوف لمدة شهر إلى مستعمرة عقابية وسط الصحراء، و"تم إعدام" بعضهم في الطريق أو تعرضوا للتعذيب، بحسب المنظمات غير الحكومية نفسها والمعارضة.
وقبل شهرين من الانتخابات، قُتل يحيى ديلو، ابن عمة محمد ديبي وأشرس منافسيه في الانتخابات الرئاسية، على يد قوات الأمن أثناء اقتحامها مقر حزبه الذي قال إنه "اغتيل" بـ"رصاصة في الرأس". ودعت دول غربية ومنظمات غير حكومية، دون جدوى، إلى إجراء تحقيق مستقل في الواقعة.